محاسبة الذكوريين.. من البرازيل إلى لبنان

ميرنا ناصرالدين
الخميس   2018/10/04
يعقوبيان ليست آخر الضحايا (عباس سلمان)

"إنها قبيحة جداً ولا تستحق أن تُغتصب"، "يجب ألا توظيف النساء إذا ما كان من المحتمل أن يحملن"، "أفضل أن يموت ابني بحادث على أن يكون مثلي الجنس"، جملة تصريحات لجايير بولسونارو، خرجت مجدداً الى العلن إثر ترشحه لانتخابات الرئاسة البرازيلية التي تجري في 7 تشرين الأول 2018.

مرور سنوات على تصريحات مرشح اليمين المتطرف، لم يعفه من المحاسبة. فمنذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها بولسونارو الملقب بـ"ترامب البرازيل"، ترشحه إلى رئاسة الجمهورية، خرجت آلاف الناساء بتظاهرات في مدن برازيلية عدة ومدن أخرى في أنحاء العالم، لرفع الصوت ضد من يريد الوصول إلى السلطة حاملاً معه عصا التمييز والعنصرية والذكورية.

موجة الاحتجاجات النسائية، بدأت بحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم إطلاق هاشتاغ "إيلي ناو" بالاسبانية، ومعناه "ليس هو". انتشر سريعاً وحاز أكثر من أربعة ملايين متابع.

ودعت الحملة عبر صفحة "نساء متحدات ضد بولسونارو" على فايسبوك، النساء من جميع الانتماءات السياسية إلى التعاون، "ضد تعزيز الذكورية وكراهية النساء والعنصرية ورهاب المثلية وغير ذلك من الأحكام المسبقة.

لم تتجاهل البرازيليات تصريحاته، ولم تدعها تمر مرور الكرام. توقفن عند كل محطة من تاريخه المليء بتعليقات تشمل معارضته الاجهاض والاستخفاف بالمرأة وجرائم الاغتصاب، وكرهه الافارقة والمهاجرين ومثليي الجنس.

أعدن النساء في البرازيل تذكير الرأي العام العالمي بتصريحات المرشح، وما زلن يقاتلن من أجل محاسبته.

التذكير والمحاسبة، خطوات أولى في رحلة تغيير ثقافة التفوق الجنسي في كل المجتمعات، على عكس ما هو حاصل في لبنان، إذ إن عمر الذاكرة الشعبية قصير، ومبدأ المحاسبة لا يدخل في قاموسنا، وإلا لماذا وصلت العديد من الشخصيات السياسية التي لطالما أتحفتنا بتصريحات عنصرية ومحقرة للمرأة إلى السلطة، ولماذا سطع نجم بعض المحللين والإعلاميين على هواء قنواتنا، إكراماً لـ"الرايتينغ".

آخر هذه التصريحات جاءت على لسان شخصية تحمل صفة محامٍ وإعلامي ومحلل سياسي، ترحب بها المنابر. وقد اختارت شن هجمة أقل ما يمكن وصفها بـ"الغرائزية" و"الرخيصة" على النائب بولا يعقوبيان.

جوزيف أبو فاضل آثر الرد على نقد يعقوبيان السياسي للعهد و"بي الكل"، بجملة "بتقبلي نقول عنك مرضعة الكل"؟.

أبو فاضل ليس أول الذكوريين، ويعقوبيان ليست آخر الضحايا، في مجتمع ذكوري أبوي، يقوم رجاله محصنين دينياً واجتماعياً بوضع النساء أمام تحدٍ يومي باختصار المرأة بالجنس، واستخدام جسدها كأداة لنقدها ومهاجمتها حد التحرش، وتنميطها وتطويقها، وإطلاق الاحكام عليها ومحاكمتها.

وإذا كان إصلاح المجتمع يتطلب نضالاً طويلاً وتراكماً ثقافياً وسن تشريعات جديدة تحد من الذكورية، لا بد من أن نبدأ نحن كأفراد وناشطين ومؤثرين وقادة رأي وصحافيين، منذ الآن بالتأسيس لثقافة جديدة عبر محاسبة كل الشخصيات العامة التي تطلق خطابات وتصريحات عنصرية وذكورية منافية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة، ومنع وصولها إلى أي موقع عام، ومنع ظهورها على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، ومقاطعتها كلياً، وتنظيم حركات احتجاجية على غرار ما حصل في البرازيل، لتنشيط ذاكرة الرأي العام وحثه على المحاسبة، ثم المحاسبة.