"المستقبل" في صيدا.. قلق من 2000 صوت

محمد شبارو
الخميس   2016/05/19
بهية الحريري تعمل على رفع نسبة التصويت (علي علوش)
بعد الحرب الأهلية، نجحت الحريرية السياسية في تحويل بيروت معقلاً سياسياً، وكذا في صيدا مسقط رأس الرئيس رفيق الحريري. كان الإمساك بورقتين من أصل ثلاث على صعيد المدن الرئيسية كافياً للفوز بالصدارة السياسية ضمن الطائفة السنيّة، خصوصاً أن رئاسة الحكومة عادةً ما كانت تعهد إلى شخصية من بيروت أو طرابلس أو صيدا.


بقيت طرابلس عصية على دخول الحريري بسبب الوصاية السورية، التي أدركت أن إمساكه بالعاصمة الثانية، يعني تطويبه زعيماً سنياً أوحدَ. ومُنع من دخولها، فكان التركيز على صيدا التي عهد زعامتها إلى شقيقته النائبة بهية الحريري، وعلى بيروت التي نقل نفوسه إليها.

نجحت ثنائية مجدليون- قريطم في تكريس الحريري زعيماً سنياً، وإن لم يتمدد صوب الأطراف. وتولت "الست"، كما يردد بعض الصيداويين، أمور المدينة سياسياً وخدماتياً، ونجحت في أن تتحول إلى رقم صعب، حتى اغتيل الحريري في العام 2005، وتحول قريطم ولاحقاً بيت الوسط إلى مركز سياسي وخدماتي يتعدى الإطار البيروتي، من فنيدق في عكار إلى شبعا في العرقوب.

بعد 11 عاماً من اغتيال الحريري عاد الحديث عن اللامركزية في "المستقبل". فرضت الجولة الأولى من الانتخابات البلدية في بيروت هذه القراءة، بعدما تطلبت معطيات المعركة حضوراً شخصياً للرئيس سعد الحريري، بسبب غياب القيادات على الأرض. ولعل الهدف هو تكرار تجربة مجدليون، التي يختصرها بعض مَن في "المستقبل" بشعار: "بهية أدرى بخصوصية صيدا".

منذ عودة الحريري الأخيرة كان معلوماً للجميع أن هناك مشكلة سياسية وشعبية تحتم إعادة وصل ما انقطع مع الشارع. لهذه الغاية تنقل الحريري بين الشمال والبقاع وبيروت، لكن صيدا وحدها كانت خارج هذه الحسابات.

لم تشهد بيروت سياسياً وأمنياً ما شهدته صيدا، لكن نتيجة الانتخابات البلدية في بيروت، كانت كافية للدلالة إلى الفراغ الكبير سياسياً وشعبياً، فقد خاض "المستقبل" معركة "كسر عظم" نجح في تجاوزها بشق الأنفس. لكن المشهد حتى الساعة في صيدا يبدو مختلفاً.

في مجدليون تتابع الحريري تفاصيل المعركة البلدية والتحضيرات والتنسيق مع لائحة "إنماء صيدا" التي تدعمها. هنا، لا حاجة إلى رفع شعارات سياسية تتخطى الحيز البلدي والإنمائي والخدماتي، ولا حاجة إلى استحضار "الشهيد". يكفي التواصل اليومي والمباشر مع عائلات المدينة، ويكفي الدور الخدماتي والإنمائي الذي تلعبه منذ العام 1992، للاطمئنان إلى حصد النتيجة المتوخاة، رغم الملاحظات الكثيرة التي تسجل في المدينة على الأداء، وخصوصاً تراجع دور آل الحريري على الصعيد الخدماتي، نتيجة الأزمة المالية، والذي تم تعويضه نسبياً عبر المجلس البلدي الحالي.

تبدو أوساط مجدليون مطمئنة إلى سير المعركة. الهدف الرئيسي يختزل برفع نسبة التصويت إلى ما فوق معدل50% (56% في انتخابات العام 2010 البلدية)، من أصل نحو 53859 ناخباً (أغلبيتهم الساحقة من الطائفة السنية، مع نحو 10 آلاف ناخب شيعي ومسيحي).

هدف رفع نسبة المشاركة يخفي في طياته مخاوف رئيسية من انخفاض الأرقام عن العام 2010، خصوصاً أن "المستقبل" لا يخفي احتمال التراجع، نتيجة الأزمة المالية والسياسية على حد سواء.

ملفات القلق هذه التي ستؤثر على نسبة التصويت تحصرها مصادر لـ"المدن" بنحو 2000 صوت، تتوزّع في ثلاث فئات: فئة باتت تُعرف بـ"المصروفين" من شركة "سعودي أوجيه"، وفئة قد تذهب إلى "الجماعة الإسلامية"، وفئة ثالثة هي جمهور الشيخ أحمد الأسير، إذ اعتبرت هذه الفئة بهية الحريري مسؤولة عن كشف الأسير وعدم حمايته في أحداث عبرا. ورغم تأكيد المصادر أن الحريري أمسكت بالملف القضائي للموقوفين في تلك الأحداث وعلى خلفيّتها، يُتوقع أن يعمد بعض جمهور الأسير إلى التصويت للائحة "أحرار صيدا" برئاسة القيادي السابق في "الجماعة الإسلامية" علي الشيخ عمار.

لكن ما يعزز اطمئنان "المستقبل" إلى سياق المعركة، هو غياب عنصر "العصبية" عن اللوائح الأخرى، خصوصاً أن لائحة "صوت الناس" المدعومة من "التنظيم الشعبي الناصري" لا تضم شخصيات ذات حضور أو حيثيات في المدينة. وكانت الحال ستختلف فيما لو انضم رئيس البلدية السابق عبدالرحمن البزري إليها، أو لو ضمت النائب السابق أسامة سعد أو أحداً من عائلته.

ولرفع نسبة التصويت تدرك الحريري أن العامل الأمني وحده قد يؤثر سلباً، ولذلك تعمل على طمأنة العائلات الصيداوية إلى أن يوم الأحد سيكون هادئاً. وقد دعت إلى تجنب السجالات التي توتر الأوضاع أو تعطي إشارات سلبية إلى أبناء المدينة.