تطيير قائمقام جبيل: التيار يسيطر على القضاء

باسكال بطرس
الجمعة   2018/03/02
استندت وزارة الداخلية إلى كتاب صدر عن رئيس هيئة التفتيش المركزي (علي علوش)
رغم أنّ موعد الانتخابات النيابية مرتقب بعد شهرين من اليوم، إلا أن المعركة الانتخابية بدأت باكراً في جبيل، ومن قائمقاميتها تحديداً. وذلك من خلال قرار وزارة الداخلية نهاد المشنوق المفاجئ والقاضي بوضع القائمقام بالإنابة نجوى سويدان فرح بتصرّف مكتب الوزير مؤقّتاً، وتعيين نتالي مرعي الخوري، التي تدور في فلك التيار الوطني الحر، بديلاً عنها بالوكالة مؤقتاً. قرارٌ اعتبره عددٌ كبير من الجبيليّين، وفي هذا التوقيت بالذات، سياسياً، ويهدف إلى تمكين التيار من السيطرة على القضاء، من خلال أعلى سلطة إدارية تشرف مباشرة على العملية الانتخابية.


تقول مصادر مطّلعة لـ"المدن" إن وزير الداخلية وقّع القرار الذي يحمل الرقم 457 في 27 شباط 2018، وسُرب مضمونه عبر الواتساب. ففوجئت سويدان به قبل أن تتبلّغه رسمياً بعد ظهر الخميس، في 1 آذار 2018.

وتكشف المصادر أنّ مرعي كانت تعمل سابقاً في قائمقامية جبيل، بعدما طلبت نقلها من وزارة التربية والتعليم العالي إلى الداخلية، فتم تعيينها في جبيل بصفتها رئيسة قسم. وفي العام 2011، وبعد بلوغ القائمقام السابق حبيب كيروز السنّ القانونية، تنافست مرعي وسويدان فيما بينهما لتولّي منصبه. وكان الحظ حليف سويدان، فتم تكليفها بمهام القائمقامية بالإنابة. وتوضح المصادر أنّ اختيار سويدان جاء على خلفيّة سياسية، لكونها كانت مقرّبة من رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان.

وكانت مرعي تقدمت قبل أربع سنوات بشكوى بحقّ سويدان لدى هيئة التفتيش المركزي. وعلى الإثر، أجرت هيئة التفتيش تحقيقات عدّة مع سويدان وجميع موظفي القائمقامية من دون أي نتيجة. عليه، وجّه وزير الداخلية في العام 2014 كتاباً إلى مرعي ينصّ على نقلها من القائمقامية إلى وزارة الداخلية، على أن تكون بتصرفه.

أما اليوم، تتابع المصادر، فيبدو أنّه الوقت المناسب بالنسبة إلى مرعي لاستعادة ما تعتبر أنه سُلب منها ظلماً. فالعهد هو عهد الرئيس ميشال عون والتيار الذي تؤيّده وعائلتها، مع العلم أنّ زوجها مسؤول في التيار، فضلاً عن أنه يعمل كمفتش في وزارة العمل. الأمر الذي يشرح التغيير المفاجئ الذي طرأ أخيراً. وتكشف المصادر أنه، وبناءً على طلب رئيس التيار جبران باسيل، أعاد وزير الداخلية مرعي إلى جبيل لتولّي مهام القائمقامية، ولو بالوكالة ومؤقّتاً، على أن يتم نقل سويدان إلى الوزارة مكانها، فتكون هي، هذه المرة، بتصرّف الوزير. وبذلك، يكون للتيار ركيزة إدارية في جبيل قبل الانتخابات، بحيث يكون قادراً على استغلال هذا المنصب في الحملة الانتخابية عند أي قرار قد تتّخذه مرعي.

وكانت وزارة الداخلية قد أكدت في بيان أنّ التدبير الذي اتّخذ جاء استناداً إلى كتاب صدر عن رئيس هيئة التفتيش المركزي القاضي جورج عطية، ويتضمّن ملفّاً عن مخالفات سويدان، وإسناد الوظيفة إلى موظفة أخرى بالإنابة، وبصورة مؤقتة، ينطلق من مبدأ ضرورة تسيير المرفق العام. كما أنّ الداخلية بانتظار صدور قرار عن هيئة التفتيش بعد اكتمال نصابها ليبنى على الشيء مقتضاه.

وتعليقاً على القرار، اعتبر المرشّح عن المقعد الماروني في دائرة جبيل– كسروان ورئيس بلدية جبيل السابق زياد الحواط، في تغريدة في تويتر، أنّ "ما تعرضت له قائمقام جبيل دليلٌ قاطع على تدخل السلطة المباشر لتسيير الانتخابات النيابية باتجاه بوصلتها السياسية والحزبية". وإذ وصفه بـ"الاحتلال السياسي لجبيل عن طريق إخضاع الناس وترهيبهم"، أكّد الحواط "أنّنا لن نخضع، و6 أيار هو الانتفاضة الحقيقية، وإنّ غداً لناظره قريب". وغرّد النائب السابق فارس سعيد قائلاً: "استبدال قائمقام جبيل بقائمقام آخر قبل شهرين من الانتخابات النيابية موضوع سياسي وليس ادارياً".

في المقابل، ترد مصادر قيادية في التيار في حديث إلى "المدن"، على الاتهامات بالقول إن ما حصل في قائمقامية جبيل يأتي في اطار الاجراءات الادارية، ولا علاقة للتيار به، بل إن ما قام به الوزير المشنوق هو اجراء قانوني بحت، لأنه الوزير المعنيّ بالتدخلّ مع موظفي الفئة الثانية التي تنتمي إليها سويدان.

وإذ تلفت إلى أن القائمقام في ظل المركزية الإدارية ليس سوى ضابط إيقاع للعمل الإداري ضمن القضاء، وبالتالي لا يمكن أن يعوّل كثيراً على هذا المنصب بما أنه يتماهى مع منصب المحافظ لجهة الصلاحيات، تصف مصادر التيار ما يثار بالعمل الممنهج لتضليل وحرف الأنظار عن مخالفات سويدان الادارية. و"يأتي في اطار مؤامرة ودعاية سوداء لضرب مصداقيتنا لدى الرأي العام على أبواب الانتخابات"، داعية إلى انتظار نتائج تحقيقات هيئة التفتيش ليبنى على الشيء مقتضاه.