هدم مصنع البيرة: من يحمي سكان مارمخايل من الاختناق؟

حنان حمدان
الأربعاء   2017/11/01
يعم الضجيج بسبب أعمال الهدم والغبار يتناثر ويكاد يخنق سكان الحي (علي علوش)

أستكملت أعمال هدم مصنع بيرة لذيذة في مارمخايل، العقار رقم 1781، في الأونة الماضية، رغم ايقاف الأعمال سابقاً، بقرار من محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، بسبب الأعمال العشوائية التي كانت تجري وعدم استيفائها شروط السلامة العامة وسط معارضة شديدة من سكان المنطقة. فهل تأمنت كل هذه الشروط حتى عادت الأعمال إلى ما كانت عليه؟

تقول مصادر "المدن" في بلدية بيروت إن عودة الأعمال كانت نتيجة تأمين المستندات المطلوبة عن طريق مصلحة الهندسة في بلدية بيروت، وبعدما حصل المحافظ على أكثر من تأكيد من مصلحة الهندسة والمكاتب المختصة والمتعهدين على ذلك، لاسيما لجهة تأمين رقابة وإشراف المكاتب المختصة وبوليصة تأمين واستخدام وسائل هدم أكثر أماناً.

والحال أن أوضاع سكان المبنى الأبيض، الذي يقع في منتصف المصنع من الجهة السفلى للعقار، تمت تسويتها، من خلال دفع أموال لهم لاستئجار أماكن سكن مجاورة لمدة عامين، أي إلى حين الإنتهاء من الأعمال الراهنة، على أن يستتبع ذلك بترميم كامل المبنى الذي تضرر وتصدع جراء هذه الأعمال.

لكن، من جهة أخرى، يعاني سكان المنطقة من واقع مزر. إذ يعم الضجيج بسبب أعمال الهدم والغبار يتناثر، ويكاد يخنقهم. وهذه المعاناة تتفاقم يوماً بعد يوم، من دون أن يدرك السكان متى ستنتهي هذه الورشة، التي بدأت قبل 3 أشهر، وحتى اليوم لم يهدم من المصنع سوى جزء بسيط.

تقول سيدة ستينية تسكن بالقرب من المصنع: "نعيش أعمال تدمير المصنع في النهار وضجة الحانات في الليل. باختصار، ما في دولة عنا". ويمر شاب في العشرينات، يتحدث اللغة الفرنسية، ويقول لصديقته إن "اللبنانيين يهدمون أول مصنع بيرة في لبنان". والمصنع يهدم لتشييد مشروع مارمخايل فيلدج، الذي يفترض أن يضم عدداً كبيراً من الشقق السكنية ونشاطات تجارية ورياضية من شأنها أن تبدل نمط الحي وسكانه.

وتعتبر أستاذة التخطيط العمراني في الجامعة الأميركية في بيروت منى فواز "أننا مازلنا عند نقطة الصفر في مسألة المصنع، لأن المسؤولين الذين منحوا الرخصة لم ينتبهوا إلى الضرر الواقع على السكان. ورغم وعود القاضي شبيب بتسوية الأمر إلا أن أحداً لم يقم بزيارة السكان للإستماع إلى مخاوفهم ومطالبهم، لاسيما أن تلك الوعود تقابل بمنح رخص لمستثمرين ترسخ أنواعاً من النشاطات من دون أي دراسات تفرض على المطور تغيير برنامجه بما يتلاءم مع متطلبات سكان الحي".

من جهته، يؤكد الناشط في بيروت مدينتي غسان سلامة أن الدعوة كانت دائماً من أجل التواصل مع السكان لمعرفة مشاكلهم ومتطلباتهم، لأن "المشروع سيهجرهم". ويسأل: "من أخذ برأي سكان الحي، من يراقب، ومن سيعوض على الأهالي الضرر الصحي؟".

ربما يكون استئناف الأعمال قد حصل بعد استيفاء شروط السلامة العامة. لكن، لماذا لم يلتفت المعنيون، بما في ذلك وزارة الثقافة، إلى القيمة الثقافية والتاريخية للمبنى؟ ولماذا لم يتوقف المشروع بشكله الراهن لإنتاج مشروع تنتج عنه جدوى إقتصادية من دون تغيير هوية وطابع المبنى، ويتسق مع مصالح سكان الحي في الوقت نفسه؟