المدارس اللبنانية تحرم هؤلاء الأطفال من التعليم

هدى حبيش
الخميس   2018/03/22
%5 من الأشخاص تحت سن 15 في لبنان هم من ذوي الاحتياجات الخاصة (علي علوش)

أمضت والدة رضوان (8 سنوات) أشهراً في البحث عن مدرسة تستقبل ابنها، قبل أن تجد له مدرسته الحالية. إذ إن أغلب المدارس "غير مجهزة لاستقبال الكرسي المتحرك"، وفقها. كيندة (10 سنوات) ذهبت إلى مدرسة رسمية لمدة ثلاث سنوات، قبل أن تصنفها المعلمات "من ذوي الاحتياجات الخاصة" وتتوقف المدرسة عن استقبالها. لم تستطع عائلة كيندة تكبّد تكاليف المدارس الخاصة التي تراعي احتياجاتها، فلم تذهب إلى مدرسة بعد ذلك. أما بسمة (9 سنوات) فلم تذهب إلى المدرسة قط، فهي مصابة بمتلازمة داون.

يعمل والدا رضوان 7 أيام في الأسبوع. ويعمل والده 18 ساعة يومياً ليؤمن قسط مدرسته. وفي حين أتاحت الظروف لرضوان الذهاب إلى المدرسة، فإن أطفالاً كثراً في لبنان حرموا من هذا الحق بسبب احتياجاتهم. إذ تقدر "اليونيسف" أن 5% من الأشخاص تحت سن 15، في لبنان، هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، أي نحو 40 ألفاً.

في المقابل، 3806 أطفال من ذوي الاحتياجات من أصل 8558 طفلاً مسجلين لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، يرتادون مؤسسات ممولة من الحكومة ومدارس خاصة ورسمية. في حين تظهر المؤسسات التابعة لوزارة الشؤون على أنها بدائل جيدة، غير أنها تبقى حلاً غير مثالي. إذ لا تتيح لهؤلاء الأطفال فرصة الانخراط في المجتمع. كما أن فقر الأهل يدفعهم إلى تسجيل أولادهم في هذه المؤسسات الداخلية. ما يجبر الطفل على الإنفصال عن عائلته ومجتمعه.

في ظل هذا الوضع، بادر مدير مدرسة زبدين الرسمية خليل زهري منذ 8 سنوات إلى فتح أبواب مدرسته أمام الأشخاص المعوقين، خصوصاً المكفوفين، بالتعاون مع جمعية الشبيبة للمكفوفين. يصف خليل تجربته بالـ"سهلة وغير المستحيلة". وعلى عكس المتوقع، لم تدفع أي تجربة شخصية أو عائلية خليل إلى هذه المبادرة، بل "إرادتي لخدمة وتعليم هؤلاء الأطفال". لكن، خليل يأسف لأن 8 تلاميذ فقط ارتادوا مدرسته، معيداً ذلك إلى "ثقافة الأهل الذين يعزلون هؤلاء الأطفال عن المجتمع"، في حين يفضل الجزء الآخر إرسال أولادهم إلى المدارس الخاصة.

إذا كان خليل وحده قادراً على تقديم تجربة لدمج الأشخاص المعوقين في مدرسته، فإن الحكومة اللبنانية قادرة بالطبع على اتخاذ خطوات وطنية باتجاه التعليم الدامج والشامل، الذي توصي به المنظمات الدولية، ومنها منظمة هيومن رايتس ووتش، التي أعدت تقرير "أود الذهاب إلى المدرسة: الحواجز أمام تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان"، بعد سنة من البحث في لبنان، وأطلقته الخميس في 22 آذار 2018. ويتطلب ذلك تطبيق القانون رقم 220/2000 وتطويره، تجهيز المدارس لوجستياً وبشرياً، توعية الأهل والأطفال الآخرين في المدارس وتدريب المعلمين والأهل، وفق التقرير.