بري: لن نوقف البلد عند خاطر عون!

منير الربيع
الجمعة   2015/07/03
يقال في برّي "رجل كل المراحل" (تصوير: علي علوش)

يشق رئيس مجلس النواب نبيه بريّ طريقاً يسلكه وحيداً. لا يريد أن يكون لاحقاً أو تابعاً أو يسير في ركب أحد.
 

في ذروة المعركة الحكومية والسياسية اليوم، يقف بري خارجها مراقباً ومدوزناً، يكسب نقاطه بصمت وبتسووية، فيما غيره لا سيما من هم في صفوف حلفائه يعدون عتادهم لشن حروب لا تعود بنتائج عليهم، لذلك يشق بري طريقاً جديداً اليوم تمتد منذ نأيه بنفسه عن الوضع في سوريا ورفضه الإنغماس فيه، وصولاً إلى رفضه تعطيل الحياة السياسية.
 

في ما يتعلق بتعطيل عمل المؤسسات والمنحى الذي يتخذه رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون بدعم من "حزب الله"، تعتبر مصادر قريبة من برّي لـ"المدن" أن "رئيس مجلس النواب يتعاطى مع هذا الأمر من مبدأ المسؤولية"، مشيرة إلى أنه "يعمل على تسيّير شؤون الدولة، لأنه لا يمكن تعطيل كل المؤسسات في ظل الشغور الرئاسي. ناهيك عن حجم الضغوط الخارجية الكبيرة والمفروضة على المسؤولين من أجل تسيير شؤون البلاد، سواء في مجلس الوزراء وضمان إنتاجية الحكومة أو في مجلس النواب إن في الدورات العادية أو على صعيد فتح دورة استثنائية".
 
عليه، لا تخفي مصادر بري إفتراق وجهات النظر بينه وبين عون المدعوم من "حزب الله"، على الرغم من صمت الحزب لأنه لا يريد كسر الجرة مع برّي ولا مع عون، وبالنسبة إليه يهمه الحفاظ على الحكومة كما الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع عون. من هنا يبرز، وفق المصادر، التعارض في توجهات بري عن حلفائه حول إقرار مراسيم وقوانين، من بينها أمور حياتية، لا يمكن لها انتظار التأجيل كإقرار قوانين لصرف إعتمادات مالية تتعلق في صرف رواتب الموظفين في القطاع العام. وتضيف: "الرئيس بري لن يقف والبلد عند خاطر عون".
 

إضافة إلى ذلك، تلفت المصادر إلى أنه في مسألة فتح الدروة الإستثنائية، ثمة أمر مهم وهو موضوع الترسيمات النفطية وإقرار قانون النفط، الذي تضغط الولايات المتحدة لإنجازه، خصوصاً أن بري، المعروف إهتمامه بهذا الموضوع، وحرصه على حصد النتائج المرضية من ذلك، يعتبر أنه من الضرورة  الوقوف بمواجهة أي خلافات او اختراقات، فيما لا يخفى على أحد التنافس الذي يصل إلى حد التصارع مع فريق عون والوزير جبران باسيل على التلزيمات النفطية.
 

أكثر من ذلك، فإن كل القرارات والتوجهات التي يتخذها بري تضرّ بمصالح عون، وتكاد تكون المواقف الأكثر إيلاماً لعون معنوياً وسياسياً، فرئيس المجلس يأخذ على عاتقه تحجيم دور عون فعلياً لا كلامياً، وعليه تعلّق مصادر متابعة لـ"المدن" أن ما يفعله برّي وهو صامت بعون لم يستطع تيار "المستقبل" وحلفاؤه وكل إمكانتهم وماكيناتهم الإعلامية فعله.
 

وفي ظل اهتمام "حزب الله" وصب جهوده في الميدان السوري والإستحقاقات الإقليمية، تبقى ساحة قوى "8 آذار" المحلية ميدان تجاذب بين برّي وعون، فالأول ينأى بنفسه عن سوريا وأحداثها، وهو تمايز يضاف إلى غيره عن "حزب الله"، فيما عون سلّم الأمر السوري إلى الحزب، ومن هنا فإن شد الحبال بين حليفين متخاصمين دوماً سيبقى مستمراً، ويسجّل برّي فيه إنتصارات تلو الأخرى، منذ "اللقاء الأرثوذكسي"، إلى التمديد للمجلس النيابي، والتمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي والآن معركة التعيينات الأمنية.
 

يكاد برّي السياسي الوحيد الذي يجهر بتأييده التمديد في حال عدم القدرة على تعيين البديل، وأمام عون خسارة جديدة منتظرة، سيكون برّي هو صاحب الفضل فيها، فالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي آت، وكذلك التمديد لرئيس الأركان اللواء وليد سلمان، أما في معركة تعيين مدير للمخابرات فتبدو حظوظ عون منعدمة أيضاً، وسط كل هذه الأفعال التي يجيد تجييرها رئيس حركة "أمل" لصالحه، يستمرّ عون في حروبه الكلامية والتصعيدية، وليس قادراً على فعل شيء، سوى استدعاء بعض المناصرين إلى حديقة منزله، وآخر مشاريع هروبه إلى الأمام الذهاب إلى إجراء إستطلاع للآراء حول أحقية الزعيم المسيحي في الترشح إلى الإنتخابات الرئاسية، وهذا الأمر ليس في نظر برّي إلّا مراهقة لا تغني ولا تسمن.
 

يجيد برّي سياسة التسويات، كثيرون يطلقون عليه لقب "رجل كل المراحل"، يمرر في هذه المرحلة كل الأمور قدر الإمكان، لكنه أفضل من ينتظر التبديلات والتغييرات، يعمل بصمت، ويحقق ما يريد، وعلى الرغم من كل تسوويته ووسطيته، فإن التمايز يبدو واضحاً عن "حزب الله" كما عن عون في لبنان كما في سوريا، فبري أيضاً يضع عينه على الإرث، وهو الذي يجيد دوماً جني ثمار أخطاء غيره وخصوصاً على المدى الطويل.