"المبادرة الوطنية".. ضد إيران‎

وليد حسين
الإثنين   2017/11/20
يشدد سعيد على أن المبادرة ليست مسيحية (علي علوش)

ترافقت زيارة البطريرك بشارة الراعي إلى السعودية مع تساؤلات عن إمكانية تشكيل رأي عام "مسيحي" ضد الرئيس ميشال عون، لاسيما بعد تصريحات الراعي بشأن اقتناعه بأسباب استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وبعد تصعيد "العهد" ضد المملكة العربية السعودية بشأن قضية احتجاز الحريري الملتبسة. وقد ذهبت بعض التحليلات إلى وضع البطريركية المارونية في المواجهة مع العهد. لكن، وبمعزل عن صحّة هذه التحليلات أو عدم صحّتها، تشهد ساحة ما كان يعرف بـ14 آذار حراكاً سياسياً للبحث "في خيارات لبنان المستقبلية".

في حديثه إلى "المدن"، يؤكد النائب السابق فارس سعيد أن العمل جارٍ لإطلاق "المبادرة الوطنية". وقد عقدت لجنة المتابعة اجتماعات تحضيرية عدة لوضع البرنامج السياسي للمرحلة المقبلة، وسيُعلن في اجتماع موسع في مجمع البيال، وستضم شخصيات مسيحية وإسلامية توافقت على وضع خيارات جديدة لمستقبل لبنان.

ينفي سعيد التحليلات التي قاربت زيارة الراعي إلى السعودية بأنها في مواجهة "العهد". فالكنيسة لا تتدخل في الشؤون السياسية، والتمايز الذي بدا بين الرئيس عون والراعي هو تمايز في الخيارات: الرئيس يقود تحالف الاقليات بينما الراعي يقول إن الماضي والحاضر والمستقبل يربط بين المسلمين والمسيحيين، وهم جميعاً مسؤولون أمام الله والتاريخ. كما كان للزيارة اعتبارات فوق السياسة، وتتمحور حول الشراكة بين المسلمين والمسيحيين وارسال رسالة بأن الإسلام دين محبة، وليس كما حاول البعض تشويهه بإسم الدين.

ويشدد سعيد على أن المبادرة وطنية، وليست مسيحية. وإذا كان هناك رأي عام "مسيحي" ضد خيارات حلف الاقليات، فهذا لا يعني أن للكنيسة علاقة به، بل إنه من الخطأ جرّ الكنيسة إلى هذا المكان. والمبادرة الوطنية ليست لإطلاق المواقف السياسية، بل لطرح الخيارات السياسية التي تهم مستقبل لبنان، وقوامها ما اختاره اللبنانيون على مرّ التاريخ منذ تأسيس دولة لبنان الكبير في العام 1920 والاستقلال في العام 1943 واتفاق الطائف في العام 1989 وانتفاضة الاستقلال وخروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005.

وعما إذا كان سيكتب لهذه المبادرة النجاح في ظل الظروف السياسية الحالية وإذا كانت ستستنسخ تجربة 14 آذار، يقول سعيد إن الأخيرة انتهت، بينما المبادرة ستضم جميع من يريدون خيارات مغايرة للبنان، التي يريد فرضها حلف الاقليات. وفي حين تتسم المرحلة الحالية بحلف أقليات ضد الطائفة السنّية، فإن ما تريده المبادرة هو حوار وشراكة دائمة بين المسلمين والمسيحيين بشأن مستقبل لبنان. وسيكون للمبادرة طرح سياسي واضح بشأن حماية الدستور والدفاع عن الجمهورية ورفع الوصاية الإيرانية عن لبنان.

وكان سعيد قد غرّد في تويتر: "طالما يدافع العماد عون عن سلاح حزب الله ويربطه بأزمة المنطقة، طالما حزب الله واثق من غلبته، فليؤلفوا حكومة من لون واحد تحلّ أزمات لبنان، وتتشكل مبادرة وطنية ضد إيران". فهل دعوة سعيد حزب الله إلى تشكيل حكومة هي لتزخيم المبادرة؟ ينفي سعيد هذا الأمر، مبدياً عدم تخوفه من تسلم حزب الله الحكم. فالحزب يحكم فعلياً البلد بطريقة غير مباشرة. بالتالي، ليحكم لبنان مباشرة ويذهب إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي كي نرى كيف سيحل مشاكل لبنان الحالية. ويسأل مستغرباً: لماذا يحصل الحزب على غطاء من الحريري؟ لقد جرب الحريري أن يحقق مصالح الدولة من خلال التسوية، لكن حزب الله أصبح هو الدولة.

ليس هناك معلومات عما إذا كانت المبادرة ستضم أحزاباً لبنانية كانت منضوية في تحالف 14 آذار، والجهود في المرحلة الحالية منكّبة على صياغة برنامج سياسي حول خيارات لبنان. فهل سيكتب لها النجاح أم أنها ستستعيد خطاب "تسليم حزب الله سلاحه إلى الدولة" لكن بصيغة "مواجهة حلف الأقليات"، وبالتالي "الوصاية الإيرانية"، وتنتهي حيث انتهى الخطاب السابق؟ وهل سيتوقف النجاح على طبيعة القوى التي ستشارك في هذه المبادرة من ناحية وعلى ما سيؤول إليه الصراع الإقليمي بين إيران والسعودية من ناحية ثانية؟ أسئلة سنحصل على إجابات لها في الأيام والأسابيع المقبلة.