من يعاقب الشوف بالنفايات.. ولماذا؟

صفاء عيّاد
الجمعة   2017/08/04
الكسارة متوقفة عن العمل منذ نحو شهرين
بقيت قضية إنشاء مطمر في منطقة إقليم الخروب عالقة، رغم الحل المؤقت لأزمة النفايات التي واجهها لبنان، إذ وُجِهت في تموز 2015 بانتفاضة من أبناء الإقليم، ضد المطمر الذي سيهدد المنطقة وأهلها.

ومذاك تحارب بلديات المنطقة الشركات المتعهدة في ملف النفايات بمنعها من جمع نفايات الإقليم، ونقلها إلى مطمري برج حمود وكوستابرافا. وكان آخرها استثناء منطقة إقليم الخروب من عقود شركة سيتي بلو، التي تسلمت جميع أعمال الكنس والجمع في أقضية بعبدا والشوف وعاليه، إبتداءً من 4 حزيران 2017.

والحال أن كل بلدية تعمد إلى حل مؤقت ستنتج عنه كوارث صحية وبيئية، إذا استمرت على مدى طويل. فكل بلدية تقوم على نفقتها بتلزيم شركة خاصة جمع النفايات أو رميها في مكبات عشوائية، فاق عددها 40 مكباً عشوائياً بين القرى والبلدات، ناهيك بحرق النفايات المستمر.

ومع توارد معلومات عن سعي شركة جهاد العرب شراء إحدى الكسارات، الموجودة في بلدة بعاصير الشوف، من مالكها محمد سعيد القعقور، أعيد الحديث عن نية فتح ملف المطمر من جديد، وسط تخوف الأهالي من التدخل السياسي للضغط من أجل اعتماده، لاسيما من قبل الحزب التقدمي الإشتراكي.

الكسارة متوقفة عن العمل منذ نحو شهرين، وفق معلومات "المدن"، وقد سحبت منها المعدات. ما قد يشير إلى نية مبطنة لانشاء مطمر للنفايات فيها. لكن هذا ما ينفيه رئيس بلدية بعاصير أمين القعقور، في حديث إلى "المدن"، واضعاً هذه المعلومات في إطار "الشائعات والاجتهادات التي يقوم بها أبناء البلدة". ويؤكد القعقور أن الكسارة لاتزال بإسم مالكها من آل القعقور. وفي سؤال عن صاحبها، يقول رئيس البلدية إنه يعاني من وضع صحي ومشكلة في التنفس ولا يقوى على الكلام.

حال من الضياع والتخبط تصيب قرى منطقة إقليم الخروب، حيث يرى الأهالي أن الأسلوب الذي تتبعه الدولة اللبنانية هو بمثابة قصاص لجعلهم يرضخون لسلطة الأمر الواقع بانشاء مطمر في المنطقة، مؤكدين مجدداً أن فكرة انشاء المطمر ستواجه بالتظاهرات وقطع الطرق.

وفي بلدة برجا، وهي رأس الحربة في مواجهة المطامر في الإقليم، يشير الأهالي إلى أن هناك تحضيرات جدية لتحريك الشارع مجدداً خلال الشهر المقبل. ويؤكد رئيس بلديتها نشأت حمية أن محاولات الضغط وتقديم الحلول غير العملانية في المنطقة لن تجدي نفعاً، وهناك محاولات للضغط على الأهالي بسبب وجود المكبات العشوائية التي ستتذرع بها الأحزاب من أجل القبول بفكرة انشاء المطمر. لكن "على جثتنا. وما حدا يجرب أهل برجا".

ويقول حمية إن اتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي قدم طرحاً يقضي بانشاء معامل فرز ومعالجة، "لكننا سنواجهه بالرفض أيضاً"، بسبب سوء إدارة الدولة ملف معالجة النفايات. "وعود كثيرة قيلت عند انشاء معمل الجية الحراري ومعمل سبلين، بشأن المراقبة الدورية والمحاسبة عند الاخلال بالشروط الصحية والبيئية، فهل لنا أن نعاود الكرّة بتجربة المصانع؟".

وإذ يؤكد رئيس اتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي زياد حجار أن فكرة إنشاء المطامر مرفوضة بشكل قاطع، يشير إلى أنه قدم طرحاً منذ نحو 6 أشهر وتمت الموافقة مبدئياً عليه من البلديات المنضوية في الاتحاد. وهذا الطرح يقضي بتقسيم منطقة إقليم الخروب إلى ثلاث مناطق لمعالجة النفايات: المنطقة الأولى تضم بلدة شحيم وجوارها، والمنطقة الثانية تضم بلدات برجا وجدرا والجية وبعاصير وسبلين، بينما ستشمل المنطقة الثالثة بلدة كترمايا وجوارها، على أن يكون لكل منطقة معمل خاص لفرز ومعالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة. وقد قام عدد من المعنيين بزيارات ميدانية إلى الخارج (إيطاليا وألمانيا) من أجل نقل التجربة إلى إقليم الخروب، فيما تبقى المشكلة في ايجاد أرض لانشاء المعامل الثلاثة عليها.

وينفي الاتحاد، الذي أجرى زيارات ميدانية في المنطقة تضمنت زيارة كسارتي الجية وبعاصير، أن يكون قد تم اعتماد أي منهما لانشاء معمل أو مطمر. ويشير حجار إلى أن حل المعامل هو حل بيئي لا تنتج عنه أي انبعاثات أو أضرار، وستبلغ تكلفة معالجة الطن الواحد من النفايات بين 80 و90 دولاراً، في حين تبلغ كلفة معالجة النفايات في قرى الأقليم بالطرق العشوائية وغير البيئية نحو 80 دولاراً. 


الحزب الإشتراكي
ومع كثرة الحديث عن محاولة الحزب الإشتراكي الضغط على الأهالي للقبول بإنشاء المطمر، يشير عضو اللقاء الديمقراطي النائب أكرم شهيب، في حديث إلى "المدن"، إلى أن قرى الإقليم ذاهبة في اتجاه الفوضى، فـ"كيف للأهالي أن يقبلوا بمطامر عشوائية ويرفضون انشاء مطمر منظم في المنطقة؟"، نافياً أن يكون الحزب قد مارس أي ضغط على البلديات والأهالي، أو علمه بالتفاوض بشأن كسارة بعاصير.

أما عن طرح انشاء معامل لتوليد الطاقة، فيقول شهيب إن هذا الطرح بعيد الأمد، لأنه على الأقل يحتاج إلى عامين ونصف ليكون جاهزاً، كما أن "البلديات غير قادرة على تنفيذ مثل هذه المشاريع". ويصر شهيب على أن الخيار الأمثل هو القبول بانشاء المطمر حالياً، ليس في منطقة الإقليم فحسب، بل انشاء مطمرين خارج نطاق بيروت الكبرى، في البقاع وعاليه مثلاً، ريثما تجد الدولة حلاً نهائياً.