بيروت1: المجتمع المدني رقم صعب

وليد حسين
الثلاثاء   2018/01/16
من المتوقع أن لا يتخطى الحاصل الانتخابي في هذه الدائرة 8 آلاف صوت (علي علوش)

انطلقت معركة الانتخابات النيابية باكراً في دائرة بيروت الأولى على وقع التغريدات الناريّة المتبادلة بين النائب نديم جميّل والوزير السابق نقولا صحناوي من ناحية، وتوصُّل قوى المجتمع المدني وقوى المعارضة إلى اتفاق لخوض الانتخابات في جميع الدوائر تحت مظلة عنوانها "التحالف الوطني" من الناحية الثانية. وإذا كانت تغريدات الجميّل والصحناوي (اتهم الأول الثاني بكونه "طارئاً على السياسة في الأشرفية"، ورد الأخير معتبراً الجميّل "لم يرث عن أبيه إلا الاسم") قد حسمت عدم تحالف حزب الكتائب مع التيار الوطني الحر في هذه الدائرة، كما بات مستبعداً تحالف الكتائب مع التحالف الوطني، وفق ما أكّدت مصادر التحالف.

حسمت قِوى المجتمع المدني ومجموعات الحراك خيارها. فبعد أخذ ورد وخروج بعض المجموعات حسم التحالف أمر مشاركة العونيين السابقين المتمثلين بالقيادي السابق في التيار زياد عبس. ففي حديثه إلى "المدن"، يؤكد الأخير أن الأمور باتت منتهية، وتمّ حسم مشاركتهم في التحالف بعدما وقّعوا على الوثيقة السياسية وميثاق التعاون، فجميع القوى متفقة على الرؤية السياسية. أما بعض المجموعات المدنية التي انسحبت بسبب وجود حزبيين في هذا التحالف فلم يأتِ انسحابها جرّاء خلافات جوهرية، بل لظروف خاصة تتعلق بترشحهم في مناطقهم، وفق عبس.

وسيكون التحالف منفتحاً على التعاون مع بقية المجموعات، لاسيما حركة مواطنون ومواطنات في دولة، بعدما باتت الخلافات محصورة. ويؤكد عبس أنه سيكون للتحالف لوائح ومرشحين في جميع الدوائر لإيجاد جو معارض للوائح السلطة. ويؤكد العضو المؤسّس لحركة مواطنون ومواطنات معن الأمين أن الحركة ستشارك في الانتخابات عبر مرشحين في جميع الدوائر بما فيها بيروت الأولى وستكون منفتحة للتحالف مع جميع القوى التي تتشارك معها الموقف السياسي. وهذا يسري على التحالف الوطني أيضاً.

أما في ما يتعلق بالكتائب، فتؤكد مصادر التحالف الوطني أن مسألة التحالف مع الأحزاب السياسية عليها أن تمر بالهيئة العامة وموافقة الجميع، لكن ليس هناك توجه لعقد تحالفات مع الأحزاب السياسية الممثلة في السلطتين التنفيذية والتشريعية. وهذا يسري على "أحزاب المحاور" غير الممثلة في أي من السلطتين أيضاً. بالتالي، تسأل المصادر، عدا عن كون الكتائب ممثلاً في السلطة التشريعية، هل حسم هذا الحزب مع من سيتحالف في الانتخابات؟

عليه، باتت بورصة التحالفات في بيروت الأولى قائمة على تشكيل أقله ثلاث أو أربع لوائح أساسية. ففي حال استمرّ الجو الوفاقي بين مكونات المعارضة المدنية، ستتشكل في دائرة بيروت الأولى لائحة معارضة عمادها العونيون السابقون ومجموعات لبلدي وطلعت ريحتكم وبدنا نحاسب، إضافة إلى حزب سبعة، مع إمكانية مشاركة حركة مواطنون ومواطنات. بينما لم تتّضح معالم التحالفات الانتخابية على ضفة القوى السياسية بعد. ربما يذهب الكتائب إلى خوض المعركة منفرداً مع بعض القوى المدنية غير المنضوية في التحالف في بيروت، كما تؤكّد مصادره. فالكتائب سيخوض المعركة وفق وحدة المعايير في جميع الدوائر ولن يذهب للتحالف مع هذا الطرف في دائرة ومع طرف آخر في دائرة أخرى.

الخطاب المعارض القائم على أسس السيادة واضح عند الكتائب. بالتالي، سينطبق هذا الأمر على القوات مثل غيرها من القوى السياسية، كما تؤكد المصادر. بالتالي، ربما تشكّل القوات لائحة ثالثة مع الوزير ميشال فرعون في حال ذهب الكتائب منفرداً ولائحة رابعة للتيار الوطني الحر والكتلة الأرمنية. أو ربما يقتصر الأمر على ثلاث لوائح في حال تحالفت القوات مع التيار.

من المبكر الحديث عن النتائج التي ستفرزها معركة بيروت الأولى بسبب طبيعة توزّع الناخبين بين القوى السياسية والمدنية في هذه الدائرة. فقد حملت نتائج الانتخابات البلدية السابقة كثيراً من المفاجآت، حيث حصلت لائحة بيروت مدينتي على النسبة الأكبر من المقترعين. لكن، المعطيات الانتخابية لهذه الدائرة تغيرت كثيراً عن الانتخابات السابقة. فوفق الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أصبحت هذه الدائرة "مسيحية" بعد ضم منطقة المدوّر اليها.

يضيف شمس الدين أن هناك "تراجع في عدد الناخبين في هذه الدائرة بسبب انخفاض عدد الولادات. كما أن الأغلبية الأرمنية لم تشارك في الانتخابات النيابية في الدائرة الثانية سابقاً، حيث نجح المرشحان الأرمنيان بالتزكية. وعلى مستوى توزع ناخبي الطوائف، يشكل الأرمن الكاثوليك والارثوذوكس أغلبية ناخبة نحو 47 ألف ناخب، والروم الارثوذكس 27 ألفاً والموارنة 17 ألفاً والروم الكاثوليك 13 ألفاً والأقليات المسيحية 15 ألفاً. بينما يغيب تأثير الصوت المسلم لكون السنة يشكلون نحو 13 ألف ناخب والشيعة نحو ألفي صوت والدروز 500 ناخب فقط.

أما المجموع الكلي للناخبين فيصل إلى نحو 133 ألفاً، علماً أنه في العادة نسبة الاقتراع تكون منخفضة في هذه الدائرة. بالتالي، من المتوقع أن لا يتخطى الحاصل الانتخابي 8 آلاف و500 صوت. أي أنه يعتبر منخفضاً، وسيكون من السهل على التكتلات الانتخابية تحقيق هذا الحاصل. لذا، من الصعب تحديد كيف ستكون نتائج هذه الدائرة لكونها تضم قوى متعددة تملك تأثيراً قوياً أهمها: الطاشناق والقوات والكتائب ومناصري الوزير فرعون والمجتمع المدني والتيار الوطني الحر والعونيين السابقين. هذا يعني أنّ النتائج ستكون مفتوحة على احتمالات عدة، ما زال من الصعب التكهّن بها قبل تشكل التحالفات، كما يؤكد شمس الدين.