هكذا يقرأ حزب الله الانسحاب الأميركي من سوريا..وجديد بوتين

منير الربيع
الإثنين   2018/05/21
حزب الله بين التشدد والليونة
تطور مهم في السياق الدولي والسياسي أرساه كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل أيام خلال لقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد. دعا الرئيس الروسي كل القوات الأجنبية إلى مغادرة الأراضي السورية. والأهم هو ما أوضحه مبعوثه لشؤون التسوية السورية، ألكسندر لافرينتييف، إذ قال إن "هذا التصريح يخص كل المجموعات العسكرية الأجنبية، التي توجد على أراضي سوريا، بمن فيها الأمريكية والتركية والإيرانية وحزب الله". يعتبر الموقف تطوراً لافتاً في تعاطي روسيا مع الأزمة السورية، فهي تريد تسيّد الساحة وحيدة بلا شريك.

في امتحان صدقية هذا الكلام وتطابقه مع الواقع، يبدو مستحيلاً إخراج كل هذه القوى من سوريا بطريقة سلسلة، خصوصاً أن إيران وتركيا وأميركا اقتطعت مناطق وأقامت قواعد عسكرية، وأصبحت هذه المناطق تعتبر نطاق نفوذها. فيما الأساس يبقى حول ما يتعلّق بإيران. ليمثّل الموقف الروسي ضغطاً جديداً على إيران يضاف إلى الضغط الأميركي. ووفق بعض المعطيات، لم يكن لدى واشنطن ودول الخليج أي اعتراض على بقاء روسيا في سوريا، وتسليمها إياها بالكامل، فيما الإشكال يبقى حول الدور الإيراني، ومطالبات دول الخليج بتحجيم هذا الدور وإخراج إيران من سوريا. الأمر الذي يوافق عليه الأميركيون، مع احتفاظها بمناطق أساسية في شرق الفرات.

ليس تفصيلاً أن يطلق بوتين مواقفه تزامناً مع تعرّض مواقع إيرانية لجولة جديدة من الغارات الإسرائيلية، خصوصاً مطار حماه، فيما هناك من يتحدث عن قصف مواقع أخرى في القنيطرة. الجديد هنا هو أن لا إسرئيل تبنّت أو أعلنت عن القصف، ولا حتى إيران والنظام السوري اعتبرا أنه قصف إسرائيلي. وهذا يعتبر تطوراً مهماً في سياق الموقف الإيراني، الذي يجانب الردّ على الإسرائيليين كي لا يدخل في مواجهة معهم. وثانياً لأن الموقف الإيراني أصبح أضعف في ظل الموقف الروسي، وكأن هناك من يقرأ في الدعوة الروسية إلى خروج مقاتلي إيران وحزب الله من سوريا، بأنه غطاء لمزيد من الضربات الإسرائيلية.

قد يكون موقف بوتين مناورة سياسية، وإدعاءً بأن موسكو تسعى إلى تكريس الحل السياسي، لكن إذا ما قورن في سلسلة المواقف التصعيدية الدولية ضد طهران، منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي إلى التهديد بضربات تستهدف مواقع إيران لإخراجها من سوريا، ربطاً بالعقوبات المالية التي تفرض على مؤسسات وكيانات إيرانية، يعني ذلك أن هناك أوضاعاً مستجدة على طهران مواجهتها. هذا الضغط سيدفع حزب الله إلى السير في خطّين متوازيين: تشدد وليونة. فعملية انكفاء حزب الله من سوريا، وسحب المزيد من قواته باتجاه لبنان، هما ليونة تجاه المواقف الدولية. وستبرز ليونة أخرى في شأن ضرورة تشكيل الحكومة والتسريع في ولادتها، بينما التشدد سيكون بشأن كيفية مشاركة الحزب في هذه الحكومة، وبيانها الوزاري ووجهتها السياسية، إذ إن الحزب يريد تحصين نفسه داخلياً، بقرار رسمي وداخل المؤسسات الرسمية، لمواجهة أي ضغوط قد يتعرض لها، سواء أكانت مالية أم سياسية.

الأشهر المقبلة ستكون فاصلة، خصوصاً أن الضغط على إيران والحزب سيزداد من الآن حتى الخريف المقبل، الموعد الذي حددته واشنطن لانسحاب قواتها من سوريا. وقبل هذا الموعد، هناك من يعتبر أن الأميركيين سيعملون على تحجيم النفوذ الإيراني أو إخراج إيران وحلفائها من سوريا. ما سيؤدي إلى توترات أو مواجهات كثيرة، فيما البعض الآخر يعتبر أنه في ظل سيطرة حزب الله على لبنان، وإن نفّذ مع إيران إنسحابات موضعية من سوريا، فإن العودة ستكون حتمية، بعد الانسحاب الأميركي. وأكثر من ذلك، هناك من يعبّر عن خشيته من أن يكون الانسحاب الأميركي من سوريا مقدّمة لتمكّن إيران أكثر. وهذا ما يعكسه كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي اعتبر أنه يجب للإنسحاب الأميركي من سوريا أن لا يقترن بضربات على القوات الإيرانية.