لماذا لا يرفع أبوفاعور صوره في البقاع الغربي؟

لوسي بارسخيان
الخميس   2018/04/12
عين الاشتراكي ليست على دروز المنطقة فحسب (لوسي بارسخيان)

تنطلق الماكينة الانتخابية للحزب التقدمي الاشتراكي في دائرة البقاع الغربي- راشيا من خسارة واحد من نائبيها قبل 6 أيار 2018. وعلى مضض تحاول أن تبتلع انتزاع تيار المستقبل مقعد النائب انطوان سعد الأرثوذكسي، لتسير في خطة التنسيق المرسومة مع حليفها في الدائرة، بهدف رفع نسبة التصويت للائحتهما. بالتالي، ترجيح كفة الكسور على مقعد رابع في الدائرة لمصلحتهما.

ليس وجود الحزب التقدمي الاشتراكي في منطقة راشيا طارئاً انتخابياً، بل شكل مقر "وكالة داخلية الحزب" مرجعية تعوض على أهل المنطقة المسافة التي تفصلهم عن الجبل. وفي هذا المركز تحديداً أقام الاشتراكي ماكينته الانتخابية، التي يشرح رئيسها رباح القاضي لـ"المدن" أنها أصبحت جاهزة لخوض الانتخابات. وهي تعتمد على توجهات الناس وثقتهم الواضحة بالحزب. ويوضح أن جمهور الاشتراكي يعتبر ماكينة انتخابية، تعمل إلى جانب اللجان التقنية واللوجستية والسياسية ولجان العلاقات العامة التي شكلت في كل قرية، وتوجهها جميعها الماكينة المركزية للحزب.

في الشكل، يبدو اشتراكيو البقاع الغربي مرتاحين للأصوات التفضيلية التي سينالها مرشحهم وائل أبو فاعور. فانحصار معركتهم بمرشح واحد في لائحة من 6 مرشحين، يريح الماكينة لجهة رفع مرتبة أبو فاعور فيها. ليبقى هاجسها الأساسي رفع نسبة التصويت للائحة، الذي وحده يحول دون حصول أي خروقات غير محسوبة من الطرف المنافس.

المهمة تبدو سهلة في أوساط الناخبين الدروز. ولا يحتاج وليد جنبلاط "ليظهر" بين ناخبية كي يتجاوبوا مع دعوته للاقتراع بكثافة. فالعلاقة مع الناخب هنا هي "الوفاء بالوفاء"، كما يشرح القاضي. "إذ إنه لم يسبق أن خذلت دار المختارة الناس هنا، ولا الناس خذلوا الدار، بل يعتبرون هذه الزعامة المرجع والأمانة التي تحافظ على مستقبلهم ومستقبل أولادهم".

في الأساس يتمتع دروز الأطراف بامتياز حضور قياداتهم السياسية وسط جمهورها، خلافاً للأقليات الأخرى في منطقة راشيا. ما يخلق قناعة بأن المواطن الدرزي يولد تقدمياً اشتراكياً و"يرضع" مبادئها مع حليب والدته. ويكفي أن يذكر البعض حضور وليد جنبلاط شخصياً لتهدئة التوتر الذي ساد قبل سنوات في بلدة عين عطا، اثر اشكالات مع نازحين سوريين تسللوا إلى المنطقة، حتى يثبت هؤلاء أنهم مسنودون بـ"جبل" يشكل "ضمانتهم وأمانتهم وحمايتهم".

عليه، لا يحتاج أبو فاعور إلى رفع صوره الانتخابية في أوساط ناخبيه لحثهم على انتخابه، بل يكفي أن ترفع بعض صور وليد جنبلاط، أو نجله تيمور أخيراً، حتى تبايعه الطائفة مجدداً. فـ"الناس هنا"، كما يقول القاضي، "تصوت بالقناعات السياسية. وفي الأساس نحن في خلاف مع أبو فاعور الذي لا يحبذ نشر صوره، وإن ظهرت في بعض المواقع بمبادرات فردية من المناصرين".

إلا أن عين الاشتراكي ليست على دروز المنطقة فحسب، حتى لو حتم القانون الحالي حصر معركة الأحجام في كل طائفة. ولا يتوقع القاضي نسبة تصويت أقل من تلك التي نالها أبو فاعور في انتخابات 2009، إذ شكلت نسبة التصويت الدرزي له 75%، إضافة إلى التصويت "النوعي" للمناصرين من الطوائف الأخرى. وعين الماكينة على هؤلاء تحديداً، في ظل قانون "مسخ"، كما يقول القاضي، "يفرق الناس طائفياً، ويظهر كأن هدفه الأول القضاء على ظاهرة وليد جنبلاط وكتلته التي شكلت بيضة القبان".

ووفق القاضي، "من المرج إلى عين عطا وينطا، أصواتنا من تمثيل الحزب الاشتراكي في القرى غير الدرزية". ويشير إلى "دور أبو فاعور الفاعل في الحفاظ على هؤلاء، خصوصاً أنه كان حاضراً طيلة فترة ولايته بين ناخبيه. وفي مقر الحزب اتخذ له مكتباً، بقي يستقبل فيه أصحاب الحاجات من كل الطوائف في كل يوم جمعة. وعمل جاهداً على ايصال بعض المؤسسات الأساسية إلى المنطقة، كالمستشفى الحكومي، وبعض فروع الجامعات، بالاضافة إلى تقريب بعض الدوائر الرسمية من المواطنين".

لا تريد الماكينة الانتخابية في المقابل أن يفهم حراكها "مزاحمة" للحلفاء على الصوت التفضيلي وسط جمهورهم. بل تؤكد على التنسيق المستمر مع ماكينة تيار المستقبل، الذي سيتوج يوم الجمعة، في 13 نيسان 2018، بإجتماع هو الثالث بين الماكينتين، ويشارك فيه مرشحو الطرفين، للتنسيق اللوجستي في كل قضايا المندوبين، والعلاقات العامة وتنظيم الزيارات، بهدف زيادة نسبة التصويت للائحة. فهناك، وفق القاضي، "احصاءات وتقديرات لنسب التصويت المتوقعة، تسعى الماكنتان إلى رفعها بكل قرية. على أن يكون خيار الصوت التفضيلي متروكاً للناس". علماً أن أي قرار بتوزيع الأصوات التفضيلية، كما يقول القاضي، "متروك للحظات الأخيرة، وتبته اللجنة الانتخابية المركزية في الحزب، إذا رأت حاجة إلى ذلك".