هذه الاختلافات بين سعد وبهاء

باسكال بطرس
الجمعة   2017/11/10
هل نحن اليوم أمام أفول دور سعد السياسي وبداية دور شقيقه بهاء؟ (Getty)

في وقتٍ لا تزال فيه التساؤلات عن مصير الرئيس سعد الحريري وحكومته من دون إجابات شافية وصحيحة، يلوح في الأفق إسم بهاء الدين الحريري كبديلٍ من شقيقه لتولّي رئاسة الحكومة، وسط تبادل معلومات تفيد بأنّ "السعودية تتّجه، بعد استقالة الرئيس سعد مُرغَماً، إلى مبايعة شقيقه زعيماً على تيار المستقبل وسُنَة لبنان". ربما لقدرته على المواجهة الداخلية ومجاراتها في حربها المعلنة ضد إيران وحزب الله.

فمن هو بهاء الدين الحريري؟ وأين كان طوال المرحلة الماضية؟

بعد اغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، في العام 2005، وقرار السعودية بتوريث زعامة تيار المستقبل إلى شقيقه، انكفأ الإبن الأكبر (مواليد العام 1966)، رجل الأعمال، إلى الاهتمام بأعماله الخاصة بعيداً من الساحة السياسية. ولم تبرز أي مواقف سياسية له مذّاك. فهو يدير قسماً من أعمال العائلة الموزّعة في مختلف القطاعات الاستثمارية، وفي بلدان عدة حول العالم.

أسّس "شركة هورايزون للمشاريع الإعمارية" في لبنان. وهو يرأس شركة العبدلي في الأردن لبناء الوسط التجاري في عمّان. وكان، بعد تخرّجه من جامعة بوسطن، قد عمل بدايةً في السعودية في مجال الهندسة والعمارة في "شركة سعودي أوجيه" التابعة للعائلة، حيث تدرّج في كلّ الوظائف التابعة للشركة إلى أن تسلّم مهمة التدقيق ليصبح مديراً للتدقيق. وبعد فترة، غادر الشركة لإنشاء عمله الخاص، لكن من دون أن يستقيل من دوره في الجانب التنفيذي فيها. مع العلم أنه سبق أن عمل في إدارة المصرفين التابعين لعائلته، وهما البنك العربي وبنك البحر المتوسط.

لم تكن العلاقة بين الشقيقين على أفضل ما يرام. وتقول مصادر مطّلعة لـ"المدن" إنّ "بهاء تأثر سلباً باختيار السعوديين شقيقه الأصغر ليُكمل مسيرة والده بدلاً منه. ولاحقاً، انتقد كثيراً أداء سعد المتعثّر وسياستيه الادارية والمالية، وصولاً إلى جلوسه على الطاولة نفسها مع حزب الله، محمّلاً إيّاه مسؤولية تردّي الوضع التنظيمي والشعبي لتيار المستقبل".

تواردت أنباء عن أن بهاء انتقل إلى السعودية في الأيام القليلة الماضية، فيما سُرّبت معلومات أن لا عودة قريبة لسعد إلى بيروت قبل أن يسلّم زمام الأمور إلى شقيقه، الذي يقال إن مواقفه تجاه إيران وحزب الله أشد وأقسى من مواقف شقيقه.

وما عزّز هذه الفرضيّة كان التطوّر اللافت بعودة تفعيل صفحة "بهاء الدين الحريري" في فايسبوك بعد انقطاع عن نشر الأخبار منذ العام 2012، علماً أن لا شيء يؤكد أنها تعود للحريري.

والمرة الوحيدة التي عاد بها اسم بهاء إلى الواجهة عندما حُكي عن دعمه الوزير السابق أشرف ريفي في الانتخابات البلدية في طرابلس. حينها، عزت أوساط بهاء أسبابها إلى المناكفة بين سعد وبهاء على المدير السابق لمجموعة بهاء، جمال عيتاني. ففي وقت اتهم بهاء عيتاني بالفشل في إدارة مشروع العبدلي لتطوير وسط العاصمة الأردنية عمّان، والذي يتضمن مشاريع سكنية وترفيهية وسياحية وأسواقاً تجارية، دعم سعد عيتاني ومنحه الضوء الأخضر ليصبح رئيساً لبلدية بيروت.

أمام ما تقدم، هل نحن أمام أفول دور سعد السياسي وبداية دور شقيقه بهاء؟

تنفي المصادر كل الأخبار التي تروّج أنّ "الرئيس الحريري في الإقامة الجبرية". وتؤكد أنه "يتمتع بكامل حريته وليس من قيود على خياراته. ونقطة على السطر". وتستغرب المصادر الروايات المثارة، "خصوصاً أنّ بهاء لم يحظَ يوماً برضى السعودية ودعمها. فاختيارها سعد لتولي الزعامة لم يأتِ من عدم، بل لأنها خبرت جيداً بهاء المعروف بعصبيته وعناده وإثارته المشاكل. ما دفع والده إلى تكليفه بأعمال بعيداً من السعودية. فلطالما اعتبر السعوديون أنّ بهاء لا يصلح أن يكون بديلاً لشقيقه، ولا يمكنهم استبدال سعد بهذه السهولة".

وفي هذا السياق، رأى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في تصريح من دار الفتوى الخميس في 9 تشرين الثاني، أنّ الكلام الإعلامي عن تعيين بهاء الحريري رئيساً للحكومة، هو "دليل على جهل طبيعة لبنان وطبيعة السياسة فيه، وليس دليلاً على أنّ هناك حديثاً جدياً حول هذا الموضوع"، مشدداً على "أننا لسنا قطيع غنم ولا قطعة أرض تنتقل ملكيتها من شخص إلى آخر. فالسياسة في لبنان تحكمها الانتخابات وليس المبايعات"، داعياً إلى "انتظار عودة الرئيس الحريري لأنّه هو الذي يقرّر طبيعة المرحلة المقبلة، بالتشاور مع الرؤساء والقوى السياسية المعنية".

وإذ حذر تيار وكتلة المستقبل في بيان، الخميس، الرأي العام اللبناني والعربي "من مواقع وصفحات وحملات مشبوهة تستخدم بخبث واضح اسم تيار المستقبل للترويج لهذه الشائعات والأكاذيب"، أكدا أنّ "عودة رئيس الحكومة ضرورة لاستعادة الاعتبار والاحترام للتوازن الداخلي والخارجي للبنان في إطار الاحترام الكامل للشرعية اللبنانية. وتيار وكتلة المستقبل يقفان مع الحريري قلباً وقالباً ومواكبته في كل ما يقرره".