قانون الانتخابات: معركة رئاسة الجمهورية

منير الربيع
الأربعاء   2017/02/22
رئيس الجمهورية لن يقبل بالستين (ريشار سمور)

العطل الأساسي في مسألة قانون الانتخابات أبعد بكثير مما هو معروف أو متداول. قد تكون مواقف الثنائي المسيحي تحوي كثيراً من الصدقية في التعاطي مع هذا الملف، فالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يريدان قانوناً يؤمّن "صحة التمثيل"، لتعزيز موقعيهما في الندوة البرلمانية ولاكتساح المناطق المسيحية. لكن الهدف الأبعد من ذلك، والذي لا يعلنه طرفا الثنائي المسيحي ولكنه أصبح معروفاً ومؤكداً، هو أن المعركة التي تُخاض الآن هي معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة وليست معركة الانتخابات النيابية. لذلك، فإن هذا التصارع على تفصيل الصيغ المقترحة يهدف إلى فرض كل طرف نفسه طرفاً أقوى في المعادلة المستقبلية.

منطق "صحّة التمثيل"، الذي يريده التيار والقوات، لا ينبع إلا من وجهة نظرهما، فيما قد لا يكون مراعياً "صحة التمثيل" لدى الأطراف الأخرى، المسيحية وغيرها، وفق مرجع سياسي بارز. ويقول: "المشكلة أكبر مما يتصور أو يتوقع أحد، لأن الجميع يعلم أن أي قانون سيتم وضعه الآن سيستمر إلى أكثر من عشرين سنة. لذلك، لا أحد مستعد أن يتنازل لمصلحة ما يطلقون عليه جميعهم "المصلحة الوطنية". يضيف: "جبران باسيل يريد قانوناً انتخابياً يأتي ببرلمان يسمح له بأن يكون مرشحاً أولاً إلى رئاسة الجمهورية في الإستحقاق المقبل. في المقابل، فإن سمير جعجع يريد أيضاً قانوناً انتخابياً يتيح له الحصول على حصة نيابية وازنة تفرضه مرشحاً قوياً للرئاسة. عليه، فقد أصبح البلد أسير طموحي الرجلين.

منطق المرشح الرئاسي القوي، يقود إلى وجود ثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة. والتنافس بدأ محموماً بين هؤلاء الثلاثة، رغم التقارب بين إثنين منهما. يريد كل من باسيل وجعجع أن يكون المرشح المسيحي الأقوى، من بوابة قانون الانتخابات. والثاني ينطلق من تنازله لمصلحة انتخاب ميشال عون، على أن يكون هو التالي. وفي هذا الهدف بدأ رئيس القوات بالتقرّب من الطائفة الشيعية، ومستعد لتوسيع مروحة الحوار مع حزب الله. أما المرشح الثالث، وإن بوتيرة أضعف، فهو النائب سليمان فرنجية، الذي قطع كل أساليب التواصل والتعاون مع الوطني الحرّ، ويتعرّض لحصار من الثنائي المسيحي.

ووفق المرجع البارز، فإن كل الاجتماعات واللقاءات التي عقدت لم تؤد إلى التوصل إلى أي أرضية مشتركة، وكل ما حصل هو حرق للوقت وللصيغ. ويلفت إلى أن هناك شبه استحالة في إقرار قانون جديد، رغم كل المواقف التي تعلن عن قرب التوصل إلى هذا القانون. وهذا ما دفع الرئيس سعد الحريري إلى توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، فيما تشير مصادره إلى أن هذه الخطوة جاءت للحفاظ على القانون والالتزام به، كما أنها منسّقة مع رئيس الجمهورية. فيما يصرّ وزير الإعلام ملحم رياشي على موقفه بأن هناك قانوناً جديداً سيقرّ في الفترة المقبلة، وأن الخيارات تراوح بين القانون المختلط والقانون التأهيلي.

وفيما تتحدث معلومات عن موافقة الحزب التقدمي الاشتراكي على الصيغة المقترحة من الوزير باسيل، يسأل النائب أكرم شهيب، في حديث لـ"المدن"، إذا ما كان لدى باسيل فعلاً صيغة مقترحة، قائلاً: "لم يطرح علينا أي صيغة لنجيب عليها بنعم أم لا". وعن إمكانية التوصل إلى إقرار قانون جديد يقول ضاحكاً: "فقط ليلى عبد اللطيف هي من تعرف ذلك".

وتلفت مصادر سياسية متابعة إلى أن البورصة الآن تصب في مصلحة عودة نغمة اجراء الإنتخابات وفق قانون الستين، مع إعادة إدخال إصلاحات وتعديلات عليه، بحيث يصبح معدلاً ومطوراً أكثر، مع تضمينه مادة أخيرة تشير إلى أنه سيعتمد لمرّة أخيرة. وهذا هو الاحتمال الوحيد الذي قد يسمح لعون بتبرير موقفه بإعادة النظر في اجراء الانتخابات على أساس هذا القانون. وتكشف مصادر متابعة لـ"المدن" أن بعض مؤيدي هذا القانون والذين أصبحوا على يقين بأن لا مفر منه، بدأوا إعداد نص يتضمن في سياقه كل الأسباب الموجبة التي تحتم العودة إليه في اجراء الإنتخابات. وهذه الأسباب تلحظ أن الوقت كان داهماً أمام العهد الجديد لإقرار قانون جديد، وليس هذا العهد هو الذي يتحمّل مسؤولية استمرار القانون القديم. ومن الأسباب الموجبة أيضاً، معارضة التمديد بأي شكل من الأشكال، واستمرار العمل في المرافق السيادية في الدولة. ما يحتم اجراء الانتخابات وإن وفق قانون غير عصري، لكن ذلك يبقى أفضل من عدم اجرائها والتمديد.

إذاً، في ظل ارتفاع أسهم بورصة عودة الستين مع التعديل عليه، ثمة من لا يسقط خيار التمديد التقني لبضعة أشهر بذريعة فسح المجال للتوصل إلى قانون جديد واتخاذ الاجراءات اللوجستية التي تتيح اجراء العملية الانتخابية وفقاً لهذا القانون المفترض إقراره. وهناك من لا يسقط من حساباته خيار التمديد، معتبراً أن رئيس الجمهورية لن يقبل بالستين تحت أي ظرف من الظروف لأنه سيعتبر ذلك ضربة قاسمة لعهده.