هذه خطة القوات في مواجهة حصارها

منير الربيع
السبت   2018/05/19
تصرّ القوات على ضرورة إنعاش التفاهم مع رئيس الجمهورية (الأرشيف)
بعد استشعار القوات اللبنانية محاولة حصار ستتعرض لها في تشكيل الحكومة، عملت على تعزيز وضعيتها السياسية من خلال اتصالات مع مختلف الافرقاء. في نهاية جهودها، وبمفعول سياسي، حصلت زيارة سمير جعجع إلى بيت الوسط، حيث التقى الرئيس سعد الحريري، وكان ملف تشكيل الحكومة على رأس الملفات التي بحثت. لا تريد القوات القطيعة مع أي طرف، وتسعى لتعزيز تفاهم معراب، لكنها تجابه برفض من قبل الوزير جبران باسيل.

قبل إجراءات المستقبل الداخلية، كانت تعتبر القوات أن الثنائية الحريري- باسيل هي التي تهدف إلى تحجيمها وإبعادها عن الحكومة الجديدة. وهذا كان مشروعاً سابقاً منذ ما بعد لاستقالة الرئيس الحريري من الرياض، بحيث جرى النقاش بشأن ضرورة إخراج القوات من الحكومة، ولكن تم التراجع عن تلك الخطوة كي لا تُمنح القوات تعاطفاً شعبياً وتسجّل اكتساحاً في الشارع المسيحي.

اليوم، يتجدد السؤال، ولكن بفارق أن نادر الحريري الذي يعتبره كثيرون من أبرز الساعين إلى تحجيم علاقة المستقبل مع القوات لكونها لا تعود للتيار الأزرق بأي مكسب. اليوم استبعد نادر الحريري، ولكن المساعي مستمرّة لإحراج القوات وإخراجها، وإن ليس بالحماسة المستقبلية اللازمة. التيار الوطني الحر، بعد الاشتباك الأخير بين باسيل وسمير جعجع، وتوسعه إلى مسؤولي الحزبين، لا بد من التقاط إشارات مواجهة القوات. وهذا الأمر جاء صريحاً على لسان النائب المنتخب ايلي الفرزلي، الذي اعتبر أنه من الأفضل بالنسبة إلى القوات أن تعارض من خارج الحكومة.

تنظر القوات إلى ما تتعرض له، ويدفعها إلى التشبّث بمواقفها وإصرارها على المشاركة في الحكومة. تستند إلى كتلة نيابية من 15 نائباً، بعد خروج النائب هنري شديد إلى كتلة المستقبل. وهذا العدد سيكون قادراً على إنجاح تسمية الرئيس المكلف. اليوم، تضع القوات شرطاً سياسياً لتسمية الحريري، الذي سيكون بحاجة إلى أصواتها. هذا الشرط السياسي يأتي متأخراً أيضاً، بحيث وضعت القوات قبل الانتخابات شروطاً سياسية كثيرة لتعميد التحالف مع المستقبل، الذي كان يتنصّل من ذلك.

لا يمكن للقوات التنصّل من المطالبة بحصتها التمثيلية، لأن منطق حكومة الأكثرية، لا يمكن أن يستقيم في مبدأ يرفعه الأفرقاء أنفسهم حول ضرورة تمثيل الكتل النيابية في الحكومة وفق أحجامها. هذا تناقض، وبعيد كل البعد عن المنطق. فإذا ما أرادوا تشكيل الحكومة وفق أحجام الكتل، فهذا يجب أن يسري على القوات، التي لن تستكين أو تتراجع أمام هذه المواجهة. كما أنها ستطالب بصحّة تمثيلها وفق ما يتلاءم مع حجمها. وبينما تسعى القوات إلى مضاعفة كتلتها الوزارية، وتطالب بوزارات أساسية كوزارة الطاقة، التي يعتبر مسؤولون قواتيون أن لديهم مشروعاً لإصلاحها وتوفير الكهرباء بكلف أقل من المبالغ المرصودة في الخطط السابقة. هذا الأمر لاقى ردّاً سريعاً من التيار الوطني الحر الذي رفض رفضاً قاطعاً التنازل عن هذه الحقيبة.

أعلن سمير جعجع قبل أيام أن إتفاق معراب نصّ على التساوي في الحصص الوزارية بين التيار والقوات، فيما الرد العوني على ذلك جاء على لسان باسيل واصفاً جعجع بأنه لا يعرف العدّ، فكيف يمكن التساوي بحصص بين كتلتين الأولى حجمها 29 نائباً والثانية 15، وكيف يمكن تسليم وزارة الطاقة، وهي وزارة أرقام وحسابات، لمن لا يعرف كيفية العدّ. الرسالة وصلت وهي أن اتفاق معراب قد دفن. فيما القوات التي تصرّ على ضرورة إنعاش التفاهم مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ستبقى جاهزة لمواجهة كل قرارات حصاراها، لأنها تعتبر أن ما يحصل هو لتخطي نتائج الانتخابات. يحظى جعجع بحرص من جانب الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط والنائب سليمان فرنجية، إذ إن هناك تواصلاً في ما بينهم لمواجهة باسيل، وما يسعى إليه. وجميعهم يلتقون على ضرورة مواجهة باسيل الذي حين سينتهي من محاصرة القوات سيتجه إلى محاصرة آخرين. بالتالي، يجب وقفه عند حدّه. لن يكون تنسيق القوات مع المردة وحركة أمل شعاراً سياسياً واضحاً، أو نشوء تحالف، بل سيقتصر على التكتيك السياسي والتنسيق للإلتفاف على كل محاولات باسيل.

أعدت القوات باكراً خطّتها لمفاوضات تشكيل الحكومة. وهي أوصلت رسائل إلى الجميع، بأنها تطالب بأربع حقائب، من بينها حقيبة سيادية. لكن، بحسب مصادر متابعة، هناك شبه استحالة لحصولها على حقيبة سيادية، مقابل الاحتفاظ بمنصب نائب رئيس الحكومة، الذي من المفترض أن يعود إليه غسان حاصباني، الذي كانت علاقته جيدة مع الرئيس الحريري. توزير حاصباني محسوم، وفيما قد تحصل القوات على وزارة الاقتصاد بالإضافة إلى الوزارات التي حصلت عليها في الحكومة السابقة، أي الصحة والشؤون الاجتماعية والإعلام، سيتولى حاصباني وزارة الاقتصاد إلى جانب نيابية رئاسة الوزراء، فيما يتم اختيار شخصية ملائمة لوزارة الصحة، على أن يبقى ملحم الرياشي في منصبه، ويتم تسمية شخصية لوزارة الشؤون الاجتماعية خلفاً لبيار بو عاصي.