"حزب الله" يصعّد في الزبداني ويحاصر وادي بردى

منير الربيع
الإثنين   2016/07/25
فجر "حزب الله" المربع الذي يتمركز فيه المسلحون في الزبداني
الوضع في الزبداني ووادي بردى أقرب، من أي وقت، إلى حصول التهجير الجماعي. من البقاع الأوسط والغربي ليلاً، تُسمع أصوات القذائف والصواريخ التي أطلقت في الأيام الماضية على تلك المنطقة في ريف دمشق. ليل السبت الأحد كان الأعنف من حيث القصف، إذ كانت الجبال تهتز على وقع الصواريخ. بعد سيطرة "حزب الله" على قرية هريرة، اصبحت الزبداني ومضايا منفصلة عن وادي بردى، وتم قطع الطريق بينهماـ عبر تثبيت الحزب نقاط وجوده هناك واستحداث حواجز على طول الطريق. وبالسيطرة على تلّة النبي هابيل، أصبح بإمكان الحزب رصد تحركات المسلّحين والمدنيين. وبالتالي، أصبحوا عرضة لعمليات القنص، التي أدت إلى مقتل العديد منهم في الأيام الماضية.

وفق ما تشير مصادر ميدانية، فقد استطاع الحزب محاصرة وادي بردى، عبر إغلاق كل مداخل قرى الوادي ومخارجها. ما أدى إلى محاصرة آلاف المدنيين في قراهم. فيما البعض منهم يطلب المغادرة إلى مناطق أكثر أمناً. وإذا ما حصل ذلك يعني تطهير مذهبي تمهيداً للتغيير الديموغرافي في تلك المنطقة المتبقية هناك. فبعد سيطرة الحزب على القلمون، وعلى دمشق، والعمليات العسكرية في محيطها وفي الغوطة، بقيت منطقة الزبداني ومحيطها، بالإضافة إلى وادي بردى، هي المنطقة "الشاذة" الوحيدة عن سيطرة الحزب والنظام. وبالتالي، فإن تهجير أهالي المناطق هو هدف الحزب والنظام لتصبح منطقة صرفة الخضوع لسيطرتهما.

عملياً، سقطت الهدنة في تلك المنطقة، وبما أن إتفاق الزبداني مقابل الفوعة وكفريا لم يطبّق بنده الأخير وهو خروج المسلحين والمدنيين إلى إدلب مقابل إخراج المدنيين من الفوعة وكفريا، عادت العمليات العسكرية العنيفة إلى أجندة الحزب. في فترة الهدنة، شدد الحزب من حصاره على تلك المناطق، حتى كانت خطوط الإمداد الطبية والغذائية مقطوعة عن المدنيين. ما دفع بالعديد منهم إلى مغادرة منازلهم وأراضيهم، ولاسيما مع إحراق المزروعات في سهل الزبداني والأراضي الأخرى.

الآن كل تلك المنطقة تشهد معارك عنيفة، ولاسيما مع تقدم "حزب الله" والجيش السوري في بلدة هريرة والإستعداد للدخول إلى أفرة. هذه المعركة خاضها الحزب رداً على عملية "النصرة" في حاجز الصفا. لكنها سرعان ما توسعت لتشمل قرى الوادي عبر توسيع الحزب وجوده وحشده المزيد من مقاتليه إلى هناك. وفي موازاة التقدم الذي يرحزه الحزب في حلب، فهو يريد إحراز تقدّم نوعي أيضاً في محيط دمشق، وخصوصاً في هذه المنطقة، إذ لدى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، سيكون الميزان لمصلحته من محيط العاصمة إلى العاصمة الإقتصادية. وبالتالي، حينها يمكن للحزب والنظام فرض شروطهما السياسية.

قبل أيام، عرضت "النصرة" على الحزب، وفق ما علمت "المدن"، بنوداً تفاوضية حول الوضع في وادي بردى بهدف إعادة إرساء الهدنة، وقف الهجوم على قرى الوادي، والإنسحاب من المناطق التي تقدّم إليها، عودة المدنيين الذين غادروا هريرة، وإزالة جميع الحواجز المستحدثة هناك، وذلك مقابل العودة إلى شروط الهدنة السابقة مرحلياً، إلا أن الحزب رفض ذلك، واستمر في تقدّمه العسكري، بل توسع ليغلق كل مداخل ومخارج قرى الوادي.

وفي الزبداني أيضاً، يوسّع الحزب نشاطه العسكري عن طريق التقدّم في هذه المرحلة، وعبر القصف المركز، والإستهداف المباشر لبعض مراكز العسكريين، إذ استهدف بإنفجار ضخم المربع الذي يتمركز فيه المسلحون في المدينة، وذلك رداً على قيام مجموعة منهم قبل يومين بشنّ هجوم على أحد حواجزه في الجبل الشرقي. ما أدى إلى سقوط إصابات في صفوفه.

وفي وقت تقدّم الحزب في اتجاه بلدة بقين، ومع استعداده للسيطرة على نبع البلدة، تمكن مسلحو المعارضة من صد هذا الهجوم، فيما عمل آخرون، على تفجير أول خطّ يغذي مناطق دمشق في عين الفيجة. وبالتالي، فإن المنطقة مقبلة على تصعيد أكبر.