جعجع.. العلاقة مع السعودية لا تمر بالحريري!

منير الربيع
الخميس   2016/02/11
جعجع أقرب الى تفكير الإدارة السعودية من الحريري...

أصرّ رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن يخرج من السجالات اللبنانية المحلية والإطلالة إقليمياً. تنطوي مضامين تغريدات جعجع على رسائل "وغمزات" في الميدان المحلّي، وهي موجّهة إلى الحلفاء في تيار "المستقبل"، خصوصاً أنه يتعمد الإيحاء بتطابق وجهة نظره الإقليمية حول التطورات في المنطقة مع وجهة النظر السعودية.

مؤخراً، غرد جعجع، معتبراً أن نظام بشار الأسد سقط، لأن من يُقاتل الآن في سوريا هما ايران وروسيا، وإن كان من انتصار فسيكون لهما. هذه التغريدة تشير بوضوح إلى ان جعجع على تنسيق وتواصل جيد مع الإدارة الأميركية، خصوصاً أن معلومات "المدن" تؤكد أن النظرة السعودية، لما يحصل في المنطقة، وخصوصاً سوريا، هي تماماً مثل ما عبر جعجع.

ومن الملف السوري يدخل جعجع إلى مشكلته المستمرة مع تيار "المستقبل"، وبما أن الأسد ساقط لا محالة، فلا يمكن التحالف مع صديقه الشخصي في لبنان (رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية)، وبما ان إيران سيكون لديها حصة في سوريا فإن التحالف مع حليفها الأساسي مسيحياً في لبنان (رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، فذلك سيكون أفضل. ولهذا يصرّ "الحكيم" على تأكيد توافقه تماماً مع النظرة السعودية إلى المنطقة، وفي هذا السياق أتى التصريح الصادر عن "القوات" بأن المملكة لا تضع فيتو على عون.

يذهب جعجع أكثر من ذلك، يدعو المجتمع الدولي إلى التدخل بسرعة لوقف المجازر التي تحصل للتمهيد لحلٍّ فعلي قوامه إسقاط نظام الأسد، وقيام دولة ديمقراطية تعددية حرة في سوريا. وفي هذه القراءة القواتية لتطورات المنطقة، يربط البعض الترحيب القطري السريع بما قام به جعجع، حتى أنهم يعتبرون خطوته محط ترحيب سعودي.

بالأمس، توجه جعجع لأحد محدثيه وفق ما علمت "المدن" بالقول إن السعودية لا تعارض انتخاب عون، وإذا ما وافق الحريري على انتخاب عون فهي توافق، بدوره أيضاً يقول الحريري لشخصية التقى بها مؤخراً مضموناً مشابهاً، وتنقل الشخصية عن لسان الحريري قوله: "إذا انا سرت بخيار جعجع فالمملكة لن تعارض، ولكنني لن أسير".

هذا الكلام، تضعه "القوات" في سياق أن جعجع يريد التأكيد لـ"المستقبل" قبل الجميع أنه على تنسيق تام مع السعودية، وعلى إطلاع شامل على تطورات الأمور هناك، حتى أن مصادر قواتية تؤكد لـ"المدن" أن التواصل مع الإدارة داخل المملكة شبه يومي، وهناك أكثر من زيارة قام بها مسؤولون قواتيون إلى السعودية بعد خطوة جعجع بترشيح عون.

ويعتبر مصدر قواتي بارز لـ"المدن" إن جعجع يقرأ التفاصيل الدولية بدقة وبشكل أفضل من قراءة الحريري، لا سيما أن الوجهة الدولية توضح تلزيم سوريا لروسيا، فيما حصة إيران  تبقى خاضعة للتفاوض، وبالتالي طالما أن هناك ربطاً بين الإستحقاق اللبناني والتطورات السورية، فبالإمكان المقايضة بين الملفين.

أبعد من ذلك، ثمة من يرى أن جعجع من خلاله تواصله مع السعودية ورفع راية "14 آذار"، وعدم التنازل عن مبادئها، يبدو أنه يريد وراثة هذه القوى بشكل كامل، عبر استمرار التنسيق مع بعض قيادات "المستقبل"، المعارضة لتوجهات الحريري، وليست إطلالات جعجع الإقليمية، إّلا محاولة للسير مع موجة الريح للإستثمار فيها على السياسي الداخلي.

وفي سياق العلاقة بين جعجع والسعودية، يبدو واضحاً أن القراءة الجديدة في المملكة أقرب الى جعجع من الحريري، خصوصاً أن العهد الجديد في المملكة يميل الى سياسة الهجوم، تماماً مثل نمط تفكير جعجع، فيما إدارة الملك عبدالله بن عبد العزيز كانت تميل الى سياسات أكثر دفاعية، وكانت أقرب الى الحريري. وفي هذا السياق يأتي انتقاد "القوات"، في بيان التعليق على مواقف نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الأخير، لمرحلة الـ"سين – سين"، بين السعودية وسوريا، بما يعد تصويباً ضمنياً ضد الإدارة السابقة والحريري في آن.