أهالي المفقودين: لن نصوت لمن تجاهل قضيتنا

حنان حمدان
الجمعة   2018/04/13
"هنا اختطف أشخاص. هنا أو هناك، لقد حان الوقت لمعرفة ما حصل" (علي علوش)

كما في كل عام، تحل ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية في 13 نيسان، ولم تختتم مأساة أهالي المفقودين التي بدأت قبل 43 عاماً مع بداية هذه الحرب. ومنذ 27 عاماً ينتظر الأهالي الكشف عن مصير كل المفقودين والمخفيين قسراً. لكن المفارقة اليوم هي أن الذكرى تسبق الانتخابات النيابية بأيام قليلة.

فمن أمام خيمة الانتظار في بيروت في حديقة جبران خليل جبران، الجمعة في 13 نيسان 2018، أعلن أهالي المفقودين والمخفيين قسراً أن قرارهم واحد: لن يصوتوا إلى من أدار ويدير ظهره لقضية المفقودين، ولن يصوتوا إلا للوائح التي تتبنى في برامجها الانتخابية هذه القضية وتتعهد بإيلاء اقتراح قانون "حق ذوي المفقودين بالمعرفة" الأولوية، سواء من داخل المجلس أو خارجه.

هذا التزامن، كان سبباً في توجه رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني إلى جميع اللوائح الانتخابية، وهي 77 لائحة، لتعلن باسم لائحة المفقودين أن "الأهالي لن يتخلفوا عن ممارسة حقهم بالاقتراع، لكنهم لن يتنكروا لمفقوديهم، ولن ينسوا ولن يخونوا أحبتهم أو يبيعوهم ولن يقايضوا على حسابهم. بالتالي، لن يصوتوا لمن أدار ظهره لهم".

هذه اللائحة العابرة للطوائف والمناطق تعني كثيراً، لأنها تطرح إشكالية أشخاص مفقودين، لكن أسماءهم مازالت موجودة في لوائح الشطب. ما يعني أن من حقهم الاقتراع كما الترشح للانتخابات، لكنهم باتوا بسبب الحرب محرومين من ممارسة هذا الحق. والدلالة على ذلك، عينات لوائح الشطب التي وضعت إلى جانب الخيمة، وأظهرت أسماء عدد من المفقودين في دوائر مختلفة من لبنان، اقتطعت من اللوائح الرسمية التي نشرتها وزارة الداخلية.

وقالت حلواني إن انهاء هذه القضية يقفل آخر ملفات الحرب ويفتح الباب أمام السلم. لكن، كيف يقفل هذا الملف؟ أولاً، جمع العينات البيولوجية من الأهالي للتعرف على هويات المفقودين أحياءً كانوا أم أموات، وهذا يحتاج إلى قرار حكومي. ثانياً، انشاء الهيئة الوطنية للكشف عن مصيرهم، وهذا يحتاج إلى إقرار قانون في مجلس النواب. وقد تبنى رئيس الجمهورية ميشال عون هذا الحل، الثلاثاء في 10 نيسان 2018، خلال لقائه وفداً من اللجنة. "ووعدنا بالمباشرة بأخذ العينات، وتحييد القانون عن التجاذبات السياسية والسعي إلى وضعه أمام المجلس النيابي". وكان عون قد طلب من وزير العدل، خلال جلسة الحكومة في 12 نيسان، تقديم اقتراح لتشكيل لجنة لمعالجة قضية المفقودين. فيما قام وفد من لجنة الأهالي بتسجيل لائحة الموقعين على العريضة في قلم كل من مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء لاطلاع الرئيسين عليها.

وقد بلغ عدد الموقعين على هذه العريضة 5187 شخصاً، 1294 منهم وقعوا الكترونياً. ورغم أن الداعمين للقضية والحل هم أكثر بكثير من الموقعين، يبقى اللافت أن هذه العريضة اقترنت بتواقيع رؤساء معظم الأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية وعدد من النواب.

وبالفعل، حضر العديد من المرشحين لتأكيد موقفهم الداعم لهذه القضية، وقد تعهدوا بتبني هذه القضية. والأغلبية الحاضرة من المرشحين كانت من دائرة الشوف- عاليه، بيروت وجبل لبنان، وهم في الغالب من مرشحي "المجتمع المدني".

المشهد
تجلس سيدة سبعينية، في المؤتمر الصحافي، وتحمل صورة ابنها سمير، الذي أختطف وهو عسكري من أمام ثكنة الجيش وكان عمره 19 عاماً في العام 1983. وتقول لـ"المدن": "ما فيي إلا ما أنطر هلأ صار عمرو 54 سنة". وهي تطالب الدولة بكشف مصير ابنها، لاسيما أنها تعلم هوية خاطفه، وتقول إنه ملقب بالوحش. إلى جانب أم سمير، تجلس سيدة تحمل صورة شقيقها، الذي خُطف قبل 35 عاماً من داخل منزله في صور.

قصص مفقودين آخرين رواها أشخاص في فيلم تسجيلي عرض في المؤتمر. محي الدين حشيشو، وهو من مواليد 1970، خطف في العام 1982 أمام عائلته، وكان عمره 55 عاماً، واليوم أصبح عمره 91 عاماً. أيمن سليم، من مواليد العام 1962، فقد في العام 1982 وكان في سن العشرين، واليوم أصبح في عمر 66 عاماً. وغيرهم كثر. "حدا سأل شو حاصل فيهم؟ بحقلن ينتخبوا لكن مع وقف التنفيذ، حدا سأل ليه ما فيهم ينتخبوا أو يترشحوا؟".

هنا أختطف
أطلقت جمعية "لنعمل من أجل المفقودين" حملة إعلامية جديدة عن هذه القضية، ووضعت مجسماتٍ تمثل المفقودين في 35 مكاناً مختلفاً من بيروت وضاحيتها، حيث أختطف أشخاص، تحمل الرسالة التالية: "هنا اختطف أشخاص. هنا أو هناك، لقد حان الوقت لمعرفة ما حصل".