القوات: لا حظوظ إلّا للمختلط

المدن - سياسة
الأربعاء   2017/02/01
تذكر أوساط القوات بموقف عون من التمديد أو إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ (Getty)

تتصرف القوات اللبنانية وكأنها فائزة حتماً في معركة إقرار قانون جديد للانتخابات. أوساط قيادية قواتية تشير لـ"المدن" إلى أنّ ما تحقّق حتى الآن في مسار وضع قانون انتخابي جديد يرضي القوات، بل هي تعدّه انجازاً لها، إذ إنّ ما وصلت إليه الأمور في هذا الصدد اليوم يتلخص في أمرين أساسيين: أولاً قانون الانتخاب المعروف بقانون الستين سقط إلى غير رجعة، وثانياً أنّ المداولات بين القوى السياسية لوضع قانون انتخابات جديد باتت محصورة بمبدأ القانون المختلط الذي كان أساس القانون الذي تقدمت به القوات مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي قبل أن يتراجع الأخير عن موقفه المؤيد لمقترحنا المشترك.

على عكس الأجواء السياسية والإعلامية في بيروت خلال الساعات الماضية، فإنّ هذه الأوساط القواتية لا ترى إمكاناً لأي قانون انتخابي غير القانون المختلط بين الأكثري والنسبي، وهي ترى أنّ كل ما سرّب عن سقوط البحث في قانون على أساس المختلط والعودة إلى قوانين طرحت سابقاً كالقانون الذي كانت تقدمت به حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والذي يعتمد النسبية الكاملة في 13 دائرة انتخابية ما هو إلّا ذرّ للرماد في العيون وتضليل للرأي العام عن الحقيقة الواقعة، إذ إنّ القاصي والداني يعلمان أنّ أي قانون يعتمد النسبية الكاملة متعذر السير به لأنّ تيار المستقبل والنائب وليد جنبلاط أعلنا صراحة وقوفهما ضدّ أي طرح من هذا القبيل. وقد علّل الأول موقفه بأن النسبية في ظل "وهج" سلاح حزب الله في مناطقه لا يمكن أن تستقيم طالما الحزب لا يسمح بأي معارضة في مناطق نفوذه. أمّا حجّة الثاني في رفض النسبية فهي أنّها تهديد وجودي للطائفة الدرزية إذ أنّها تقلّص حجم كتلة النائب جنبلاط زعيم الدروز الأقوى.

بالتالي، ترى أوساط القوات أنّ موقفي تيار المستقبل والحزب الاشتراكي كافيان لليقين بأنّ إقرار أي قانون غير المختلط مستحيل، طالما أنّ كل القوى السياسية تطمئن النائب جنبلاط بأنّها ستأخذ هواجسه هذه في الحسبان. وبالتالي، هل تناقض هذه القوى نفسها وتسقط صيغة المختلط التي سبق أن وافق عليها جنبلاط وتذهب إلى النسبية الكاملة التي يرفضها الزعيم الدرزي بالمطلق؟

لذلك، لا تقرأ هذه الأوساط في الترويج لسقوط المختلط سوى رفع لسقوف المواقف من جانب القوى السياسية المنخرطة في المداولات لوضع قانون انتخابي جديد لتحسين شروط التفاوض ونيل مزيد من المكاسب الانتخابية من قانون الانتخابات العتيد. إذ إنّ البحث يتركزّ ضمن صيغة المختلط طالما النسبية الكاملة متعذرة، وطالما اجراء الانتخابات وفق قانون الستين أمر مرفوض بالمطلق من قبلنا والتيار الوطني الحر. وقد كان رئيس الجمهورية ميشال عون واضحاً في تفضيله الفراغ في السلطة التشريعية على اجراء الانتخابات النيابية وفق القانون النافذ أو التمديد للمجلس النيابي لولاية ثالثة. وهذان حدان تدور بينهما المدوالات في شأن القانون الانتخابي، فلا النسبية الكاملة واردة لعدم قبول المستقبل والاشتراكي بها، ولا اجراء الانتخابات وفق الستين أو التمديد للمجلس الحالي واردين أيضاً. وبالتالي، ليس هناك سوى المختلط في الساحة، تعدّل هذه الصيغة أو تلك، أو تقترح ثالثة، لكننّا نبقى ضمن المختلط، لأنّها الصيغة الأوفر حظاً لوضع قانون انتخابي جديد على أساسها، وإلا وقعنا في محظور الفراغ والأزمة مجدداً.