هكذا وصلت المجارير إلى البساتين بين البازورية وطيردبا

خضر حسان
السبت   2018/04/14
مياه المجارير تصل إلى المياه الجوفية (علي علوش)

ضاعت هوية مجرى الصرف الصحي المار بين البساتين الواقعة على أطراف بلدتي البازورية وطيردبا، قضاء صور. فبين مسؤوليات البلديّتين واتحاد بلديات قضاء صور ووزارتي الأشغال والطاقة، بقيت مياه الصرف الصحي متدفقة، تزور البساتين وتلوث أشجارها ومياهها. وإذا كان من الصعب الوصول إلى بعض الأماكن في المجرى، بسبب الأشجار والأعشاب الكثيفة، فإن الرائحة كفيلة بالإعلان عن وجود أزمة متراكمة.

بعض أصحاب البساتين رفع الشكاوى إلى البلديتين، وبعدهما إلى الإعلام، نتيجة تقاذف المسؤوليات. ووفق أحد مالكي الأراضي في قرية البازورية، علي نسر، "تعود الأزمة إلى نحو 3 أشهر، إذ أقفل مجرى الصرف الصحي الذي تشترك فيه بلدات جويا، معركة، يانوح، وادي جيلو وغيرها. وفاضت المياه الملوثة إلى الأراضي الزراعية. ورغم تنظيف المجرى منذ نحو شهر، فإن الأزمة لم تنتهِ، إذ لم تكن المعالجة بالقدر الكافي". ويُعيد نسر، خلال حديث إلى "المدن"، سبب الأزمة إلى "سد المجرى جرّاء أعمال مد شبكة جديدة للصرف الصحي، تمر في المنطقة عينها".

الثابت في الأمر، أن مسؤولية صيانة المجرى لا تقع على عاتق البلديات، خصوصاً بلدية البازورية التي "لا تمر مياه الصرف الصحي التابعة لها من تلك المنطقة، لكنها معنية بالملف بسبب تضرر بعض أبناء البلدة من الأزمة"، وفق ما تقول مصادر في بلدية البازورية.

لا ترمي المصادر المسؤولية المباشرة على أحد، سوى على الدولة اللبنانية، لكنّها في المقابل، تحمّل اتحاد بلديات صور مسؤولية "المطالبة والضغط والتحرك لإيجاد حل للأزمة". وتحمّل "بلديات المنطقة" المسؤولية عينها، "فلا يجوز تقاذف المسؤوليات من دون إيجاد حل". وفي ثنايا إلقاء المسؤوليات، تلفت المصادر إلى أن مسؤولية الدولة تعود إلى تلزيمها الشركات تنفيذ مثل هذه المشاريع، والشركات ترتكب الأخطاء. فالمجرى المذكور، "تم إقفاله بسبب الأعمال التي تنفذها شركة دنش، التي تعمل على إنشاء شبكة جديدة للصرف الصحي في المكان عينه".

ينفي المهندس المسؤول عن المشروع، محمود دامرجي، مسؤولية الشركة عن المشكلة. ففي إتصال مع "المدن"، يؤكد دامرجي أن "الشركة مسؤولة عن إنشاء خط جديد للصرف الصحي، لكن أعمالها لم تؤثر على المجرى القديم".

من ناحية ثانية، يُعيد رئيس اتحاد بلديات قضاء صور حسن دبوق جذور الأزمة إلى "فترة ما قبل استحداث البلديات، وامتدادها بعد تلك الفترة. فقبل وجود البلديات في عدد من المناطق، كان الناس يوجّهون مياه الصرف الصحي نحو أماكن في العراء، تتدرّج فيها المياه بشكل طبيعي، بحسب التضاريس، فتتوج المياه نحو الأماكن المنخفضة، وتتجمّع لتشكل ما يشبه السواقي. بعد استحداث البلديات، استمر الوضع على ما هو عليه، بل عمدت مجموعة من البلديات إلى توجيه مياه الصرف الصحي إلى تلك الأماكن، ووضعت بعض الشبكات في المجاري نفسها، على نفقتها أو على نفقة مجلس الجنوب أو عبر مساعدات مالية من بعض المنظمات والجمعيات الدولية. والأخيرة، أوقفت التمويل بعدما علمت أن المياه الملوثة تصب في البحر، وتحديداً في المنطقة المحاذية لميناء صور، حيث مرفأ صيادي الأسماك والجمارك اللبنانية".

السرد التاريخي للأزمة، لا يسهم في حلّها، بل يشي بأن الحل بعيد المنال. فالمجاري الجديدة التي تعمل شركة دنش على إنشائها، "يفترض إنتهاء العمل فيها في شهر تموز 2018". لكن، من يضمن انتهاء الأزمة الحالية؟ "لا أحد"، تجيب المصادر. علماً أن مجرى الصرف الصحي، سواء أكان لقديم أو الجديد، يمر بالقرب من محطة مياه الشرب في منطقة وادي جيلو. ما يطرح تساؤلات عن الدقة المطلوبة في تنفيذ المشروع، كي لا تختلط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي.

في السياق، يسأل دبوق عمّا إذا كانت القوة هي السبيل الأنسب لحل الأزمة. "هل يمكن لاتحاد البلديات أن يضع الإسمنت في المجاري القديمة لمنع الناس والبلديات من استعمالها، وبالتالي التسبب بفيضانها وإنفجار الأزمة بشكل أكبر؟".

هي أزمة يتيمة حتى الآن، لم يجرؤ أحد على تبنّيها، أو على التطوع لحلّها أو التأكد من أن الأعمال في المجرى الجديد لم تؤثر فعلاً على المجرى القديم، بغض النظر عن ظروف إنشائه. وكل ما في الأمر، هو الأمل بأن تتمكن المجاري الجديدة من تخفيف الأزمة، التي يؤكد بعض أصحاب البساتين أنها تصل إلى المياه الجوفية. لكن دبوق ينفي ذلك، معتبراً أنه "من المستحيل أن تصل مياه الصرف الصحي إلى عمق يمتد إلى نحو 300 متر، بسهولة، إلا إذا تم تصويب المياه إلى الآبار الارتوازية بشكل مباشر".