جولة في الجرود: هنا كانت النصرة وهنا مازال داعش

صبحي أمهز
الخميس   2017/07/27
هناك هدنة لمدة ٧٢ ساعة (علي علوش)

من "استراحة الحسين للمجاهدين"، بدأت الرحلة نحو جرود عرسال. كل شيء يوحي أننا متجهون نحو منطقة عسكرية. اللباس المرقط، السيارات رباعية الدفع، الشاحنات الصغيرة الناقلة للمؤن. والأهم التعليمات الأمنية بعدم تصوير وجوه المقاتلين وبعض الأعتدة العسكرية.

رحلة جرود عرسال التي انطلقت من يونين، كانت صحراوية. فالغبار سيد الموقف. إذ مشينا نحو ساعتين في جرد لا يقطع صحراويته سوى بعض بساتين الكرز التي يملكها العراسلة، وأصبحت ضمن دائرة الاشتباك بين حزب الله وجبهة النصرة.

في الطريق من وادي الرعيان باتجاه وادي العوينة، يختلط مشهد النقاط العسكرية بمشهد الآليات التي تجوب الطريق ذهاباً وأياباً. بعضها مموه باللون العسكري الصحراوي، وبعضها الآخر بألوان سوداء أو بيضاء. لكنها، جميعها، تصل في آخر الأمر إلى ساحة المعركة.

بعد طول سير وصلنا إلى وادي العوينة، حيث لا أثار لمعركة أو دمار. ذلك أن المعركة دارت في جرد لا يقطع وحشته سوى بعض الصخور، التي تتخذ في غالبيتها طابع الدشم الفردية. في العوينة، ممنوع تصوير الآليات والعناصر. لا معلم فيها سوى سجن صغير كانت تستعمله النصرة، فضلاً عن بعض الحلل وقن للدجاج ومسكبة مزروعة بالخس وبعض الخضراوات.

ننتقل من العوينة في اتجاه وادي الخيل. هناك يخبرنا أحد المقاتلين أننا نقف في الحد الفاصل بين الجردين اللبناني والسوري. لا يختلف وادي الخيل في تضاريسه عن العوينة. لكن الاختلاف الوحيد هو أن آثار المعارك فيه تبدو واضحة على مبنى كانت تستخدمه النصرة لصيانة آلياتها، على ما يفهم من المحركات الموجودة في داخله، ومن آثار الرصاص على سيارتي بيك آب وشيفروليه رباعيتي الدفع.

يقترب شخص يدعى أبو تراب ليدلنا إلى مدفع معطل وملالة للجيش اللبناني كانت النصرة قد صادرتها في أحداث عرسال 2014. نسأله عن الأراضي وبساتين الكرز الموجودة في المنطقة، فيقول: "هذه الأرض ستكون تحت سيطرة الجيش اللبناني دون سواه".

يقترب شخص آخر من الإعلام الحربي ليدلنا إلى الجبال المواجهة لنا. ويقول: "هناك تتمركز داعش. ووادي حميد والملاهي لا يزالان نقطة اشتباك، إلا أن هناك هدنة لمدة ٧٢ ساعة فسحاً في المجال للمفاوضات. فالنزوح باتجاه البلدات اللبنانية غير مسموح بشكل نهائي. وأي انتقال من وادي حميد والملاهي سيكون نحو العمق السوري".