عين الحلوة: المتشددون 80 مقاتلاً وخلايا نائمة

خالد الغربي
الثلاثاء   2017/08/22
لم ينجح أي وقف لاطلاق النار (خالد الغربي)

يقدر عدد المتطرفين الذين يقاتلون في حي الطيري داخل مخيم عين الحلوة، وفي عمقه في حيي رأس الأحمر والصفصاف، بنحو 80 متشدداً أصولياً. وهم مدربون تدريباً رفيعاً ويقاتلون من يكفرونه حتى الرمق الأخير.

ينتمي هؤلاء إلى مجموعات بلال بدر ومجموعة بلال العرقوب، الذي تسبب في حلقة الاشتباكات المستمرة منذ الخميس في 17 آب، ومجموعة عبد فضه، الذي تردد أنه أصيب في الاشتباكات، ومجموعة أبوجمرا التي تتمركز في الصفصاف، وآخرين.

وإذا طال القتال وتوسع، فمن المؤكد انضمام مجموعات متشددة أخرى بقيت حتى اللحظة خارج القتال. مثلاً، لوحظ استنفار عناصر من بقايا جند الشام ومجموعات متشددة في منطقة خارج دائرة الاشتباكات. وهكذا سيكون موقف مطلوبين لبنانيين وفلسطينيين، كشادي المولوي والعشرات ممن يشبهونه، وخلايا موجودة يقال إنها نائمة وقد تصحو بأمر من مشغليها.

الفتحاويون في المخيم يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك. فلا يميزون بين أصوليين معتدلين ومتطرفين، بل يقولون إن مقنعين من فصائل إسلامية معروفة في المخيم شاركوا في القتال إلى جانب بلال بدر خلال المعركة التي دارت في نيسان 2017. ومعنى ذلك أن الثمانين متطرفاً الذين يقاتلون في الطيري، سيصبحون أضعافاً إذا توسعت رقعة الاشتباكات، التي تعدت نيرانها، الأحد في 20 آب، حي الطيري مع سقوط قذائف في حيي الرأس الأحمر وحطين اللذين تسيطر عليهما جماعات متشددة أيضاً.

فتح: لا تراجع
عين على عين الحلوة في سباقها المحموم بين الانفجار الشامل والتهدئة المتعثرة ولادتها حتى الآن، مع سقوط أكثر من وقف لإطلاق النار. عناصر فتح متحمسون لحسم المعركة، رغم معرفتهم ظروفها. فاجتثاث من يسمونهم "الدواعش" كلفته باهظة مادياً وبشرياً. لكن "لا يمكننا المساومة على أمن شعبنا، وليكن وجع ساعة ولا كل ساعة"، يقول بسام السعد قائد القوة الأمنية.

أما قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبوعرب، فيشير في حديث مع "المدن" إلى اتصالات تلقاها الجانب الفلسطيني بضرورة لجم التدهور، كي لا تحرف الأنظار عن معركة جرود رأس بعلبك. ويقول مسؤول عسكري كبير في حركة فتح، فضل عدم ذكر اسمه، "أعددنا منذ عدوان نيسان مسرح المواجهة مع خاطفي عين الحلوة من الدواعش بإتقان ودراية". ويشرح: "أهلنا مجموعاتنا، وأجرينا تحقيقات عن الإخفاقات العسكرية خلال نيسان، حاسبنا المقصرين، وكلف أبو أشرف العرموشي قيادة الأمن الوطني الفلسطيني في عين الحلوة، وعززنا الدور الاستخباراتي لأي عمل عسكري نقوم به".

لكن، هل هناك تناقض بين عسكر فتح وساستها؟ ينفي الفتحاويون ذلك. ويعززون وجهة نظرهم بأن المكلف بالساحة الفلسطينية في لبنان عزام الأحمد يميل إلى خطوات تعزز إمساك فتح بالوضع الفلسطيني في لبنان، وأنه ناقم على تصرفات حركة حماس.

اليوم الخامس
ميدانياً، تميز اليوم الخامس من الاشتباكات بأنه كان الأعنف، مع استخدام غزارة نيران من مختلف أنواع الأسلحة. وتميز باستخدام أسلحة ثقيلة، إذ سُجل قصف بمدافع الهاون ومدافع مباشرة B10. والبعض قال إن مدفعاً مباشراً من عيار 106 قصف من حي الصحون وجبل الحليب منازل لجأ إليها متشددون في الرأس الأحمر والصفصاف، فضلاً عن العبوات الناسفة التي استخدمت في تدمير جدران. أصداء القصف العنيف كانت تسمع بوضوح في مدينة صيدا وقراها.

وسجل تقدم قوات الأمن الوطني وفتح داخل الطيري، وإن كان محدوداً. فثبت عناصر فتح وجودهم في حي الصحون ومبنى الأسدي، وداخل قاعة اليوسف، بعدما تصدوا لست محاولات هجوم عليها من جانب المجموعات المتشددة منذ الخميس الماضي.

وسقط في اليوم الخامس قتيل وخمسة جرحى، من بينهم مساعد بلال بدر عزالدين أبو داوود، الملقب بـ"ضبايا"، الذي أصيب اصابة بالغة، وتردد أن ساقه بُترت، وتم نقله إلى مستشفى الراعي في صيدا وسط مراقبة مشددة على غرفته من عناصر مخابرات الجيش. وتردد أن بدر أصيب اصابة طفيفة. وأدت الاشتباكات إلى احتراق منازل سكنية ومحال تجارية وإلى أضرار جسيمة في الممتلكات وفي شبكتي المياه والكهرباء. وتسببت في نزوح مزيد من سكان المخيم إلى مدينة صيدا .

وتردد أن أبوأشرف العرموشي، الذي يعتبر القائد الميداني لمعركة عين الحلوة، قد قال: "أعطوا فتح مهلة 24 ساعة لحسم المعركة"، بينما اشترط بدر انسحاب فتح من حي الصحون والمنازل التي تقدمت إليها في الطيري لوقف اطلاق النار.

وعصراً عقدت اللجنة السياسية المركزية لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الفلسطينية والقوى الإسلامية اجتماعاً في مبنى سفارة فلسطين في بيروت. وقرر المجتمعون تثبيت وقف اطلاق النار في المخيم. غير أن اطلاق النار استمر مع ساعات الليل الأولى. وأبلغ مشارك في الاجتماع "المدن" أن المجتمعين أثاروا مسألة ما يسببه استمرار الاشتباكات من حرج فلسطيني تجاه السلطة والشعب اللبنانيين في وقت يخوض الجيش اللبناني معركة ضد الارهاب.