بلدية بيروت "تتبرع" بـ900 ألف دولار.. من أين ولماذا؟

حنان حمدان
الجمعة   2017/07/21
من الأجدى ترشيد مالية بلدية بيروت وتحديثها (خليل حسن)

ضج المجتمع البيروتي قبل أيام بمسألة تقديم بلدية بيروت مساهمة بقيمة مليون دولار لجمعية بيروت الثقافية، واليوم يتم تناقل قرار أتخذ بموافقة أكثرية أعضاء مجلس بلدية بيروت، في 21 نيسان 2017، ينص على منح مساهمة مالية بقيمة 900 ألف دولار كدعم لمهرجان تقيمه جمعية(BEASTS) Beirut Events and Street Shows، فيما تحفظ إثنان من الأعضاء على القرار، وهما هدى سلوم ومُغير سنجابة وغياب آخرين.

انتقدت هذه المساهمة بشدة من قبل كثيرين، لاسيما أهالي بيروت وسكانها، الذين قاربوا المسألة لناحية الفائدة التي كانت ستعم على سكان بيروت لو أن هذه الأموال استخدمت بشكل صحيح. وهذه مسألة ترتبط برؤية البلدية وأولوياتها التي بدت كأنها بعيدة كل البعد من تطلعات سكان المدينة وهمومهم ومشاكلهم.

لكن البعض يبرر منح الأموال إلى الجمعيات بتنفيذها مشاريع ثقافية وسياحية تحرك العجلة الإقتصادية في المدينة. وهذا ما لا يوافق عليه عضو بيروت مدينتي عبد الحليم جابر، الذي يقول إن الأموال لا تصرف لاعتبارات ثقافية، إنما انتقائية. ذلك أن البلدية تمنعت عن رصد 980 ألف دولار كميزانية لبيت بيروت تكفيه لمدة ثلاث سنوات، بينما منحت مهرجاناً سيستمر ثلاثة أيام القيمة نفسها تقريباً. بالتالي، فإن هذه المساهمة تعد قيمة كبيرة في ظل الحديث عن تضاؤل ايرادات البلدية، من الرسوم والضرائب على رخص البناء، مثلما تضاءل الفائض من الأموال لديها.

فكيف يتم منح مثل هذه المساهمات لجمعية واحدة؟ وما صحة وجود عجز مالي لدى البلدية؟

الحال أن الضبابية المالية التي خيمت على المجالس البلدية المتعاقبة، سمحت بوجود أرقام ورؤى فضفاضة. إذ لا توجد ميزانية مرصودة دقيقة وواضحة لكل اعتماد، حيث لم يجر قطع حساب للبلدية منذ 8 سنوات. لكن الموازنة التي أقرت في كانون الثاني وأصبحت نافذة في شباط 2017، وحصلت عليها بيروت مدينتي، الشهر الماضي، من البلدية في مستند مختوم غير قابل للتشكيك، تُظهر أن النفقات المقدرة فيها هي 455 مليون دولار و"الواردات العادية" 197 مليون دولار، في حين أن الواردات "الإستثنائية" التي لم ترد في جدول الموازنة، الذي حصلت عليه بيروت مدينتي، تبلغ 258 مليون دولار، وفق ما يؤكد العضو في بيروت مدينتي آندريه سليمان لـ"المدن". علماً أن عيتاني أكد مراراً أن العجز المقدر في العام 2017 سيبلغ 42 مليون دولار. فما هو مصدر الواردات الإستثنائية ولماذا لم تُلحظ في الجداول؟

هذا السؤال حملته "المدن"، مع أسئلة أخرى، إلى عيتاني الذي فضل عدم الحديث عن الموضوع، قائلاً إن "أرقام الموازنة واضحة وقرارات المجلس البلدي محقة، وليس هناك ما نخجل به".

أما عن تغطية العجز من أموال البلدية المودعة في المصرف المركزي، كما يشاع، فيقول سليمان إنه مؤشر إلى ادارة مالية غير سليمة. فمن الأجدى ترشيد مالية بلدية بيروت وتحديثها من أجل زيادة المداخيل واستخدامها في استثمارات أكثر استدامة تعود على البلدية بمداخيل إضافية لتغطية نفقاتها.