هذه خريطة وصاية أحزاب السلطة على هيئة التنسيق والعمالي

علي نور الدين
الثلاثاء   2017/09/26
تقاسم النفوذ السياسي تسلّل إلى روابط هيئة التنسيق النقابية (مصطفى جمال الدين)

مع صدور قرار المجلس الدستوري بإبطال الزيادات الضريبيّة، تشخص الأنظار إلى المعركة النقابيّة المقبلة من أجل الحفاظ على مكتسبات سلسلة الرتب والرواتب، خصوصاً أن سؤال السلطة يتمحور اليوم حول سبل تمويل السلسلة في غياب الزيادات الضريبيّة. ومع المعركة النقابيّة، يبرز السؤال عن اصطفافات النقابات التي يُفترض أن تحمل هذا المطلب، وولاءاتها السياسيّة.

الاتحاد العمالي العام
على صعيد الاتحاد العمّالي العام، لا يوجد تغيير جدّي في طبيعة السيطرة السياسيّة عليه، وإن كانت انتخابات شهر آذار 2017 أفضت إلى انتخاب بديل من غسّان غصن، الذي ترأسه لمدّة 16 سنة. فهذه الانتخابات أظهرت أنّ حركة أمل مازالت الطرف الأكثر نفوذاً في الاتحاد، إلى درجة اختيار المكتب العمّالي للحركة رئيس الاتحاد الحالي بشارة الأسمر ونائب الرئيس حسن فقيه، قبل أي مشاورات سياسيّة مع القوى السياسيّة الأخرى.

مع الإشارة إلى كون أمل حاولت بعد إختيارها الأسمر وفقيه اعطاء مشهد توافقي لانتخابات الاتحاد من خلال توزيع بعض مقاعد المجلس التنفيذي على الأحزاب الأخرى، التي عادت وسلّمت باختيار الحركة للرئيس ونائب الرئيس رغم بعض الممانعة في البداية.

هيئة التنسيق النقابية
أدت هيئة التنسيق النقابيّة دوراً أساسيّاً في المطالبة بسلسلة الرتب والرواتب خلال فترة من الفترات، فعوّضت عدم فعاليّة الاتحاد العمّالي العام. إلا أنّ تقاسم النفوذ السياسي تسلّل إلى الروابط التي تشكّل الهيئة في الفترة الماضية. ما وجّه ضربة إلى فعاليّتها بعدما أصبح عمل روابطها أسير التسويات والصفقات السياسيّة.

تنشط في هيئة التنسيق النقابيّة اليوم 6 روابط هي: رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، رابطة معلّمي التعليم الأساسي الرسمي، رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي، رابطة موظّفي الإدارة العامّة، نقابة المعلمين في المدارس الخاصّة، رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي الرسمي.

مشهد تقاسم النفوذ الحزبي في روابط الهيئة يبدأ برابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، التي وقعت في يد لائحة "توافق" أحزاب السلطة منذ كانون الثاني 2015، حين أسقط هذا التحالف لائحة النقابي حنّا غريب الذي مثّل لفترة طويلة رأس حربة المعركة من أجل السلسلة. يرأس الرابطة حاليّاً نزيه جباوي، الذي مثّل حركة أمل في لائحة أحزاب السلطة.

سيناريو التوافق الحزبي ضد الرموز النقابيّة تكرّر في نقابة المعلمين في المدارس الخاصّة، حيث تكتّلت أحزاب السلطة في لائحة واحدة لتنجح في اسقاط لائحة النقابي نعمة محفوض، مع العلم أنّ محفوض كان من أبرز رموز التحرّك من أجل السلسلة. ومنذ ذلك الوقت يرأس الرابطة رودولف عبّود ممثّل التيّار الوطني الحر في لائحة التوافق.

رابطة معلّمي التعليم الأساسي الرسمي أيضاً سقطت في قبضة التوافق الحزبي منذ العام 2015، في لائحة مشتركة أفضت إلى وصول محمود أيّوب ممثّلاً حركة أمل إلى رئاسة الرابطة. مع العلم أنّ قوى السلطة واجهت في هذه الانتخابات وجوهاً نقابيّة ومطلبيّة بارزة.

التحاصص أيضاً رسم انتخابات رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي. إذ توافقت قوى السلطة على لائحة مشتركة في وجه التيّار النقابي المستقل. ونجح التوافق كما في الروابط الأخرى بالفوز وايصال نضال ضومط من التيّار الوطني الحر إلى رئاسة الرابطة.

أمّا رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي الرسمي فظلّت بعيدة من ضجيج المعارك السياسيّة القاسية، لتسيطر عليها أجواء التوافق السياسي الهادئ بين المكوّنات الحزبيّة. ويرأس الرابطة حاليّاً عصام عزّام، وهو من الناشطين النقابيين المقرّبين من الحزب التقدّمي الإشتراكي.

انتخابات رابطة موظّفي الإدارة العامّة كانت عرضة لطعون وخلافات حادّة خلال السنة الماضية. لكن، الخلاف انتهى بفوز لائحة تحالف حركة أمل وتيّار المستقبل في وجه لائحة الرئيس السابق للرابطة النقابي محمود حيدر، ويرأس الرابطة اليوم حسن وهبي من حركة أمل.

هكذا، بينما تمّ تخدير الاتحاد العمّالي العام منذ زمن طويل، تمكّنت الأحزاب التي تمثّل مكوّنات السلطة تدريجاً من قضم الروابط التي شكّلت هيئة التنسيق النقابيّة، عبر سيناريو التوافق الحزبي الشامل الذي تكرّر في جميع الروابط تقريباً. واليوم، يبدو واضحاً كيف أثّرت الاعتبارات الحزبيّة والسياسيّة على فعاليّة هيئة التنسيق النقابيّة وإنسجام مكوّناتها.

فأي حركة نقابيّة ستواجه السلطة بفعاليّة في سبيل المكتسبات التي حقّقتها السلسلة، إذا كانت الروابط النقابيّة تمثّل أحزاب السلطة نفسها؟