حضانة الطفل فارس: ماذا بعد "عنف" تسليمه إلى أبيه؟

حنان حمدان
الجمعة   2018/06/22
أكد وزير العدل ضرورة احترام حقوق القاصرين وعدم تعريضهم لحالات مؤذية (ريشار سمور)

باتت قضية الطفل فارس صيداني (9 سنوات) في عهدة محكمة الأحداث، وتقرر عرضه على اختصاصي نفسي بهدف التحقق من مدى توافر شروط الخطر الموجب للحماية، وفق ما أكدت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، في بيان الخميس في 21 حزيران 2018.

هذا الإجراء، اتخذ بعدما ندد كثيرون بالطريقة العنيفة وغير المقبولة التي رافقت تنفيذ قرار نقل الحضانة الصادر عن المحكمة الشرعية السنية، الذي قضى بتسليم ميساء منصور ابنها فارس إلى أبيه، بالقوة باقتحام المنزل وخلع الأبواب وسط صراخ الطفل واستنجاده بوالدته التي حاولت مراراً تطمين طفلها، لكن من دون جدوى.

بدا مشهد اقتحام القوى الأمنية شبيهاً إلى حد كبير باعتقال المجرمين، وربما سيبقى الخوف الذي تسلل إليه لحظتها راسخاً في عقله وقلبه طوال حياته. فكيف للمحكمة الشرعية أن لا تكترث لهذا الشق الإنساني من القضية بمعزل عن أحقية حكمها أو عدمه؟

هذا الجانب طالبت به الهيئة من خلال طلبها ضرورة مراعاة العوامل النفسية وتداعياتها على الأم والأولاد القصر في القضايا التي يتم فيها الاستعانة بالقوى الأمنية لتنفيذ الأحكام القضائية بتسليم القاصرين لأحد الوالدين، لاسيما لجهة حضور مرشدة اجتماعية تضمن احترام حقوق القاصرين وعدم تعريضهم لحالات مؤذية. وهذا ما أكده وزير العدل سليم جريصاتي إثر انتشار الفيديو على السوشيل ميديا.

أما المحكمة الشرعية فإنها اكتفت بتبرير قرارها حرمان الطفل من أمه قبل عمر 12 سنة (وهو سن انتقال الحضانة من الأم إلى الأب لدى الطائفة السنية في لبنان) واسقاط حقها في الحضانة، بأن الأم امتنعت عن السماح للوالد برؤية فارس، رغم حقه في ذلك.

الأمر الذي انتقده كل من المجلس النسائي اللبناني والاتحاد اللبناني لرعاية الطفل وشبكة حقوق الأسرة، في بيان الخميس، واعتبرت أن الحكم يخالف نصوص القرار رقم 46 تاريخ 1 تشرين الأول 2011 الصادر عن المجلس الإسلامي الشرعي، الذي اعتبر إصلاحاً متقدماً لقضايا الأسرة الإسلامية. وما استند إليه القرار لا يسقط الحضانة عن الأم، لاسيما لجهة فرضية عدم تمكين الوالد من مشاهدة الطفل التي استند إليها، إذ كان يمكن تقديم دعوى مشاهدة وفرضها على الأم.

ففي الفصل الرابع من القرار، المتعلق بالحضانة، تؤكد المادة 15 انتهاء الحضانة في عمر 12، وتنص المادة 16 منه، على: "في حال انتهت مدة الحضانة قبل انقضاء العام الدراسي، فإنها تمدد حتى انتهائه، وهنا أخذ الطفل في فترة الامتحانات المدرسية". الفقرة د من المادة 20 أيضاً، تقول: "إذا انتهت مدة الحضانة وكان المحضون مريضاً مرضاً عقلياً أو مقعداً، فللقاضي أن يبقيه عند أمه إذا تبين في ذلك مصلحته، والطفل لديه حالة صحية خاصة". وتقول المادة 25: "حق الحضانة لا يسقط بالتنازل وإنما بالموانع الشرعية ويعود عند زوالها". أما المادتان 27 و 28، فليستا سبباً لاسقاط الحضانة. وبناء على ما عرض، يُطلب إبطال حكم اسقاط الحضانة عن الأم مع تأكيد حق الوالد بالمشاهدة واستضافة القاصر، وبإبعاد الطفل عن خلافات الأبوين.

هذه القراءة القانونية لهذا القرار النادر الذي بات محط مخاوف لدى هذه المجموعات من أن يتكرر فتصبح السابقة أحكاماً متكررة تصب في هذا الاتجاه، فيضيع العمل الحثيث الذي ناضل من أجله كثيرون لرفع سن الحضانة لدى الطائفة السنية، وفق رئيسة المجلس النسائي اللبناني إقبال دوغان لـ"المدن".