هكذا تمّ التلاعب بالخطوط الهاتفية لحزب الله

عباس سعد
الجمعة   2017/05/12
وصلت هذه الاتصالات إلى نحو 10.000 رقم هاتفي (Getty)

كيف تمّ التلاعب بالخطوط الهاتفية الثابتة التابعة للعلاقات الإعلامية في حزب الله، بحيث بات ممكناً لشخص ما اجراء مكالمات عبرها تتضمن جملة مثل "قاتل شهيدنا مصطفى بدرالدين يلقي خطابه أمامكم"، بالتزامن مع خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، في ذكرى مقتل بدرالدين، الخميس في 11 أيار؟

تقول أوجيرو، في بيان لها الجمعة، إن عدداً من المواطنين في مناطق لبنانية مختلفة (نحو 10.000 رقم هاتفي) تلقوا اتصالات مشبوهة، من خلال استعمال تقنية عالية لاختراق الشبكة الهاتفية من خارج لبنان.

ونتيجة التدقيق الفني تبين أن "هذه الاتصالات جاءت من فرنسا وإيطاليا وسوريا والعراق ودول أخرى إلى داخل الشبكة اللبنانية من دون أن تظهر الأرقام الحقيقية الصادرة عنها، وتم التلاعب عمداً بالرقم الذي يظهر على شاشة الهاتف المتلقي ليظهر وكأن مصدرها شبكة الهاتف الثابت. من هنا، نعتقد أن العدو الإسرائيلي هو وراء هذه الاتصالات المشبوهة، التي سبق أن حصلت في العدوان الإسرائيلي في العام 2006".

والحال أن تزوير مكالمات الخطوط الثابتة (الأرضية) ممكن بطريقتين، وفق ما يشرح لـ"المدن" مهندس اتصالات فضل عدم ذكر اسمه. الأولى وبكل بساطة تحدث عبر السنترال الأرضي التابع لكل حيّ، حيث يمكن لأي أحد يملك رابطاً فيزيائياً مع الخط الثابت أن يتصل منه ويفعل ما يريد. فإذا وضعت آلة معيّنة تلتقط جميع الخطوط عند كل نقطة توزيع، سيصبح بإمكان السنترال أن يملك رابطاً على أي خط. بالتالي، يمكن أن يستعمله كما يشاء كأنه المستخدم الأصلي.

لكن هذا يقتضي أن تكون المكالمات حصلت من لبنان أو بالأحرى من الحي أو المنطقة التي يوجد فيها الهاتف الثابت. وهذا ما هو مستبعد أن يحصل في منطقة يسيطر عليها حزب الله. كما أنّ بيان أوجيرو يؤكّد أن الإتصالات مصدرها خارج لبنان.

أمّا الاحتمال الثاني، والأقرب إلى الصحة، فهو أن تجري هذه الإتصالات والمكالمات عبر تطبيقات على الإنترنت. فيحصل كثيراً أن يقوم الناس بتشريج خطوطهم على تطبيقات مثل "Skype" و"2Line" و"VOXOX" وغيرها، بحيث يمكن استعمال هذه التطبيقات لاجراء مكالمات من الخطوط الهاتفية، حتى لو كانت هذه الخطوط خارج البلد الذي تعود إليه مفاتيحها.

لكن، كيف يسهم ذلك في تزوير المكالمات؟ هنا تكمن المشكلة. فيمكن عبر هذه التطبيقات تحديد الرقم المتصّل والرقم المتلقّي. واذا كان من المفترض أن يضع مستخدم هذه التطبيقات رقمه الشخصي في خانة الرقم المتصل، إلا أنه يمكن أن يضع رقماً لشخص آخر فيجري الإتصال بين هذا الشخص الآخر والمتلقي. لكن هذا ما يمكن ألا يحصل إذا راقب "مشغلّ التيليكوم"، وهو المشغّل الذي ينقل موجات الاتصالات بين الشبكات والخطوط في لبنان، الموجات الآتية من هذه التطبيقات، ومنع حصول اتصالات في حال كان هناك محاولة لتزوير رقم ما. وهذا ما يحصل في بلدان كالولايات المتحدة. أما في لبنان فتترك الموجات كما هي.

وعندما تترك الموجات، يحوّل مشغّل التيليكوم موجات الاتصالات اللاسلكية إلى نظام أوجيرو السلكي الذي بدوره ينتج المكالمة بين الرقم الثابت والخطوط الخلوية الأخرى التي حددها التطبيق مسبقاً. وهذا الاحتمال إذا كان صحيحاً، فإنّ إصلاحه لا يتطلب "تحقيقات واجراءات وتدابير فنية"، كما جاء في بيان أوجيرو، بل مراقبة الموجات التي تأتي من هذه التطبيقات عند مشغّل التيليكوم. بالتالي، منع الاتصالات المزوّرة، لأن الأمر يمكن أن يطال جميع المواطنين اللبنانيين وليس إعلام حزب الله فحسب.