عون يتوعد المعارضين: حكومة وحدة وطنية أو أكثرية

منير الربيع
الأحد   2018/05/06
يحمل موقف عون رسائل متعددة (علي علوش)

مرر رئيس الجمهورية ميشال عون موقفاً متقدّماً جداً في ما يخص تشكيل الحكومة. إذ تمنّى التوصل إلى تشكيل الحكومة سريعاً، على أن تكون حكومة وحدة وطنية، ولكن إذا تعذّر ذلك فستشكل الحكومة من قبل الأكثرية، فيما الطرف المعارض سيبقى في المعارضة. يعتبر الموقف جديداً واستباقياً لكثير من التطورات التي قد تكون منتظرة في مرحلة ما بعد الانتخابات. لا يمكن اغفال تشديد عون على ضرورة التوافق على التشكيلة الحكومية، كما درجت العادة في السنوات الماضية. لكن أيضاً لا بد من التوقف عند مسألة "حكم الأكثرية".

يحمل موقف عون رسائل متعددة، في سياقها الطبيعي والبديهي وبدون الذهاب نحو أبعاد غير مرئية حالياً. فهو يقصد كل القوى التي سيكون لديها كتل نيابية داخل المجلس النيابي، لكنها لن تكون على وئام مع مسيرة العهد، أو معارضة لمساره. فهو أراد التأكيد أن هؤلاء يجب أن لا يكونوا موجودين ضمن التركيبة، لأنهم سيكونون كأحصنة متعارضة تشدّ العربة في الاتجاه المعاكس لأحصنة العهد. وهناك من يعتبر أن المقصود بهذه الرسائل هو القوات اللبنانية، التي قد تحصل على كتلة نيابية وازنة، لكن سلوكها الحكومي لا يوحي بانتاجية وفقاً للمسار التوافقي الذي يطبع طرفي التسوية، أي تيار المستقبل والتيار الوطني الحر. وكأن هناك من سيأخذ كلام الرئيس ليحاول منع القوات من المشاركة، أو فرض شروط قاسية عليها.

لكن القوات كانت قد استبقت هذا الموقف أو أي احتمال آخر، بإعلان رئيسها سمير جعجع بأنه يفضل تأجيل الحديث عن تسمية رئيس للحكومة إلى ما بعد الانتخابات، وذلك للدخول في مفاوضات معه تعيد تعزيز وضعية القوات، بعد ما تعرّضت له في حكومة العهد الأولى. كما أن الموقف القواتي ينطوي على شعور باحتمال وضع مزيد من العراقيل أمام مشاركتها في الحكومة الجديدة.

لكن السؤال الأساسي بالنسبة إلى كلام رئيس الجمهورية، هو ماذا سيكون الوضع إذا لم يحصل تيار المستقبل على الأكثرية؟ بالتالي، من سيُكلّف بتشكيل هذه الحكومة، بموجب كلام الرئيس حول الأكثرية؟ هذا الكلام يعيدنا إلى موقف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي اعتبر أن الحزب لم يحسم موقفه ولم يرشّح أي شخص لموقع رئاسة الوزراء. ووفق ما تشير مصادر قريبة من الحزب، فإن المسألة أولاً تتعلق بالأمور التقنية، لأن النتائج لم تصدر، وحين تصدر سيجري الحزب قراءة معمّقة في واقع الأرقام، وما ستكون قد أنتجته، لأن الحريري وفق حسابات الحزب لن يكون هو الزعيم السنّي الأوحد. إذ هناك شخصيات سنية معارضة له سيكون لها تمثيلها.

وإذا فاز كل من أسامة سعد، عبدالرحيم مراد وفؤاد مخزومي، بالإضافة إلى فيصل كرامي وجهاد الصمد أو كمال الخير، مع كتلة من ثلاثة نواب للرئيس نجيب ميقاتي، فهذا يعني أن الخطّ المعارض للحريري أصبح لديه كتلة نيابية. هذا بمعزل عن المعارضين للحريري الذين لا يلتقون مع الحزب. هذه كلها ستشكّل عوامل تصعّب وضع الحريري، كما أن الحزب سيتشاور مع حلفائه حيال اتخاذ موقف إزاء الشخصية التي سيتم تسميتها. وإذا اجتمع هؤلاء الحلفاء على ترشيح شخصية غير الحريري، فلا بد من أخذ اقتراحهم بالإعتبار. لكن هذا في النهاية سيؤدي إلى استعصاء في عملية التكليف، لأنه وفق التحالفات المرسومة أو المتوقعة، فلن يحصل أي شخص على الأكثرية اللازمة ليُكلف بتشكيل الحكومة.

يبقى هذا الكلام في الإطار النظري، لأنه لا يمكن اختيار رئيس للحكومة من دون توافق سياسي شامل. ويعلم حزب الله كما الجميع أن التسوية الرئاسية قامت على مبدأ استمرار الحريري في رئاسة الحكومة. وهذا لا يمكن أن يحصل من دون موافقة حزب الله، الذي سيضع مزيداً من الشروط لتكليف الحريري بهذه المهمة. وهذا بالتأكيد قد يدفع الحريري إلى الابتعاد أكثر عن حلفائه القدامى، كالقوات والحزب التقدمي الاشتراكي، في مقابل سعي حزب الله إلى إصلاح الوضع بين حلفائه، لاسيما بين التيار وحركة أمل والمردة. وهذا سيفرض اصطفافات جديدة، في ظل خلط الأوراق الحاصل، والذي يسهم في تقارب اشتراكي- قواتي، وتقارب اشتراكي مع حركة أمل. وهذا ما قد يتطور مستقبلاً لتشكيل إطار تنسيقي في ما بين هؤلاء لمواجهة ثنائية الحريري- باسيل.