صفقة إيرانية أميركية: هكذا سترد طهران

منير الربيع
الخميس   2018/04/19
تلقت طهران من عواصم أوروبية تمنيات بعدم الرد على ضربة مطار التيفور (AP)

لا تزال المنطقة منشغلة في أفق الردّ الإيراني على الاستهداف الإسرائيلي لمطار التيفور الذي قتل فيه 7 جنود إيرانيين. وفيما يؤكد الإيرانيون استعدادهم للرد وانتظار اللحظة المناسبة، هناك معلومات أخرى تفيد بدخول عامل المفاوضات الدولية بقوة على خطّ لجم التصعيد بين إيران وإسرائيل. ولا شك أن التصعيد سيكون مرتبطاً بالوضع السياسي والميداني في سوريا وفي الإقليم. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتزم إعلان موقفه من الاتفاق النووي الشهر المقبل، وكذلك بالنسبة إلى نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. ما قد يتيح لطهران خيار أن يكون الردّ من داخل الأراضي الفلسطينية، إذا ما كان الردّ من سوريا أو لبنان مستبعداً.

تشير المعلومات إلى أن الأميركيين لا يريدون أي تصعيد مع إيران حالياً. وهناك مساعي تسوية بين واشنطن وموسكو لتجنّب أي ردّ إيراني. يقود ذلك إلى نظرة تفيد بأنه ليس دائماً تتطابق المصالح الإسرائيلية مع المصالح الأميركية. استغلت تل أبيب جواً تصعيدياً داخل الولايات المتحدة وبعض التغييرات في الإدارة الأميركية، ووجهت ضربتها، معتبرة أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة، وأنه ممنوع على حزب الله وإيران نقل السلاح غير التقليدي إلى مناطق قريبة من فلسطين المحتلة، وممنوع إنشاء قواعد عسكرية ثابتة وقابلة للتحول إلى مركز يهدد أمن إسرائيلي في الجنوب السوري. في المقابل، لدى الأميركيين أهداف أخرى.

صحيح أن هناك مصلحة لروسيا وأميركا وإسرائيل، بتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، ولكن هذا لا يعني منح إسرائيل فرصة لتفجير الوضع. بل هذا يجب أن يحصل عبر المفاوضات السياسية، والاستناد إلى الضغط الروسي على إيران. وهنا، تشير مصادر متابعة إلى أن الأميركيين ارسلوا عن طريق الروس معلومات إلى الإيرانيين، بأن لا داعي للرد على ضربة مطار التيفور، مقابل البحث عن تسوية سياسية. وهناك اتصالات بعيدة من الأضواء بين الروس والأميركيين، لإيجاد هذه التسوية. مع الإشارة إلى أن ذلك يتزامن مع موقف ترامب المتمسك بالانسحاب من سوريا، وتشكيل قوات عربية للانتشار في شرق الفرات.

لا يرضى الإيرانيون بتمرير الضربة من دون ردّ، بمعزل عن شكل الرد وكيفيته. لكن الروس يتدخلون بقوة ويضغطون على الإيرانيين لعدم الردّ، لأن الوضع لا يسمح بأي تصعيد. لدى طهران حسابات دقيقة في سوريا، ومساحة حركتها غير مطلقة، بالتالي هي غير قادرة على تغيير اللعبة وقواعدها في سوريا. وفي لبنان هناك استبعاد للرد، لأن ليس من مصلحة إيران توتير الأجواء على أبواب الانتخابات. فقد ترد إيران عبر عبوة ناسفة أو أحد الصواريخ، لكن لحفظ ماء الوجه فحسب، وليس لتصعيد الوضع على الجبهة، لأنها تريد أن تحتفظ لنفسها بحق الردّ كي لا يكرس مبدأ الاستهداف الدائم. استبعاد هذا الرد لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إتفاق أكبر مع طهران، وتشترك في بلورته واشنطن وموسكو.

صحيح أن إيران تنطلق من مبدئية معينة، ولكن في السنوات الأخيرة لا بد من الأخذ في عين الاعتبار كثيراً من الاعتبارات والحسابات. فلا يمكن لها العمل تحت سماء مفتوحة. هناك سقف لا يمكن تخطّيه. هذا إلى جانب الوضع الداخلي الضاغط على إيران اقتصادياً ومالياً. بالتالي، ليس بمقدورها الذهاب إلى تصعيد في المنطقة. وهذا جزء من النصائح الأوروبية التي تصل إلى إيران لعدم التصعيد وعدم منح ترامب أسباباً تصعيدية، خصوصاً في ما يتعلق بالاتفاق النووي. لا تزال إيران قادرة على التلاعب بالوقت، لأنه يصب في مصلحتها، بخلاف القوى المناهضة لها. وطالما أنها تمسك الأرض في سوريا، ستبقى صاحبة القرار. وأي دخول لقوات عربية يعني الدخول في معركة استنزاف جديدة، ستكون إيران صاحبة اليد الطولى فيها، لأن الإنسحاب الأميركي يعني مواجهة جديدة بين إيران والعرب. وهي أساس جملة ترامب الشهيرة بأن الولايات المتحدة لن تقاتل عن حلفائها.