السنة 28% والشيعة 29% والمسيحيون 37%: المناصفة إلى متى؟

هدى حبيش
الإثنين   2016/11/07
نسبة الناخبين المسلمين تفوق نسبة المقاعد المخصصة لهم (علي علوش)
مازال اتفاق الطائف موضوعاً لبنانياً حساساً، طالما أن أطرافاً سياسية تصور المساس به تهديداً للسلم الأهلي. لكن مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية لم تتردد في الحديث عن إلغاء اتفاق الطائف، في مقال نشر في 5 تشرين الثاني، كهدف يجب أن تتوصل إليه الطبقة السياسية عاجلاً أم آجلاً، مستندة إلى عدم دقة النسب التي يخصصها الإتفاق لكل طائفة في المجلس النيابي من جهة، ولأنه بموجب الإتفاق نفسه، يجب أن يلغى تدريجاً.

لا يُخفى على أحد الحديث عن التمثيل الإسلامي- المسيحي، لما قد يترتب على ذلك من نزاع مسلح ونتائج دموية، خصوصاً أن اتفاق الطائف كان جسر عبور إلى السلام بين المسلمين والمسيحيين بعد حرب أهلية دامت 15 سنة. ما أجبر، في حينه، الفريق المسلم على قبول تمثيل مبالغ به للمسيحيين مقابل تعزيز صلاحيات رئيس الحكومة السني ورئيس البرلمان الشيعي. ويخصص الطائف 64 مقعداً نيابياً للمسيحيين من أصل 128 مقعداً، أي نصف المجلس، مقابل 64 للمسلمين السنة والشيعة والدروز والعلويين. غير أن التمثيل يرتبط بشكل وثيق بالإحصاءات التي تحدد حجم كل طائفة. وهذا ما لم تقم به الحكومات اللبنانية المتعاقبة، عمداً، ربما. 


لكن، من خلال قراءة "ذا إيكونومست" قوائم الناخبين في لبنان، التي نشرتها وزارة الداخلية على موقعها في مطلع العام 2016، تثبت أن التمثيل الطائفي في لبنان غير متوازن. ففي حين أن المسيحيين، وفق "ذا إيكونوميست"، يشكلون 37% من الناخبين، يشكل المسلمون السنة والشيعة 57% من الناخبين، و29% شيعة و28% من السنة. 

وتبين الأرقام التي تعرضها "ذا إيكونوميست" أن نسبة الناخبين المسلمين تفوق نسبة المقاعد المخصصة لهم، في كلا المذهبين السني والشيعي، في حين أن نسبة المقاعد النيابية المخصصة للمسيحيين تفوق نسبة الناخبين المسيحيين. أكثر من ذلك، وبالعودة إلى أعمار الناخبين في الوثائق نفسها، تبين "ذا إيكونوميست" من خلال رسم بياني أن الهرم العمري للمسلمين والمسيحيين في لبنان متضادان. فالهرم العمري للمسيحيين كهل، أي أن نسبة المسنين فيه (75% من نسبة المسيحيين) تفوق نسبة الفتيان (25% من نسبة المسيحيين).

أما الهرم العمري للمسلمين، عند السنة والشيعة، فهو فتي. إذ يشكل الفتيان 75% من نسبة المسلمين. وإذا كانت الأرقام تقول شيئاً، وهو ما تقوله "ذا إيكونونميست" صراحة، فإن المستقبل لا يبشر بازدياد عدد المسيحيين في لبنان بل على العكس، لأسباب تذكر منها المجلة انخفاض نسبة الولادات والهجرة. وبالتالي، "سيجد المسيحيون في لبنان خلال السنوات المقبلة صعوبة في تبرير سيطرتهم على نصف المجلس النيابي"، وفقها. كل هذه الأرقام تأتي في ظل وجود نحو نصف مليون فلسطيني معظمهم من المسلمين السنة، بالإضافة إلى مليون لاجئ سوري معظمهم من المسلمين السنة أيضاً.

تأخذ "ذا إيكونوميست" هذه الأرقام لتجيب عن سؤال يتبادر إلى أذهان لبنانيين كثر: هل سيعيد رئيس الجمهورية ميشال عون الصلاحيات التي سُلبت من رئاسة الجمهورية بموجب اتفاق الطائف؟ بناءً على الأرقام المعروضة أعلاه، تجادل "ذا إيكونوميست"، أن عون سيواجه معركة شاقة، إذا ما سعى إلى إعادة الصلاحيات المسلوبة إليه.

وفي حين أن هدف اتفاق الطائف لم يكن الاستمرار به إلى الأبد، بل التوصل إلى انتخابات غير طائفية في المستقبل، وفق المجلة، يبدو أن إعادة التفكير في الطائف لم تجد الوقت المناسب لها بسبب الصراعات التي تشهدها المنطقة بشكل مستمر. وفي حين أثبت الأقطاب اللبنانيون الأساسيون قدرتهم على تشارك السلطة من خلال التوافق على انتخاب عون رئيساً، فإن أكثر ما يحتاج إليه لبنان هو "دولة طبيعية". أي تلك التي لا تقوم على مجلس تمثيلي عادل فحسب، بل أيضاً الحد من اعتبار الطوائف باباً لـ"تقاسم الغنائم" والحد من احتكار القوة، في إشارة إلى حزب الله وسلاحه.