عون وبري يستقلاّن النقل البرّي

خضر حسان
الثلاثاء   2018/01/16
الإضرابات ستستمر حتى تقرر الزعامات السياسية عكس ذلك (ريشار سمور)

عاد إضراب اتحادات النقل البري في لبنان إلى الواجهة بعد تأجيل بسبب الوعود التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون، لحل مشكلة المطالب الخمسة التي ترفعها الاتحادات، التي تصب في رأيها في مصلحة الدولة اللبنانية وقطاع النقل البري.

بعد نحو 3 أشهر من تاريخ لقاء الاتحادات بعون، لم يُفلح رئيس الجمهورية في "إعادة خدمة المعاينة الميكانيكية إلى كنف الدولة، وتطبيق القانون في ما يخص منع عمل صهاريج المحروقات ذات لوحات التسجيل الخاصة، وليس العمومية، منع تسجيل الصهاريج التابعة لأفراد وليس مؤسسات، قمع مخالفات السيارات والباصات الخاصة، إن لجهة عمل سيارات ذات اللوحات الخصوصية، أو لجهة عدم امتلاك السائق إذن مزاولة المهنة، ناهيك بمخالفات تزوير اللوحات. بالإضافة إلى إدراج خطة النقل على جدول أعمال مجلس الوزراء، والذي لم يحصل أبداً"، وفق ما يقول رئيس الاتحادات بسام طليس لـ"المدن".

المطالب محقة، خصوصاً أن علامات استفهام كثيرة تُطرح بشأن تلزيم مراكز المعاينة الميكانيكية لشركة خاصة، في حين أن الدولة تستطيع تسيير هذا المرفق، والاستفادة من عائداته بشكل كامل. أما قضايا التزوير، فحدّث ولا حرج. لكن، "لماذا تحركت الاتحادات اليوم، في ذروة الأزمة السياسية بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري؟"، تسأل مصادر في قطاع النقل.

يُعيد طليس السبب إلى أن "الاتحادات تمهّلت سابقاً بسبب أزمة وجود رئيس الوزراء سعد الحريري خارج البلاد. فلم يكن من اللائق تنفيذ الإضراب المقرر سابقاً، في ظل ظرفٍ طارئ بهذا الحجم. ومع عودة الحريري، وفي ظل غياب أي أفق للحل، ترى الاتحادات نفسها مضطرة إلى العودة إلى الإضراب، الخميس في 1 شباط 2018". لكن المصادر تضع، في حديث إلى "المدن"، تعليل طليس في المرتبة الثانية. إذ إن "الأولوية في ظل غياب القرار النقابي المستقل، هي للقرار السياسي". وترى المصادر أن "اتحادات النقل ترفع مطالب محقة، وهي مطالب يمكن أن تُسقِط حكومات لو أن النقابات تتحرك بشكل مستقل عن القرار الحزبي. غير أن الدفاع عن المطالب المحقة لا يكون موسمياً ووفق مصلحة الزعامات السياسية".

وفي حين يؤكد طليس استمرارية التحركات وفق ما تقرره الاتحادات، تؤكد المصادر أن "الإضرابات ستستمر حتى تقرر الزعامات السياسية عكس ذلك. ولو كانت مصلحة مراكز المعاينة هي المقصودة من التحركات، لوجدنا ضغطاً أكبر وأكثر فعالية. أما عن لوحات التسجيل المزوّرة، فأكثر مزوّري اللوحات ودفاتر السوق هم من المدعومين حزبياً، ومعروفون لدى أبناء قطاع النقل في المناطق".

تطلب المصادر استعادة شريط الاعتصامات التي كانت تنفذها الاتحادات، أو تلك التي قام بها أصحاب الشاحنات في الفترة التي كانت هيئة التنسيق النقابية تدعو فيها إلى اعتصامات وإضرابات لتطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب. "حينها كانت الاتحادات تعطل الطرقات، وأصحاب الشاحنات نفذوا إضرابهم الشهير على أوتوستراد الجنوب، وقطعوا خلاله الأوتوستراد، مانعين الأساتذة من الوصول إلى بيروت. حينها، كان القرار السياسي قد أتخذ لمنع تصاعد التظاهرات. وبعد إطباق أحزاب السلطة الخناق على هيئة التنسيق النقابية ورابطة أساتذة التعليم الثانوي، لم نشهد إضرابات للشاحنات ولا اتحادات النقل البري. واليوم، تعود الإضرابات مع تأزم العلاقة السياسية بين عون وبري".

وتلفت المصادر إلى أن "هناك إضرابات أخرى ستشهدها البلاد، في أكثر من قطاع. ومراقبة خريطة السيطرة السياسية على النقابات والاتحادات التي ستنفذ الإضرابات، يُظهر سببها الحقيقي، وهو الشارع مقابل الشارع. مع استثناء النقابيين الحقيقيين الذين يستغلون التحركات لرفع مطالبهم المحقة، وبعض هؤلاء من الحزبيين، لكنهم يغلّبون المصلحة النقابية على المصلحة الحزبية والسجالات السياسية بين أهل السلطة".