جعجع يسأل والحريري يجيب: معاً ومفترقان

منير الربيع
الإثنين   2017/09/18
مخاوف جعجع من تكرار تجربة زيارة الحريري دمشق (الأرشيف)

سارع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى لقاء الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط، بعد عودته من موسكو ولقاء المسؤولين الروس. سرعة اللقاء، تقود ببداهة إلى الاعتقاد بأن جعجع أراد الاطلاع على ما سمعه الحريري في موسكو، والإستعلام منه عن مجريات الأوضاع وتطوراتها في المستقبل. ولا شك في أن تفاصيل الزيارة كانت حاضرة في هذا اللقاء، لكنه أيضاً لم ينحصر في التباحث فيها، بل جرى خلاله عرض جولة أفق في مختلف التطورات المحلية والخارجية.

يأتي اللقاء بعد سلسلة تطورات داخلية وخارجية، وسيل من المواقف للرجلين، عكست تلك المواقف بعض التباعد أو الاختلاف في وجهات النظر السياسية بينهما، لجهة مقاربة المواضيع السياسية. فجعجع الذي تماهى مع المواقف السعودية التصعيدية والتي تجلّت بتغريدات الوزير ثامر السبهان، وجد نفسه وحيداً في هذا الميدان، فيما الحريري اتخذ مواقف تتسم بطابع التهدئة تجاه حزب الله، خصوصاً في ما يتعلّق بمعارك الجرود.

يوم ذهب الحريري إلى دمشق في العام 2009، كان جعجع آخر من يعلم، وهو لا يريد تكرار تلك التجربة، إنما يريد أن يكون أول العالمين. قرأ جعجع مقال الحريري الشهير في صحيفة الشرق الأوسط، كما قرأه اللبنانيون. وحينها اعتبر أنه تعرّض لطعنة من الحريري، الذي لم يضعه بتفاصيل التطورات التي سيقدم عليها. لذلك، أراد استعجال اللقاء في بيت الوسط، كي لا تتكرر الفعلة نفسها، بعد زيارة الحريري إلى موسكو، وما حكي عن أن الحريري أراد الاطمئنان من بوتين بأن لا تمر أي تسوية على حساب لبنان، وبأنه أراد الحصول على حصّة في إعادة الإعمار، فيما اشترط الروس تطبيع العلاقات مع النظام لتحقيق ذلك.

تنفي مصادر قريبة من الحريري ذلك، وتعتبر أن إعادة الإعمار في سوريا غير مرتبطة بأي علاقة مع النظام، لأن النظام غير موجود، وروسيا هي التي تمسك بزمام الأمور هناك، وبأن لبنان سيكون عنصراً فعالاً في مجال إعادة الإعمار. وهنا، ثمة من يعتبر أن مهادنة الحريري في الداخل وتنازلاته لها علاقة بصب اهتمامه على أمور أكبر من التفاصيل السياسية الداخلية، وتتعلق بتوفير مزيد من الدعم والأموال لعملية إعادة الإعمار في سوريا التي يطمح إلى أن يكون شريكاً فيها. وهناك معلومات تتحدث عن أن الحريري يسعى مع الأوروبيين وغيرهم للحصول على تمويل يضعه في استثمارات إعادة الإعمار. ولعل هذا الهدف هو سبب التباعد في المواقف بينه وبين جعجع الذي يستمرّ بالتصعيد.

وقد يكون أكثر ما أثار خشية جعجع، هي الأصداء اللبنانية التي رافقت زيارة الحريري إلى موسكو، وتجلّت في مواقف بعض الوزراء ورموز الثامن من آذار، الذين عملوا على ضخّ أجواء تفيد بأن الحريري يسعى للمصالحة مع النظام السوري، وما يندرج من ذلك في إطار الضغط عليه، حتى اعتبروا أن طريق دمشق تمرّ بحارة حريك والمصنع، وهي الطريق نفسها التي على الحريري أن يسلكها ليشارك في إعادة الإعمار. فيما يعتبر مستقبليون أن الحريري غير مضطر إلى ذلك، والأيام المقبلة ستكشف مزيداً في هذا الخصوص، خصوصاً أنه غير مطلوب من الحريري أي تنازل لمصلحة النظام السوري.

إلى جانب محاولة جعجع استشراف الآفاق المقبلة لدى الحريري، فقد حرص على إعادة رص الصفوف مع التيار الأزرق. وتؤكد مصادر معراب أن اللقاء كان أكثر من جيد وإيجابي، إذ جرى خلاله البحث في ضرورة التنسيق للمرحلة المقبلة. ولا تخفي المصادر أن لبنان مقبل على مرحلة ضبابية. وتلفت المصادر إلى أن جعجع طرح سؤالاً أساسياً على الحريري، إذا ما كان سيستمر بهذا النهج التنازلي أم أنه سيعود إلى رص الصفوف والتصعيد في إطار المواجهة، فأجابه الحريري بأنه لن يتخلى عن ثوابته ولكنه سيواجه على طريقته.