أصوات حزب الله التفضيلية: معادلة جديدة للطائفة الشيعية

وليد حسين
الخميس   2018/05/24
تشي النتائج بأنّ حزب الله لم يشارك أمل الأصوات التفضيلية (Getty)

لعل أبرز ميزات الصوت التفضيلي الذي اعتمد للمرة الأولى في الانتخابات أنه أماط اللثام عن الاحجام الفعلية للقوى السياسية. ولكون الصوت التفضيلي يحدّد الفائزين والخاسرين على اللوائح، لم تلجأ القوى السياسية إلى توزيع الأصوات على المرشحين الحلفاء على اللوائح إلا في ما ندر وبحسب ظروف المعركة الانتخابية. بالتالي، عمدت القوى السياسية إلى منح الصوت التفضيلي إلى المرشحين الاساسيين بالدرجة الأولى ومنح فتات الأصوات إلى الحلفاء في بعض الدوائر. هذا فضلاً عن أن الصوت التفضيلي نقل المنافسة إلى داخل اللوائح الائتلافية بين المرشحين، فكان بمثابة وسيلة لإبراز تفوّق القوى السياسية عددياً حتى على الحلفاء، فكيف بالخصوم؟

في قراءة للنتائج التي حصل عليها الثنائي الشيعي في الدوائر التي كان له فيها مرشحين، يتبيّن تفوّق شعبية حزب الله على شريكته حركة أمل على نحو واضح وكبير. فحزب الله مع بعض حلفائه (جميل السيد وألبير منصور في البقاع الثالثة) حصل عملياً على نحو 60% من الأصوات التي حصلت عليها لوائح الثنائي على مستوى جميع الدوائر، بينما اقتصر حجم أمل مع بعض حلفائها (قاسم هاشم وأنور الخليل وأسعد حردان في مرجعيون- حاصبيا) على نسبة نحو 37% من الأصوات، مع وجود نحو 3% من الناخبين الذين اقترعوا للوائح من دون وضع صوت تفضيلي.

ففي دائرة الجنوب الثالثة حصل مرشحو حزب الله (محمد رعد وحسن فضل الله وعلي فيّاض) على 110979 صوتاً تفضيلياً من أصل 193224 حصلت عليها اللائحة. وبالتفصيل، حصل رعد في النبطية على 43797 صوتاً بينما حصل مرشّحا أمل على 28424 صوتاً، وفي بنت جبيل حصل فضل الله على 39722 صوتاً مقابل حصول مرشّحي أمل على 17165 صوتاً. وفي مرجعيون- حاصبيا حصل فيّاض على 27460 صوتاً، بينما حصل المرشحون الأربعة لأمل وحلفائها مجتمعين على 32445 صوتاً. وفي دائرة الجنوب الثانية حصل مرشّحا حزب الله على 48234 صوتاً في صور مقابل حصول مرشحي أمل الخمسة على 82989 صوتاً في صور والزهراني، إذ لم يكن للحزب مرشحين في الزهراني. علماً أن مرشحَي أمل حصلا على 34487 صوتاً في صور. وفي دائرة بيروت الثانية حصل أمين شرّي على 22961 صوتاً مقابل حصول محمد خواجه على 7834 صوتاً. وفي بعبدا حصل علي عمّار على 13692 صوتاً مقابل حصول فادي علامة على 6348 صوتاً. وأخيراً، أبرزت دائرة بعلبك- الهرمل ضعف أمل على مستوى الدائرة، حيث حصل مرشحها الوحيد على 17767 صوتاً بينما حصل المرشحون السبعة الفائزين للحزب وحلفائه على نحو 115 ألف صوت.

تشي هذه النتائج بأنّ حزب الله لم يشارك أمل الأصوات التفضيلية، رغم فائض الأصوات عنده، لاسيما في دائرة الجنوب الثالثة وبعبدا وبيروت. فهل تقصّد حزب الله إظهار شعبيته وتفوقه على أمل داخل الطائفة الشيعية، لاسيما أن كتلته الحالية مؤلفة من 13 نائباً مقابل 16 نائباً لأمل، من دون احتساب النائب إبراهيم عازار الذي انضم رسمياً إلى الكتلة؟ وهل أراد حزب الله فرض معادلة جديدة داخل الطائفة الشيعية وتحديد حصة كل طرف من المقاعد للانتخابات النيابية في العام 2022؟

لطالما خاض الثنائي الشيعي الانتخابات البلدية في لوائح متنافسة قبل الانتخابات البلدية التي جرت في العام 2010، حين خاض الثنائي المعركة في لوائح مشتركة، لكن وفق ميثاق شرف قام على توزيع الحصص بناءً على النتائج التي حصدها كل طرف في الانتخابات البلدية في العام 2004. فهل ستكون النتائج الأخيرة بمثابة بروفا لوضع أسس جديدة لانتخابات العام 2022 شبيهة بتقاسم الحصص الذي حصل على مستوى البلديات؟ فلطالما كان هناك خلل واضح في تقاسم المقاعد بين الطرفين لمصلحة أمل. في الانتخابات النيابية الأولى في العام 1992، ضمت كتلة أمل النيابية 17 نائباً بينما اقتصر تمثيل حزب الله على 12 نائباً. وبقيت هذه المعادلة سارية المفعول حتى انتخابات العام 2005، إذ أصبحت كتلة حزب الله تضم 14 نائباً وكتلة أمل 15 نائباً. تبدلت هذه المعادلة في انتخابات العام 2009 حيث بات الطرفان الشيعيّان يتقاسمان النواب مناصفة، 13 نائباً لحزب الله و13 نائباً لأمل، إضافة إلى النائب قاسم هاشم من حصة حزب البعث لكن في كتلة التنمية والتحرير. فهل تكون خريطة توزيع الأصوات التفضيلية التي رسمها حزب الله في الانتخابات منطلقاً له لتقاسم المقاعد النيابية والحصص في النظام اللبناني في المستقبل القريب مع أمل؟