نسبيّة الـ15 دائرة: أي تمثيل تحقق؟

علي نور الدين
الخميس   2017/06/01
الإيجابيّة الوحيدة التي يحققها هي التخلص من النظام الأكثري (علي علوش)
ترتفع أسهم مقترح قانون الانتخاب القائم على النسبيّة وفق 15 دائرة، مع الصوت التفضيلي. والقانون ليس سوى نسخة معدّلة عن المشروع الذي طرحه الوزير السابق مروان شربل في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، قبل أن يضع النائب جورج عدوان تعديلاته و"لمساته" عليه ويسوّقه في الأيّام الماضية.


كيف يتم الانتخاب وفق المقترح؟
يقوم المقترح على تقسيم لبنان إلى 15 دائرة، على أن يتم الانتخاب للائحة ككل على صعيد الدائرة الانتخابيّة وفق النظام النسبي، ويتم اعطاء الصوت التفضيلي للمرشّحين من ضمن اللوائح على صعيد كل قضاء.

هكذا، يتم تحديد عدد المرشّحين الفائزين من كل لائحة في الدائرة وفق نسبة الأصوات التي حازتها اللائحة ككل. أمّا تحديد هويّة المرشّحين الفائزين من كل لائحة بعد احتساب عدد مقاعدها، فيتم وفق التراتبيّة التي يحققها المرشّحون داخل اللائحة نفسها من خلال الصوت التفضيلي في كل قضاء.

وقد تم تقسيم الدوائر (وفق صيغة عدوان المعدّلة) على الشكل التالي:

جبل لبنان، أربع دوائر:
بعبدا.
جبيل وكسروان.
عاليه والشوف.
المتن.

الجنوب، ثلاث دوائر:
الزهراني وصور.
جزين وصيدا.
النبطيّة، بنت جبيل، مرجعيون وحاصبيّا.

البقاع، ثلاث دوائر:
زحلة.
البقاع الغربي وراشيّا.
بعلبك، الهرمل.

الشمال، ثلاث دوائر:
عكار.
طرابلس، المنية والضنيّة.
الكورة، زغرتا، بشري والبترون.

بيروت، دائرتان:
الأشرفيّة، الرميل والصيفي.
رأس بيروت، دار المريسة، ميناء الحصن، زقاق البلاط، المزرعة، المصيطبة والباشورة.

مروان شربل: هكذا ولد المقترح، وهكذا تعدّل
يقول شربل لـ"المدن" إن المشروع الأساسي الذي طرحه لحظ نماذج مختلفة، راوحت بين 9 دوائر و14 دائرة، "حتّى أنّنا ناقشنا 15 دائرة، ولم يوافق على هذا العدد".

ويشرح شربل أن النقطة الأساسية في الصيغ المختلفة لمشروعه لا تتعلّق فعلاً بكيفيّة تقسيم الدوائر، بل في طريقة اختيار من يربح ويخسر من كل لائحة وفق الصوت التفضيلي. "ولإنجاز الصيغ، تمّت الاستعانة بفريق عمل كبير من حقوقيّين ودستوريين وخبراء وأفراد من المجتمع المدني وحتّى بعض سفارات الدول التي تستعمل النظام النسبي".

يضيف: "قمنا بصوغ النماذج المختلفة للمشروع بعدد دوائر مختلفة، ووضعنا محاكاة لنتائج محتملة في كل صيغة، إلى أن تم التوافق داخل مجلس الوزراء على صيغة 13 دائرة. وأحلنا المشروع إلى مجلس النوّاب، ومازال هناك".

وبالنسبة إلى شربل، فإن عدوان يقوم حاليّاً بتسويق بعض الأفكار التي تقرّب وجهات النظر، تمهيداً للموافقة على المشروع الموجود في مجلس النوّاب، مع بعض التعديلات التي قام بها في عدد الدوائر. أمّا نقل بعض المقاعد من دائرة إلى أخرى، وهو المقترح الذي تمّ التداول به مع مشروع القانون، فلا علاقة له بالمشورع نفسه أو بالنسبيّة من حيث المبدأ.

50 نائباً بـ"القوّة الذاتيّة" للمسيحيّين
يؤكّد شربل أنّ مشروعه يحرّر، إلى حد ما، الصوت المسيحي، خصوصاً إذا تم اعتماده وفقاً لـ15 دائرة، كما يسوّق عدوان. فمثلاً "تتحرّر زحلة من تأثير أصوات البقاع الغربي، بمعنى أنّ الصوت المسيحي في زحلة يصبح مؤثراً أكثر". لكنّه يؤكّد في الوقت نفسه أن معرفة عدد الأصوات الممكن تحقيقها لكل لائحة منذ الآن "هو من سابع المستحيلات".

ووفق الاحصاءات والفرضيّات والمحاكاة التي قام بها فريق عمل شربل، فعدد النوّاب القادرين على الوصول بالقوّة الذاتيّة للمسيحيّين هو نحو 50 نائباً. لكنّه في الوقت نفسه يستدرك أن هذا لا يعني 50 نائباً للأحزاب المسيحيّة. فهذا الرقم يشمل أيضاً المستقلّين المسيحيين خارج الأطر الحزبيّة.

ربيع الهبر: إيجابيّات وسلبيّات، رابحون وخاسرون
يسهب الخبير الانتخابي ومدير مركز ستاتيستكس ليبانون ربيع الهبر في شرح تبعات القانون المقترح، الذي سيفضي في رأيه إلى بروز كتلة وازنة من المستقلّين الجدد داخل المجلس. ووفق الهبر، أكبر الرابحين من هذا القانون هو الطرف المسيحي بشقّيه. أمّا أكبر الخاسرين المحتملين فهو "تيّار المستقبل الذي سيخسر جزءاً وازناً من كتلته في أي انتخابات وفق هذا القانون، إذ سينخفض عدد نوّابه من 37 نائباً اليوم إلى ما بين 24 و25 نائباً".

ووفق الهبر، إيجابيّات القانون هي عدم إقصاء أحد عن التمثيل، كما أنّه يمثّل الأقليّات والمستقلّين ويحسّن التمثيل المسيحي، ويسهم في إيجاد تعدّديّة داخل الطوائف. أمّا سلبيّاته فهي عدم حل مسألة التمثيل المسيحي بشكل جذري، كما أنّه ينشئ دوائر من لون طائفي واحد.

عبدو سعد: لا يصلح لنا إلا "نسبيّة الدائرة الواحدة"
يبدو مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات عبدو سعد أكثر تشاؤماً حيال القانون المقترح. إذ إنّ الإيجابيّة الوحيدة التي يحققها هي التخلص من النظام الأكثري. لكنّ الحل في رأي سعد لا يكمن في هذا القانون كما هو، فـ"نحن في لبنان لا يصلح لنا سوى النسبيّة الشاملة والكاملة مع الدائرة الواحدة". يضيف: "في كل البلدان المتحضّرة عندما يكون هناك نسبيّة، لا يتم تحقيقها إلا من خلال الدائرة الواحدة".

ووفق سعد، ما يحصل في لبنان، من تقسيم دوائر، لا يحقق مفاعيل النسبيّة الحقيقيّة، وهي تمثيل كل الأقليّات العرقيّة والطائفيّة والسياسيّة. فـ"أكبر الطوائف في لبنان مثلاً هي طائفة اللا-طائفيين، وهؤلاء من الصعب جدّاً أن يتمثّلوا وفق هذا القانون المطروح الآن، وكذلك الأحزاب العابرة للطوائف".

الشيطان.. في التفاصيل
يختلف الخبراء في توصيف مفاعيل القانون الذي يعمل عدوان على تسويقه. لكنّ شيطان الانتخابات اللبناني يقبع في تفاصيل قوانينها دائماً. فكيف سيتم تعديل هامش التمثيل (أو هامش التخطّي) المطلوب كنسبة من أصوات الدائرة قبل المنافسة على مقاعدها؟ وهو الهامش الذي سيحدد عمليّاً قابليّة المنافسة خارج المحادل الحزبيّة. وما مصير غيرها من الإصلاحات الانتخابية المرجوّة من قبيل الكوتا النسائيّة وورقة الإقتراع الموحّدة والمراقبة الجديّة والفعّالة للإنفاق الانتخابي؟