"نقابتي" تخترق الأحزاب: جاد تابت المفاجأة

عباس سعد
الأحد   2017/04/09
طوال اليوم بقيت خيمة نقابتي محتشدة (ريشار سمور)
جاد تابت، المهندس المخضرم، نقيب المهندسين في بيروت بعد فوزه، مرشحاً عن "نقابتي للمهندسة والمهندس"، السبت في 8 نيسان، بفارق 21 صوتاً عن مرشح التيار الوطني الحر بول نجم (4079-4058). وهو فوز نظر إليه مدنيون ومستقلون باعتباره أملاً ببدء التغيير. 


لكن التحالف الحزبي الخماسي، التيار وحزب الله وحركة أمل والقوات اللبنانية وتيار المستقبل، الذي خسر مقعد النقيب، تمكن من الفوز في جميع مقاعد عضوية المجلس الخمسة: عضوا الفرع الأول والسابع للقوات (إيلي كرم وميشلين وهبه)، وعضو لكل من حزب الله (عدنان عليان) وأمل (حيدر الأخرس) والمستقبل (باسم العويني) في الجمعية العمومية.

في البدء، كانت الأجواء في النقابة حزبيّة، لكن هادئة. المتحالفون وغير المتحالفين كان لكل منهم خيمته الخاصة واللوائح التي يوزعونها. وزع الحلف الخماسي اللائحة نفسها. لكن المفارقة هي وجود مرشحين للقوات في الأفرع، والتشطيب في انتخاب أعضاء الأفرع غير ممكن. لأن المقترع يختار مرشحاً واحداً فقط من أصل خمسة. أمّا مرشحو الجمعية العامة فيمكن التشطيب من بينهم، لأن المقترع يختار ثلاثة من أصل عدد كبير من المرشحين. هكذا، ظهر أن سحب القوات مرشحها عن مركز النقيب توجّته بضمانها فوز مرشحيها لعضوية المجلس من دون أي شك.

الأحزاب الأخرى دعمت نقابتي أو مرشحين آخرين. فالحزب التقدمي الإشتراكي والحزب الشيوعي وحزب الكتائب وزّعوا لوائح مشابهة، أو تختلف قليلاً، للائحة نقابتي. بينما لم يدعم الحزب القومي السوري الاجتماعي أحداً، واكتفى بالترويج لمرشّحه على عضوية المجلس، في حين دعم حزب الوطنيين الأحرار المستقلّ بيار جعارة. لكن كيف فازت نقابتي بمنصب نقيب المهندسين؟

من شاهد الأجواء على الأرض، طوال اليوم، يعلم تماماً أن هناك خيمة لم تبتعد منها الناس، وبقيت محتشدة حتّى آخر لحظة، وهي خيمة نقابتي. تنظيم الحملة تفوق على تنظيم أحزاب عملت في هذه الانتخابات لسنوات. لكن الأرقام التي كانت متوقعة، وإن وعدت بنتيجة جيّدة، لم تتوقع الفوز.

لحظة إعلان النتائج كانت عصيبة على جمهور الأحزاب، الذي كان يرى تابت يعلو فوق نجم، والأخير عاجز عن اللحاق به. وكان لا بد من تفسير لهذا التفوق. وهو، كما راج بعد إعلان النتائج، أنّ القوات الممتعضة هي من غدر بالتيار، وجعلت "صانعي العهد الجديد للنقابة" ضحيّة هذا العهد نفسه. لكن هذا التفسير، وإن احتوى بعض الصواب، خصوصاً لناحية "القواتيين غير المكموشين"، إلّا أنّه لا يبدو أن القوات اتخذت قراراً تنظيمياً بشأن ذلك.

ولوحظ، خلال اليوم، أن مهندسي تيار المستقبل كانوا يمرون إلى خيمة تيارهم، ثم يذهبون إلى خيمة نقابتي. وهذا عامل يرجّح أن المستقبل أيضاً أخلّ بالتحالف مع التيار. كما أن أصوات مرشح المستقبل إلى الجمعية العمومية، كانت الوحيدة التي لم تتقلص بين مرشحي الأحزاب، عندما تقلصت أصوات نجم خلال الفرز. وهذا يؤكّد أن أصواتاً من المستقبل لم تصبّ في مصلحة التيار. وأكثر من ذلك، وبما أن نقابتي هي "شقيقة" بيروت مدينتي، فالجميع يعلم ما حصل في صناديق الأشرفية في انتخابات بلدية بيروت، وما قدمه "عونيون" من دعم لبيروت مدينتي للحصول على 40% من الأصوات. ويمكن اعتبار انتخابات المهندسين فرصة، لمهندسي المستقبل لرد الاعتبار، وإن كانوا لم يتوقعوا أن يفوز تابت بالفعل.

على أن هذه التفسيرات، لا يفترض أن تقلّل من جهود نقابتي. فلولا خطاب تابت، المنفتح وغير المعادي للأحزاب، لما فكّر حزبيّ بدعمه للحظة. ما يعني أن التصويت "الحزبي" لتابت يعود إلى الأخير وخطابه الذكي. وهذا ما بدا واضحاً عند تابت بعد إعلان فوزه. ففي حين كان بعض أفراد نقابتي ينجرون إلى عراك مع أفراد من المستقبل، كان هو صاحب الصوت العاقل، الذي أرسل خطاب فوزه بحنكة وهدوء. شكر تابت الجميع، وأوضح أن حملته من الآن وصاعداً "لن تعمل ضدّ أي أحد، بل ستعمل من أجل النقابة، لا غير". وشارك نجم حزنه، مشيداً بالمنافسة معه.

لكن كيف سيغير "اللاحزبيون" معالم نقابة المهندسين في بيروت في مجلس نقيبه مستقل وجميع أعضائه من الحزبيين؟