هل ستعود مارين لوبان من لبنان بجيوب ممتلئة؟

عبيدة حنا
الإثنين   2017/02/20
لبنان هو المكان الأنسب لمناقشة الأزمة السورية (Getty)
في لبنان، ستلتقي مارين لوبان، أخيراً، رئيس دولة غير أوروبية. فعند توليها رئاسة حزب الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة، تمكنت لوبان من إعادة احياء علاقات الجبهة على مستوى القارة الأوروبية. إلا أنها مازالت تعاني من تشبيك علاقات خارجها، كما من لقاء مسؤولين أجانب مازالوا في الخدمة. ما يعدّ ممراً إلزامياً للمرشحين الطامحين للوصول إلى الإليزيه. والعقبة هذه، من المفترض أن تذلل، ابتداءً من بيروت، في زيارتها التي تنتهي الثلاثاء في 21 شباط.

زيارة لوبان بيروت هي الثانية لمرشح فرنسي إلى الرئاسة بعد الزيارة التي أجراها اليميني إيمانويل ماكرون قبل أسابيع قليلة، حيث ستلتقي الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل، البطريرك الماروني بشارة الراعي، مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

هذه الزيارة لن تكون الأخيرة لمرشح إلى الرئاسة الفرنسية، رغم أن عدد الذين يملكون الجنسية الفرنسية، من لبنانيين وأجانب مقيمين في لبنان، لا يزيد عن 20 ألف ناخب. لكن، بالنسبة إلى مرشحي اليمين، فإن زيارة لبنان تكتسب أهميتها لكونه مكاناً مناسباً للحديث عن قضية مسيحيي الشرق، والدفاع عن مصالحهم، وعن الإسلاميين المتشددين. وهذه مواضيع تلقى رواجاً في فرنسا بعد الأحداث الدامية التي أصابتها في العام 2016.

"لدينا عاطفة خاصة تجاه لبنان، وأعتقد أن الشعور متبادل". هذا ما صرح به جان-ماري لو بان، مؤسس حزب الجبهة الوطنية ووالد مارين، الذي أقر بوجود "توازيات أيديولوجية وسياسية مع المسيحيين اللبنانيين"، وفق تعبيره، حيث أن للجبهة اليمينية مع "مسيحيي لبنان، علاقات وطيدة موروثة من حقبة الحرب الأهلية اللبنانية".

والعلاقات الوطيدة هذه ليست سياسية وديبلوماسية فحسب، إنما عسكرية أيضاً. إذ إن عدداً من مسؤولي الجبهة الحاليين، كانوا قد شاركوا في الحرب الأهلية اللبنانية إلى جانب المسيحيين "للدفاع عن القيم الغربية في وجه الإرهاب الإسلامي الثوري". وهذه عبارة تعود إلى تيبوت دو لا توكنايه، أحد مسؤولي الجبهة وأحد أعضاء حملة مارين لوبان، الذي قاتل في أحداث الشوف في وجه الدروز، بين العامين 1983 و1984، وفق صحيفة "لوموند" الفرنسية.

إضافة إلى ذلك، تكتسب زيارة لبنان أهمية لكونه المكان الأنسب لمناقشة الأزمة السورية وقضية اللاجئين السوريين في العالم. فماكرون انتظر زيارته لبنان ليعرض رأيه حول الأزمة السورية وموقفه من الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يتأرجح بين سياسة النبذ التي وضعها الرئيس الحالي فرنسوا هولاند والدعوات إلى إعادة إحياء الحوار مع دمشق، التي يطلقها مرشح اليمين الآخر فرنسوا فيون بحذر شديد وتطلقها مارين لوبان بشكل أقل تعقيداً، والتي من المرجح أن تغتنم فرصة وجودها في لبنان للإعلان عن موقفها هذا.

لكن أهداف الزيارة لا تتوقف عند القضايا الكبرى، بل تنسحب إلى وجود مصالح مالية لدى المرشحين الفرنسيين، خصوصاً أن لبنان، وفق "لوموند"، يضمّ عدداً لا بأس به من رجال الأعمال الراغبين في التقرب من مسؤولين غربيين وفي تشبيك علاقات مالية وسياسية، كعلاقة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري بالرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، وعلاقة فيون برجل الأعمال فؤاد مخزومي، المعروف دعمه حزب المحافظين البريطاني.

وتسأل "لوموند": هل يطمح المرشحون إلى الرئاسة الفرنسية بالعودة من لبنان بجيوب ممتلئة؟

الحال أن القانون الفرنسي يسمح للسياسيين الفرنسيين بتلقي التبرعات بحدود 7500 يورو. وفي هذا الإطار، وفيما رفض مخزومي الحديث، إلى "لوموند"، عن علاقته المالية بفيون، يقول جان رياشي، أحد المصرفيين اللبنانيين الذين أقاموا حفل استقبال على شرف ماكرون في بيروت، إنه "في حالة ماكرون، لم يجر جمع التبرعات". لكن، ما تنقله "لوموند" عن المستثمر العقاري فيكتور نجاريان، "نحن اللبنانيين نفتح الأبواب. نحب أن ندعو. والفرنسيون بدورهم يحبون أن يكونوا مدعوين"، يبدو بالغ الدلالة. ويبقى السؤال الذي ستكشفه الأيام المقبلة، هو عن قدرة لوبان على نسج علاقات سياسية وغير سياسية.