جوان بعد صديقها.. على طريق الموت

باسكال بطرس
الخميس   2017/11/23
دعوات لمعالجة الأخطاء على طريق عجلتون (Getty)
مُسلسل ضحايا "طريق الموت"، في طريق عجلتون، لم ينته فصولاً. فبعد أقلّ من ثلاثة أشهر على نعي جوان صفير صديقها الحبيب رامي الحاج بطرس جرّاء حادث سير مروّع على طريق عجلتون المعروفة بـ"طريق الموت"، رحلت جوان، ابنة الثالثة والعشرين ربيعاً، مساء الأربعاء 22 تشرين الثاني 2017، في ذكرى عيد الاستقلال، على الطريق نفسها، تاركة عائلة وأصدقاء مفجوعين.


"بكرا بالسما منلتقى ومنشوف بعضنا عطول"، بهذه العبارة ودّعت جوان رامي في 17 أيلول 2017، أرفقتها بصورة له نشرتها عبر صفحتها في موقع فايسبوك. تقول صديقتها ماري لـ"المدن": "كأنّها كانت تشعر بأن موعدها قريب. وكأنها تنبّأت بوفاتها. لا أصدّق أن جوان، المفعمة بالحياة، جوان التي لا تغادر الابتسامة وجهها، تركتنا هكذا فجأة إلى غير رجعة". تضيف: "بكت جوان رامي كثيراً. وتوجّهت إلى صديقتها بالقول: "أرسلي سلامي الى رامي".

ابنة ريفون، الشابة خسرت حياتها عند الطريق نفسها التي خطفت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كلّاً من رامي في 12 أيلول 2017، وسيلڤي عبد الساتر في ٤ تشرين الأوّل ٢٠١٧ وميشال خزام  في ٧ تشرين الأوّل ٢٠١٧، إضافة إلى عدد لا يستهان به من شبان وشابات زُرعت صورهم ومزارات قدّمها أهاليهم، على جوانب طريق غدرت بهم وحرمتهم نعمة الحياة .

"كانت عائدة إلى منزلها ليلاً عندما اصطدمت بالفاصل الوسطي الشهير، يروي أصدقاء جوان، اصابتها كانت خطيرة، ورغم الجهود التي بذلت لإنقاذها إلا أنها لم تقو على المقاومة، وسرعان ما فارقت الحياة متأثّرة بجروحها داخل مستشفى السان جورج في عجلتون". وإذ سألوا عن سبب هذه المآسي المتكررة رغم تطويق الطريق بالفواصل والارشادات والمناشدات، آمل أصدقاء جوان بحزن وأسى شديدين أن "تتحقّق مأساة جوان معجزة، فتكون فداء عن كل السالكين على الطرق ورجاءً لكل من فقد حبيباً وقريباً، فلا يعود الأتوستراد يلقّب بطريق الموت".

"من قال إن الفاصل الوسطي هو الحل؟ واستنادا إلى أي دراسة؟ من قال إن الحوادث أو الوفيات التي تقع سببها عدم وجود فاصل وسطي؟". أسئلة طرحها الخبير في ادارة السلامة المرورية كامل إبراهيم، لافتاً، في حديث إلى "المدن"، إلى أنّ "انشاء فاصل وسطي عشوائياً من دون دراسة علمية تحدد بشكل واضح وتفصيلي الحلّ، يشبه اعطاء الدواء ذاته لكلّ الامراض، هو أمر غير". ورأى إبراهيم أنّ "مواصفات البلوكات الاسمنتية التي تفصل الطريق لا تتطابق مع المواصفات المطلوبة. فالمشكلة هنا تكمن في الطريقة الخاطئة لمعالجة الموضوع. وهذه هي نتيجتها". وقال: "سبق أن حذّرت من هذا الحل الاعتباطي، وسعيت إلى إيصاله إلى جميع المعنيين على أعلى المستويات. وشددت على أن البلوكات الموجودة مؤذية جداً، وأي اصطدام بها ستكون نتيجته الحتمية الوفاة. فكان الجواب أنّها معالجة مؤقتة لتطمين المواطنين وتوفير الوقت". أضاف: "كان من الأفضل أن تبقى الطريق على ما هي عليه، والاستعاضة عن الفاصل الوسطي بالتشدّد بتطبيق قانون السير على هذه الطريق عبر بتكثيف الرادارات وتكثيف وجود القوى الامنية لضبط المخالفات. وذلك في انتظار الحلّ العلمي".

وإذ لم ينفِ وجود عوامل متداخلة تتسبّب بحوادث السير، فإن الفاصل ليس السبب المباشر، كشف أنّ "الطريق يجب أن تكون متسامحة، فتحمي السائق إذا ما ارتكب خطأ أثناء القيادة، لا أن تكون هي السبب في مقتله. ليس المطلوب أن نلغي الحوادث من أساسها، فهذا أمر غير وارد. لكن، المطلوب هو الحد من خطورتها".

وأوضح إبراهيم أنّ "جوان اصطدمت بأول بلوك فاصل وهو مصنوع من الباطون، فيما لو أن هذا البلوك كان، بالاضافة إلى الفواصل الثلاثة التي تأتي بعده، مصنوعاً من البلاستيك المضغوط بالماء، فلما كان الحادث تسبّب بوفاتها بالتأكيد"، داعياً إلى "معالجة جدّيّة ونهائية لهذا الملف بشكل يحترم المواطنين ويؤمن سلامتهم على الطرق، عوضاً عن الادّعاء بالعمل على حل غير مجدٍ لأنّ الارادة غير موجودة". وشدد إبراهيم على أنّ ما حصل هو نتيجة الإهمال.