تجويع "حزب الله" لمضايا.. أولوية لبنانية!

ربيع حداد
الخميس   2016/01/07
يشبه ما يجري ما مضايا ما جرى في كربلاء

في التاريخ، لم يشهد العالم معركة يجري فيها استخدام سلاح التجويع كسلاح رئيسي، برغم أن الجوع وفقدان المواد الغذائية غالباً ما يكون نتيجة طبيعية لمسار الحروب والحصارات التي تنجم عنها. حادثتان أساسيتان استعمل فيها الجوع والعطش من ضمن أسلحة تغيير موازين القوى وسير المعارك، في كربلاء، حيث حوصر "أهل البيت" والإمام الحسين ومنعوا من الحصول على مأكل ومشرب، وما يجري اليوم في مدينة مضايا في ريف دمشق.
 

منذ ستة أشهر ومضايا تعيش في حصار مطبق، لا مواد غذائية تدخل إليها، فيما القوى المحاصرة للمدينة وعلى رأسها "حزب الله" والجيش السوري يمنعون الناس من الحصول على قوتهم اليومي، أي شخص يتوجه إلى أي مكان بغية الحصول على ما تيسّر، تطلق عليه النيران من قبل القناصة فيردى. ووصل سوء الأحوال بأهالي المدينة واللاجئين إليها من الزبداني المجاورة بالإضافة إلى أهالي بلدة بقين إلى أكل ما تيسّر من حشائش برية، فيما يلجأ البعض إلى أكل لحم القطط والكلاب.
 

هي أبشع مجزرة يشهدها الصراع السوري، الصور الواردة من هناك، تظهر الإنسان هيكلاً عظمياً، والمفارقة في ذلك، أن من يحاصر المدينة، هو "حزب الله"، الحزب المقتدي بتعاليم الحسين ومناقبيته، يحارب أخصامه بما حورب به الحسين في كربلاء، ولم تحرك الصور الواردة من مضايا بعد أي ضمير.
 

فظاعة المشاهد الواردة من هناك، كان لها وقعها على الساحة اللبنانية، فهاجم بعض السياسيين "حزب الله" على ما يقترفه بحق المدنيين، اذ غرّد النائب جورج عدوان عبر "تويتر": "لا لحصار اي منطقة ولا لتجويع اي إنسان وما جرى ويجري في مضايا مرفوض انسانيا واخلاقيا".
 

من جهته، نشر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع صورة عبر "تويتر"، موجّهاً عبرها دعوة إلى كل الدول التي لديها قوى جويّة عاملة في الأجواء السورية، قائلاً: "أعتقد أن هذا المشهد بحدِّ ذاته كافٍ لتحريك ضمائركم ودفعكم الى رمي الإمدادات الغذائية من الجو الى عشرات آلاف المحاصرين في مضايا... بانتظار من سيتحرك عنده الشعور بالتضامن الإنساني أولاً".
 

كذلك الأمر بالنسبة إلى الرئيس فؤاد السنيورة الذي اعتبر أن ما يجري في مضايا، وكل عمل مماثل هو أمر مرفوض بتاتاً قائلاً إن "الأمر الامر يعتبر جريمة بحق الانسانية ترتكب على مرأى من العرب والمسلمين والعالم". وتساءل "لماذا السكوت عن جريمة تقتل الناس جوعاً مشيراً الى ان هذه الجريمة تعتبر جريمة العصر والعام. وابدى خشيته ان يكون "حزب الله مشاركاً في هذه الجريمة ونأمل الا يكون شريكاً في جريمة ستؤدي الى الكثير من الاضرار".
 
هذه التصريحات دفعت الإعلام الحربي في "حزب الله" إلى إصدار بيان، يعتبر أن الإتهامات الموجهة إليه حول ما يجري في مضايا هي إفتراءات لتشويه صورة المقاومة، وحمل البيان مسؤولية ما يجري في البلدة للجماعات المسلحة التي تتخذ من مضايا رهينة لها ولداعمي المسلحين من جهات خارجية.

 

وتؤكد مصادر من المنطقة لـ"المدن" أن "حزب الله هو الجهة الوحيدة الموجودة في مضايا، وهو من يتحكم بمسار الأمور، ويمنع أي شخص من التجول للحصول على طعام، وقد قتل نساء حوامل كانوا يبحثون عن شيء يقتاتونه، وتلفت المصادر إلى أنه بموجب اتفاق تبادل الجرحى ما بين الزبداني وكفريا والفوعة، كان يجب أن يستكمل بإدخال المواد الغذائية إلى مضايا وسرغايا وبقين، إلا أن حزب الله رفض تنفيذ ما التزم به، وهو يريد استمرار الضغط بهذا الشكل، بغية دفع أهالي المدينة إلى هجرتها، وبالتالي تنفيذ المندرج الثالث من هذا الإتفاق وهو ذهاب كل المدنيين من هذه المناطق الثلاث إلى إدلب".
 

من جهته، يقول المحامي نبيل الحلبي لـ"المدن" إن "هناك مساع عديدة يتم بذلها مع جميع الجهات المعنية على الصعيد الدولي ومع الصليب الأحمر، والأمم المتحدة لأجل توفير المواد الغذائية للمدنيين المحاصرين والذين يموتون من الجوع، ويلفت إلى أن حزب الله والنظام السوري يرفضان هذا الامر.
 

أصبحت الأمور واضحة في ريف دمشق المقابل للسلسلة الشرقية لجبال لبنان، "حزب الله" يريد هذه المنطقة بأي ثمن، وبعد فشله في الزبداني عسكرياً لجأ إلى المفاوضات التي بدأ تنفيذها وهو يضغط عبر سياسية التجويع إلى دفع المدنيين لإخلاء مدنهم وقراهم لتصبح المنطقة بكاملها تحت سيطرته.