ملف يوسف إلى الاقفال: القضاء لا يقرأ الوثائق

خضر حسان
الثلاثاء   2017/06/20
كان لافتاً مسارعة التفتيش المركزي إلى تهدئة الوضع (علي علوش)
بعد نحو عام ونصف، رسى مركب الدعاوى القضائية ضد المدير العام السابق لهيئة أوجيرو، عبدالمنعم يوسف، على شاطئ قاضي التحقيق في بيروت فادي عنيسي، الذي قرر ترك يوسف بموجب سند إقامة. ولعل ذلك بمثابة إسفين في نعش الثأر السياسي الذي طبع ملف يوسف منذ بدايته. لا لأن يوسف خارج شبهات الفساد، بل لأن الحديث عن فساد إدارته لأوجيرو تزامن مع إشتعال الحرب الباردة في تيار المستقبل، بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس كتلته النيابية فؤاد السنيورة. وكما هو معروف، فإن يوسف محسوب على السنيورة.

قرار عنيسي الصادر يوم الإثنين 19 حزيران، "يعني أن ملف يوسف يتجه إلى الإقفال"، وفق ما تقوله لـ"المدن"، مصادر مطلعة على القضية. وتسنتند المصادر في كلامها إلى أن "القضية من الأساس سياسية وليست قضائية. والصفقة السياسية التي أرست قواعد العهد الجديد، وتثبيت الحريري قدميه في الحكومة، وسيره في صفقة التوافق على قانون الانتخابات الجديد، حيّدت جانباً كل القضايا الأخرى التي تثير السجالات داخل تيار المستقبل، ومنها قضية يوسف، خصوصاً أن المضي فيها قد يكشف خبايا فساد، يعتبر المستقبل أنه بالغنى عنها، لأن كشف الفساد ليس معركته الأساسية".

وتشير المصادر إلى أن القضاء "لم يحصل على أي مستند واضح يدين يوسف. وهو ما سهّل إنهاء الملف دون إدانة يوسف، مع أن كل القوى السياسية التي شنت حملة عليه أكدت تورطه بالفساد، وأبرزت أدلتها، لكن الوثائق لم تتحول إلى وثائق تدعم العملية القضائية. وإلى جانب الغطاء السياسي الذي رفعه المستقبل عن يوسف، تولى جنبلاط أكثر من مرة الهجوم عليه، تارة بشكل علني، وطوراً دون تسميته، إذ قال في حقّه أن "أكبر وزير لا يستطيع أن ينفّذ خطة تطوير القطاع (الاتصالات) من دون موافقته"، في إشارة إلى مدى قوة يوسف في وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو.

وبشكل غير مباشر، جاء كلام وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور، كتكملة لحرب جنبلاط على يوسف. إذ فتح أبو فاعور مراراً قضية "منع" يوسف دخول التفتيش المالي الى أوجيرو منذ سنوات. لكن ما كان لافتاً حينها، هو مسارعة التفتيش المركزي الى تهدئة الوضع من خلال التلويح بسرية تحقيقات التفتيش التي تجريها المفتشيات العامة، والتي لا تصبح علنية "إلا عند إقترانها بقرار نهائي يصدر عن هيئة التفتيش المركزي". بمعنى ان التفتيش المركزي سحب أي سجال في القضية، حتى وإن كان محقاً، وذلك تجنباً لإحراج التفتيش حيال عدم قيامه بواجبه كاملاً في اوجيرو وغيرها من المؤسسات.

عليه، فإن إنصراف كل طرف في السلطة إلى ملفات سياسية أكثر "أهمية" من قضية يوسف، وعدم متابعتها في القضاء بشكل جدّي، يعيد إلى الأذهان موقف وزير الاتصالات السابق بطرس حرب، الذي أشار إلى تسييس الملف، رافضاً إتهام يوسف، معتبراً أن "على القضاء أن يأخذ مجراه".