سوري يحرق نفسه: ماذا فعلتم بابنتي؟

لوسي بارسخيان
الخميس   2017/04/20
قيل له إن ابنته تُشغّل في الدعارة (لوسي بارسخيان)

يرقد ز. م. ا. (42 سنة) في مستشفى شتورا منذ مساء الأربعاء، في 19 نيسان، بعدما صب على نفسه مادة البنزين محاولاً الانتحار، إثر عجزه عن ملاقاة ابنته القاصر، التي ادعى أن والدتها وخالتها تشغّلانها في الدعارة في منطقة قب الياس.

كان ا.، وهو كردي من مدينة كوباني في حلب، قد انفصل عن أسرته منذ نحو سبع سنوات، عندما وضع في السجون السورية اثر اطلاقه النار على زوجته "انتقاماً لشرفه" من دون أن يقتلها، كما قال. وكان لايزال في السجن عندما لجأت زوجته مع ابنته وابنه إلى لبنان اثر الأحداث السورية.

بعد مغادرته السجن، منذ نحو سبعة أشهر، اختار تركيا كوجهة لجوء، تاركاً لأسرته أن تمضي بحياتها كما اختارت، إلى أن بدأت تصل إليه صور ابنته وهي ترقص، ومع شبان مختلفين، وعندها لم يعد يحتمل المسافات التي تبعده عنها، كما يقول.

يقول ا. إن عمر ابنته 17 سنة، إلا أنهم يدعون أنها فوق الـ18 سنة ليبرروا تشغيلها، ويدّعون أنه خيارها، فيما "المعروف عنا أننا نعطي الحرية لبناتنا بكل شيء، إلا في ما يتعلق بشرفنا".

من هنا يروي ا. كيف عبر عن طريق التهريب من تركيا إلى سوريا، ثم اجتاز مناطق الجيش السوري الحر بمشقة كبيرة ليصل إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية. وما إن دخل الحدود اللبنانية حتى أوقفه الأمن العام لثلاثة أيام، وعاد وأخلى سبيله طالباً منه تسوية أوضاعه.

إلا أن ذلك لم يكن في نية ا.، الذي تمكن من خلال بعض معارفه من تحديد مكان سكن ولديه في قب الياس. لكن، بدلاً من أن يسمح له بإصطحاب ابنته لتعيش مع عائلته في سوريا، أخبره أحدهم، كما يقول، أن "ابنته ترسل كل يوم خميس مع شخص، والأحد مع آخر".

عجزُ ا. أمام من اتهمهم بتشغيل الفتيات بالدعارة، والذين قال إن الأجهزة الأمنية تعرفهم فرداً فرداً، أفقده عقله، وبفورة غضب صب على نفسه البنزين محاولاً الانتحار حرقاً. إلا أنه لم يمت، وبات يرقد اليوم في مستشفى شتورا مع حروق من الدرجتين الأولى والثانية، وهو بحاجة إلى الإنتقال إلى مستشفى متخصص ولا امكانيات لديه لذلك.

التوقف عند قصة ا. يظهر عدم انفصالها عما سببه تشتيت آلاف العائلات السورية من أزمات، خصوصاً أن معظمها يعيش بشكل غير شرعي في الأراضي اللبنانية وفي ظروف قاسية جداً. فراشدو هذه العائلات يخافون أن يضبطوا متنقلين في المناطق التي يعيشون فيها. فيدفعون بالقصر إلى العمل في أقسى أنواع المهن، وتستغل الفتيات منهن لتشغيلهن بالدعارة، التي تؤكد المصادر الأمنية تفشيها في معظم تجمعات اللاجئين، مع استخدام واسع للقاصرات، اللواتي تعانين ما تعانيه الراشدات أيضاً من استعباد أشاوشة المخيمات، أو المتحكمين بظروف سكنهن وعيشهن.

أراد ا. انهاء حياته بسبب عدم قدرته على حماية ابنته، وهو الذي أكد أكثر من مرة أنه "لا يلومها على ما دفعتها إليه ظروفها". أما حروقه الخارجية فلم يعرها أي اهتمام، بل بقيت تلك وظيفة ممرضي المستشفى الذين حاولوا أن يلفتوا إلى ما سيحتاج إليه من علاج متخصص، لعلّ الجهات المانحة تبدي استعداداً لتبني تكاليفه.