معركة الأسد طويلة: كيف سيطلب من حزب الله الخروج؟

منير الربيع
الجمعة   2018/06/15
حاجة الأسد إلى القوى العسكرية لحزب الله وإيران ستستمر (Getty)
خرج رئيس النظام السوري بشار الأسد مبدداً كل الكلام الذي قيل عن مطالبة النظام حزب الله بالانسحاب من سوريا، بناء على معطيات دولية وروسية. قال الأسد: "المعركة طويلة ومستمرة. وهناك حاجة إلى هذا الحلف الثلاثي أي السوري الإيراني الروسي وإذا اعتبرناه رباعياً بدخول حزب الله، نتحدث عن الحلف الثلاثي كدول ولكن في النهاية حزب الله عنصر أساسي في هذه الحرب. فالمعركة طويلة والحاجة إلى هذه القوى العسكرية ستستمر لفترة طويلة. وعندما يكون هناك حاجة، وعندما يعتقد الحزب أو إيران أو غيرهما بأن الإرهاب قضي عليه هو سيقول لنا نحن نريد أن نعود إلى بلدنا. فكما قال السيد، لديهم عائلات ومصالح يومية وهذا الشيء الطبيعي ولكن من المبكر الحديث عن هذا الموضوع".

لم يوح الأسد بإمكانية مطالبة النظام السوري القريبة الحزب والإيرانيين بالانسحاب من سوريا. وهذا يعني استمرار إيران الامساك بأوراق القوة القادرة على استخدامها في مواجهة أي محاولة لتطويقها. يأتي كلام الأسد في إطار ترتيب الوضع مع إيران. فيما تؤكد معلومات أن الأسد يطمح إلى الخروج من العباءة الإيرانية، ولكن على قواعد أساسية واضحة، لا تستدعي ردّاً إيرانياً مدوياً. وتقول المصادر إنه يراهن على متغيرات دولية وإقليمية تحجّم النفوذ الإيراني في سوريا. إذ يصبح قادراً على تفعيل اتفاق العام 1974، برعاية روسية، تعيد تعويمه على المستوى الاقليمي والدولي.

ما بعد القمة الكورية الأميركية، سيكون الأمر مغايراً بالنسبة إلى طهران. كل المؤشرات تفيد بأن التوجه يذهب نحو الضغط على إيران. تراهن طهران على أن الاتفاق مع كوريا الشمالية لا يزال مبدئياً، فيما الشيطان يكمن في التفاصيل، خصوصاً أن كوريا لم تقدم شيئاً لأميركا، ولم تحصل على شيء منها. لكن الأكيد أن إيران تخشى التعرض لمزيد من الضغوط، وتحتسب لذلك. نقطة الضعف الأساسية لدى إيران تكمن في الوضع المالي والإقتصادي، ولكن ذلك لن يفرض على طهران التنازل.

كان الرئيس حسن روحاني يراهن على الاتفاق النووي لتجنب الوضع المتدهور اقتصادياً، وكانت نظرته بأن الاتفاق سيغير الوضع في المنطقة، وسيفرض على خصوم إيران التطبيع معها. في المقابل، كان الحرس الثوري والمرشد علي الخامنئي، متشددين، وطالب خامنئي روحاني ببناء الاقتصاد المقاوم، لمواجهة أي ضغوط. فيما كانت أولوية روحاني في السياسة الخارجية، ليتبين أن الرياح جرت بما لم تشته السفن.

الجو الإيراني سيعود للاهتمام ببناء الوضع الداخلي، وتتعزز الوجهة الخاصة بالحرس، فيما يراهن روحاني على الأوروبيين، ولا مصلحة لإيران بإقفال أبواب التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، ولكن من دون المراهنة على هذا الأمر. ويسعى الإيرانيون إلى ترتيب وضعهم الداخلي عبر اتخاذ إجراءات لاستيعاب انخفاض التومان الإيراني مقابل الدولار، ومقابل الحفاظ على أوراق القوة في المنطقة.

يحاول الروس توجيه رسائل إلى الإيرانيين بشأن الضغط على حزب الله وإيران للانسحاب من سوريا، لكن روسيا تريد مقابلاً، لم تحصل عليه بعد من الأميركيين. الدور الروسي متماسك في سوريا، ولكن لم تحن لحظة إخراج الحزب وإيران من سوريا، قبل حصول اتفاق سياسي، ولن تتخلى موسكو عن أوراق قوتها. في مقابل تعزيز إيران أوراق القوة التي تمتلكها، والتي ظهرت في العراق انطلاقاً من قلب الطاولة عبر التحالف بين مقتدى الصدر وهادي العامري.

وهنا، لا ينفصل كلام قاسم سليماني عن حصول الفريق المؤيد لإيران في لبنان على 74 نائباً في الانتخابات الأخيرة. وهذه إشارة إلى استعراض طهران أوراق قوتها، وليس بالضرورة الذهاب إلى استخدام تلك الأوراق، بل التلويح بها لتثبيت القواعد. وهو تأكيد إيراني أنه لا يمكن محاصرة الجمهورية الإسلامية، وأن أي محاولة في هذا الإطار ستستدعي ردّاً في ميادين مختلفة. تراجع ما حكي عن اتفاقات وتفاهمات، سيعيد تعزيز مفهوم الغارات والمواجهات. ليبقى الوضع معلّقاً على آلية الردّ الإيرانية على هذه الضغوط.