وفاة الرفاعي متسمماً: فوضى واستغلال وتسرّع

خضر حسان
الإثنين   2017/04/24
البعض يستفيد من التغطية السياسية (المدن)
فتحت قضية وفاة الشاب السوري يوسف الرفاعي، الباب على ملف مراقبة الفساد الغذائي. فمع انتشار خبر وفاة الرفاعي نتيجة تسممه بعد تناوله الطعام من أحد المطاعم، إنطلقت سلسلة من التساؤلات عن إستراتيجية الحملة التي تقوم على مبدأ رد الفعل وليس الفعل، وطريقة تعامل المواطنين ووسائل الإعلام مع مثل هذه القضايا.

حادثة الوفاة التي ترافقت مع تسمم صديقين للرفاعي، تبين لاحقاً أنها لم تنتج عن طعام فاسد من مطعم "ملك الطاووق" كما قيل، وإنما عن "تناول أنواع عدة من الطعام غير معروفة، في وقت واحد"، بحسب ما تقوله لـ"المدن" مصادر مطّلعة على الملف. لكن من جهته، يؤكد جورج العاقوري، المستشار الإعلامي لوزير الصحة غسان حاصباني، أن "وزارة الصحة مازالت تنتظر نتائج العينات المخبرية".

وفي حديث لـ"المدن"، يقول العاقوري بإن البعض يتعامل مع مثل هذه القضايا بتسرّع. فبعض وسائل الإعلام "تستبق نتائج التحقيقات وتدخل في سجال بشأن حالات التسمم ومسؤولية وزارة الصحة، في حين أن عليها، التواصل مع الوزارة للتأكد من الحالات، ومعرفة دور الوزارة في هذا المجال، ولاحقاً إذا تبين أي تقصير من الوزارة، فليكن التصويب على التقصير".

ويسلط العاقوري الضوء على حالة الطفل مارون ق، الذي انتشرت قصته على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الإعلام "الذي قدمه على أنه بحاجة إلى تبرعات ليجري عملية، والبعض بدأ بالتساؤل عن دور وزارة الصحة، وانتشر حديث عن تقصير الوزارة في هذا المجال، ليتبين لاحقاً أن والده عسكري، والعلاج يتم عبر المؤسسة العسكرية. وهناك أمثلة كثيرة على حالات أدخلت المستشفيات، وتبين أن علاجها يحتاج إلى وقت، في حين أن البعض يصر على دخول المستشفى قبل مراجعة الطبيب المختص الذي له وحده حق اتخاذ قرار إدخال المريض إلى المستشفى، والوزارة ليست مخولة اتخاذ مثل هذا القرار. وعموماً، هناك قرارات من اللجنة الطبية في الوزارة، هي التي تحدد إذا ما كانت الحالة المرضية تستدعي دخول المستشفى أم لا، فالقرار طبي وليس إدارياً".

ويلفت العاقوري النظر إلى أن "على المواطنين أن يعرفوا أن هناك جهات ضامنة كثيرة في لبنان، والمسؤولية لا تقع دائماً على عاتق وزارة الصحة. فهناك الوزارة والمؤسسة العسكرية والضمان الاجتماعي وشركات التأمين". لكن كلام العاقوري يفتح المجال للحديث عن تعدد الجهات الضامنة، ما يدخل المواطن في دوامة تحديد المسؤوليات، ناهيك بالجانب المادي الذي يثقل كاهله، والذي يعتبر العامل الأساس الذي يدفع المواطن إلى رفع الصوت في اتجاه وزارة الصحة، كونها الجهة الرسمية التي يعرفها المواطن. ما يعني أن على الحكومة وضع خطة عمل لمثل هذه الحملات. وبالتوازي، تقوم بالعمل على توحيد الصناديق الضامنة لتحديد المسؤوليات وتوحيد آلية العمل في قطاع التغطية الصحية.

وليس توحيد الصناديق الضامنة وحده المطلوب، وإنما وضع إستراتيجية واضحة لمراقبة سلامة الغذاء في المطاعم والملاحم، وغيرها. فحملة سلامة الغذاء التي أطلقها وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور، لم تستطع تجاوز أبرز معوقاتها، وهي غياب العدد الكافي من كوادر المراقبة التي تنتشر لتغطي المطاعم والملاحم، فضلاً عن غياب المعايير الواضحة التي يفترض بأصحاب المطاعم تطبيقها. ناهيك بغياب المحاسبة الفعلية لكبار تجار اللحوم وتجار المواد الغذائية، وأصحاب المخازن، الذين يستعملون نفوذهم السياسي للتهرب من الرقابة الفعلية، حتى وإن أرادت وزارة الصحة تطبيق معايير السلامة، أو تطبيق القانون.