هكذا تتوزّع أصوات المجنسين الفلسطينيين في صيدا- جزين

أحمد الحاج علي
الجمعة   2018/05/04
الجيل الجديد تعززت الحياة الفردية لديه (خالد الغربي)

حين أعادت الدولة اللبنانية الجنسية إلى معظم أهالي قرى سهل الحولة في العام 1994، لم يخطر ببال عامل البناء علي الأحمد أن يصبح وعائلته مقصداً للمرشحين للانتخابات النيابية في مدينة صيدا. علي، تهجّر أهله من قرية الخالصة في فلسطين في العام 1948، وهي أكبر قرى سهل الحولة البالغ عددها 19 قرية، والذين حصل أهلها على الجنسية اللبنانية منتصف التسعينيات، وتُطلق عليهم تسمية "المجنسين الفلسطينيين"، ويعدّون اليوم نحو 2000 ناخب في دائرة صيدا- جزين.

يقول علي إنه لم يبق مرشح في الدائرة إلاّ ودعاهم لزيارته، أو إلى جلسة في بيت من بيوت ما يُسمّون وجهاء الحولة، حتى إن كرسياً واحداً جلس عليه كل المرشحين في الدائرة. رغم ذلك، لم يحسم خياره لأي من المرشحين في الدائرة، ويحصر اهتماماته بالمرشحين الذين يستطيعون تقديم الخدمات له ولعائلته، بينما أخوه الأكبر، يوسف، ينتخب وفق خيارات سياسية، كما يقول علي.

يتوزع المجنّسون من قرى الحولة في الدائرة بشكل رئيسي، حسب لوائح الشطب، على أحياء السراي والسبيل والوسطاني في مدينة صيدا. لكن وفق المدرّس علي أبو حبيب، فإنهم يتوزعون عملياً في كل أحياء المدينة، وفي شرقها، وحي التعمير، ومخيم عين الحلوة، ونحو 100 ناخب في منطقة وادي الزينة، التي زارتها النائب بهية الحريري والمرشح عبدالرحمن البزري وعدد من المرشحين خلال الشهر الماضي.

أبو حبيب ينفي بعض الأرقام المتداولة حول أن عدد الناخبين من المجنّسين الفلسطينيين يقارب الستة آلاف ناخب في دائرة صيدا- جزين. ويقول إنه قد يكون التبس الأمر على كثيرين واحتسبوا أعداد كل المجنسين في الدائرة. أو أن بعض "سماسرة الانتخابات" حاولوا "رفع أعداد المجنسين الفلسطينيين ليسهل ابتزاز بعض المرشحين".

أما عن توزع أصوات المجنسين الفلسطينيين، فيقول أبو حبيب إنهم يتوزعون بشكل رئيسي على 3 قوى: آل الحريري، الجماعة الإسلامية والتنظيم الشعبي الناصري. "وهذا لا ينفي وجود قوى أخرى، لكن حضورها ضعيف مقارنة بالقوى الثلاث". ويلفت إلى أن "المال الانتخابي" غير غائب وسط هذه الشريحة، كما في غيرها من الشرائح والمناطق.

ويشير إلى أن المجنّسين الفلسطينيين كانوا بعيدين عن الهياج الطائفي والمذهبي في لبنان، وقد أتوا من خلفيات وطنية وقومية بمعظمهم "لذلك عندما حصل التجنيس، انصب سعيهم الأساس على تحسين ظروف حياتهم، والحصول على وظائف لهم، من دون النظر إلى الصراعات في لبنان. وما عزّز لديهم هذا التوجّه، أن في هذه الانتخابات اجتمعت الأخصام داخل اللوائح من دون الاهتمام بالبرامج السياسية والاجتماعية".

ويؤكد الإعلامي بلال المصري ما قاله أبو حبيب حول توزّع أصوات المجنّسين الفلسطينيين، لكنه يميّز بين الجيل الحالي والجيل السابق من حيث التصويت. "فالأخير كانت تحكمه توجهات قومية واضحة، وعلى هذا الأساس يمنح صوته. أما الجيل الجديد فقد اندمج أكثر بالمجتمع اللبناني. فهو تلقى تعليمه في مدارس حكومية وخاصة، وقد يكون أدّى الخدمة في الجيش اللبناني. كل ذلك أضاف لشخصيته الفلسطينية بعضاً من الشخصية اللبنانية. كما أن هذا الجيل بمعظمه تلقى تعليماً متقدّماً، فتركّزت مطالبه بشكل أساسي على الحصول على وظائف عامّة، وتحسين وضعه المعيشي".

ويلحظ المصري أن الجيل الجديد تعززت الحياة الفردية لديه. ما أضعف كثيراً دور ما يُسمى المفاتيح الانتخابية. "وهو ما أدركته جيداً الماكينات الانتخابية للمرشحين، فراحوا يتوجهون بشكل رئيسي إلى الأفراد عوضاً عن زعماء العائلات. وهذا على خلاف المجنسين الفلسطينيين في صور، حيث ما يزال معظمهم يعيش في مخيم البرج الشمالي، والبنية العشائرية واضحة، ويصوتون بأغلبيتهم، وفق توجه عام لأهالي قرى الحولة، بعد لقاء موسّع لهم، غالباً ما يكون في نادي الحولة بالمخيم".

الجزء الأكبر من المجنسين الفلسطينيين في دائرة صيدا- جزين جاء إلى مدينة صيدا بعد تدمير مخيم النبطية (1974) ومخيم تل الزعتر (1976). سكنوا مخيم عين الحلوة و"خان القشلة" ومعمل الصابون في صيدا القديمة. ثم أخذوا يتوزعون في أحياء المدينة. وفي العام 1994، أخلت الحكومة اللبنانية الخان والمعمل من المهجّرين، وأسكنتهم في مجمّع ببستان اليهودي في مخيم عين الحلوة. يسكن المجمّع نحو 120 عائلة من قرى الحولة، نصفهم حصل على الجنسية اللبنانية.

يقول محمد جمعة، أحد سكان المجمّع، إن العديد من المرشحين زاروا المجمّع من بينهم عبدالرحمن البزري وبسام حمّود. يجزم جمعة أن همّ القضية الفلسطينية حاضر في التوجهات الانتخابية للمجنّسين الفلسطينيين في المجمّع، من دون أن تغيب الهموم المعيشية. وفي الوقت نفسه يؤكد عدم تواصل أي قيادي فلسطيني مع هذه الشريحة في ما يخص الانتخابات، وهو توجّه حرصت عليه القيادات الفلسطينية منذ مُنح أهالي الحولة الجنسية اللبنانية، من ثمّ حق الانتخاب.