ماذا قال الرؤساء الخمسة للقادة العرب؟

منير الربيع
الثلاثاء   2017/03/28
الجميع يريد المزايدة لإثبات حضوره ووجوده (علي علوش)

سابقة أن يوجه عدد من الرؤساء السابقين، في بلد ما، رسالة إلى الدول العربية تزامناً مع انعقاد القمة العربية لتوضيح عدد من النقاط. في الشكل، قراءة الأمر تقود إلى اعتبار أن هؤلاء تخطوا الرؤساء الثلاثة الموجودين، أو هي تدلّ على عدم ثقة بما قد يكون عليه الموقف اللبناني. لا شك في أن الرسالة الخماسية التي أرسلها الرؤساء السابقين، ميشال سليمان، أمين الجميل، تمام سلام، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة إلى الأمين العام للجامعة العربية أثارت جملة اعتراضات رسمية عليها، خصوصاً من الرؤساء الثلاثة.

ثمة من يعتبر أن الرسالة حمّلت أكثر مما تحتمل، وثمة شائعات رافقتها حول مضمونها، إذ ينفي واضعوها أنها تضمّنت إدانات لحزب الله ونقاطاً تتناول سلاحه والقرار 1559. وتقول الأوساط إن الرسالة لا تستهدف أحداً، لأن فكرتها ولدت في اجتماع سابق بين الرؤساء، وتحديداً بعد كلام رئيس الجمهورية ميشال عون خلال زيارته مصر عن سلاح حزب الله، والذي أعتبر موقفاً قد يهدد علاقات لبنان الخليجية. وهي حدّدت وكتبت قبل الإعلان عن مرافقة رئيس الحكومة سعد الحريري لعون خلال مشاركته في القمة.

وتشير المصادر إلى أن الرسالة تتضمن اعتراضاً على مواقف الأمين العام بحزب الله السيد حسن نصرالله الهجومية ضد دول الخليج، خصوصاً المملكة العربية السعودية، وتؤكد إلتزام لبنان بالتضامن العربي والقرارات الدولية، وإلتزام تطبيق إتفاق الطائف وإعلان بعبدا، بالإضافة إلى التشديد على حق لبنان بمقاومة العدوان الإسرائيلي ومواجهة الإرهاب وحق عودة اللاجئين. وتطالب الرسالة القادة العرب بالتمسك ببند التعاون مع لبنان ودعمه. وفيما اختلفت القراءات في شأن هذه الرسالة، فقد اعتبرها الرئيس نبيه بري "حرتقة" على رئيس الجمهورية، وعلّق عليها الحريري بالقول: "هناك قطار يسير نحو الأمام، ومن يريد أن يستقلّه فليتفضل، وإلا فليبق مكانه".

وتنقل مصادر قريبة من الحريري قوله إن التوافق أمر أساسي وإستراتيجي في البلد، وهذا ما حصل منذ إنجاز التسوية الرئاسية، وبالتالي فإن التضامن بين جميع الأفرقاء أمر مهم لفتح صفحة جديدة وطي صفحة الخلافات. وإذ تذكر المصادر بأن هذا ما يحصل على صعيد المواقف العلنية والأمور العملانية، سواء في التعيينات والموازنة أو قانون الانتخاب، تعتبر أن لا داعي لإثارة مواضيع خلافية من شأنها أن تعرض الوضع الداخلي للإهتزاز.

في المقابل، تؤكد مصادر الرؤساء الخمسة أن هدف الرسالة هو توضيح موقف لبنان، ودعم العهد، في الموقف الذي سيعلنه رئيس الجمهورية، وهو لا يعتبر خروجاً على الرئيس بل موقف داعم له، خصوصاً لجهة التشديد على حماية لبنان وإبعاده عن صراعات المحاور. وهم يعتبرون أن الرسالة تتضمن ما اتفق عليه سابقاً في طاولات الحوار الوطني التي عقدت على مدى سنوات، وبالتالي لا تمثل أي خروج على أي مبدأ عام متفق عليه بين كل الأفرقاء.

ويعتبر النائب عمار حوري لـ"المدن" أن الرسالة لا تستهدف العهد ولا رئيس الحكومة، بل هي تأكيد على دعمهما ومساندتهما في القمة العربية. ويقول النائب عقاب صقر لـ"المدن" إن الرسالة لا تستهدف الحريري، بل تندرج في إطار حرية التعبير وفيها شيء من الحكمة، رغم أن توقيتها ملتبس، لكنها محاولة لتطويق عون، منعاً لأي إشكال مع العرب، وللقول إن لبنان فيه تنوع وعون لا يمثّل رأي الجميع.

لكن ما لا شك فيه هو أن هذه الرسالة تتخطى الدعم والتضامن، خصوصاً أنها في موسم انتخابات والجميع يريد المزايدة لإثبات حضوره ووجوده، كالرئيس نجيب ميقاتي مثلاً الذي خرج بموقف لافت بأنه ضد المشروع الإيراني. وهذا ما تضعه المصادر في إطار الحسابات الانتخابية والخطابات التي تكسب شعبية. واللافت أيضاً، وفق المصادر، التلاقي بين ثلاثة رؤساء حكومة سابقين، في هذا الظرف، خصوصاً التلاقي بين السنيورة وميقاتي، وبعد سلسلة نشاطات انتخابية شهدتها عاصمة الشمال، وذلك ربطاً بإشادة الوزير السابق أشرف ريفي بمضمون هذه الرسالة، ليشبّه البعض الصورة وكأنه حشد سنّي في وجه الحريري. وبالتالي فهي لا تطال التضييق على موقف عون خياراته وحشره أمام القادة العرب فحسب، بل أيضاً فإن جانباً من أهدافها هو إستدرار عطف شعبي وإنتخابي.

وبعيداً من كل هذه التفاصيل، تكشف مصادر بارزة لـ"المدن" أن هذه الرسالة لم تكن من بنات أفكار الرؤساء الخمسة، بل هناك من أوحى لهم بذلك، بهدف قطع الطريق على عون في كلمته أمام القمة العربية، من أجل إرسال رسالة لتدارك الأمر والتأكيد أن لبنان لا يتبنى هذه المواقف، التي تظهره كأنه خاضع لوصاية معيّنة.