14 آذار: كل فريق يتحالف مع خصوم رفيقه

منير الربيع
الخميس   2018/03/15
هل تتحالف القوات مع ريفي؟ (الأرشيف)

تمر الذكرى الثالثة عشرة لانتفاضة 14 آذار، بأسوأ حال على مكونتاها وعلاقتهم. شتان ما بين انتخابات اليوم، وانتخابات العامين 2005 و2009. ليست المسؤولية ملقاة على قانون الانتخاب وحده. فحين أقرّ هذا القانون، كانت الحسابات السياسية مختلفة عن الواقع الحالي، خصوصاً بين القوات وتيار المستقبل. في تلك الحسابات، كان التحالف محسوماً بينهما مع التيار الوطني الحرّ، ولكن مع الافتراق في الرؤى ووجهات النظر، وحروب الالغاء وصراع النفوذ استولد خلافات سياسية أوصلت إلى حدود الاتهامات بالتخوين.

"القلّة تولّد النقار" هي حال أفرقاء قوى 14 آذار. قادهم استشعار قلّة عدد مرشحيهم إلى الخلافات في ما بينهم، وخصوصاً بين المستقبل والقوات، وبين القوات والكتائب. يتهمون بعضهم البعض، بالذهاب إلى خيارات لا تنسجم مع ثوابتهم، فرضتها عليهم المصلحة الانتخابية ومعركة الحواصل والنواب. بين المستقبل والقوات، معركة على أشدها بشأن المقاعد المسيحية في الدوائر المشتركة. لطالما طالبت القوات المستقبل بمنحها المقاعد التي تستحقها في الدوائر المشتركة، لتكبير حجمها التمثيلي مسيحياً، لكن المستقبل يرفض ذلك، وهو الحريص على تقديم ترشحيات عابرة للطوائف. مع التسوية الرئاسية، توسع التشرذم. اتهم الكتائب المستقبل والقوات بانتخاب خيار حزب الله والتخلّي عن السيادة. تقارب المستقبل من التيار الوطني الحر وإبرام تحالف انتخابي يشمل أغلبية الدوائر، انعكس سلباً على القوات، التي استشعرت مواجهة حصار تتعرّض له.

حاول كثيرون إعادة إحياء 14 آذار، لكن ما فات قد فات. حاولت المملكة العربية السعودية الدخول على خط إنتاج تحالف انتخابي لهذه القوى، لكن المحاولات فشلت. استطاع الحريري إقناع المملكة بأن القانون يفرض خوض الاتخابات بشكل فردي. وفيما تقدّمت محاولات التحالف في عدد من الدوائر، عادت وتبددت كل الايجابيات، بسبب الخلاف الأزلي حول المقاعد المسيحية. يرفض المستقبل منح القوات مرشحاً مارونياً في دائرة البقاع الغربي، ويرفض منحها المقعدين الكاثوليكي والماروني في بعلبك- الهرمل، مع إمكانية إعادة احياء التحالف هناك، في ظل تقدّم المفاوضات مع الرئيس حسين الحسيني، بحيث يتم توزيع المرشحين بالتوازي، 3 للشيعة المعارضين لحزب الله، و3 للحسيني، و2 سنّة للمستقبل، والماروني والكاثوليكي للقوات.

المشكلة الأساسية بين الحليفين، والتي أسهمت في تراجع حظوظ التحالف، كانت في دائرة زحلة، رفضت القوات التحالف مع الكتلة الشعبية، ومع التيار الوطني الحرّ. كما أن القوات لم يعجبها عرض الحريري في هذه الدائرة. وفيما يتعاطى المستقبل مع القوات بطريقة استعلائية، وفق ما تصف مصادر قواتية المفاوضات، يؤكد قيادي مستقبلي هذا التوصيف بدون تسميته، إذ يعتبر أن القوات تستخف بالقدرة الانتخابية للمستقبل في عدد من الدوائر، لكن حساباتها ستدفعها إلى الندم في النهاية. وقد وصل الإشكال إلى دائرة صيدا- جزين، إذ إن المستقبل يتعاطى مع القوات بإيجابية تجاه ترشيح وهبي قاطيشا في عكار، لكنه يشترط تنازل القوات عن مرشحها في جزين، عجاج الحداد، ومنح أصواتها للائحة المشتركة التي يشكلها مع التيار الوطني الحر.

في ظل انسداد الأفق بين المستقبل والقوات، تجد الأخيرة أمامها فرصة الذهاب إلى خصوم الحريري ولكن الذين تلتقي معهم على الثوابت السياسية، كاللواء أشرف ريفي، وحزب الكتائب. تقدّمت مساعي التحالف بين القوات والكتائب في زحلة وبيروت الأولى، لكن حال التضعضع السياسي بينهما لا تزال آخذة في التوسع، خصوصاً في ما يتعلّق بالتحالفات بدائرة كسروان- جبيل.

تعلّق شخصية مرتبطة بقوى 14 آذار، بأسى على حال أحزابها، تقول: "لا ينسى الجمهور السيادي الأزمة التي نتجت عن خلاف فارس سعيد وحزب الكتائب في الأمانة العامة للرابع عشر من آذار وأسفرت عن بداية تمايز كتائبي تحت ذريعة تحديد الأحجام. وشكّل هذا التمايز المسمار الأول في وحدة هذه القوى. يقترن هذا الكلام، بالحديث عن تحالف في دائرة كسروان-جبيل يرأسه النائب والوزير السابق فريد الخازن مع  الكتائب وسعيد". وخلال احتفال الكتائب خرج رئيس الحزب ليعلن أن الحزب وحده، مشيراً إلى أنه سيتحالف مع من يشبهه في الموقف السيادي. لم يعد الشيخ وحده، فهو وجد التشابه بينه وبين القوات في زحلة وبيروت الأولى، ومع الشيخ فريد هيكل الخازن في كسروان، بعد غض النظر عن بعض التفاصيل. وما ينطبق على الكتائب يجوز على الدكتور فارس سعيد الذي بمناسبة ومن دون مناسبة أطلق المواقف النارية على المصالحة المسيحية تحت ذريعة دعم مرشح سوريا والتخلّي عن المبادئ السيادية.