ملف التعيينات .. حلف ثلاثي يجهض أحلام عون

ربيع حداد
الجمعة   2015/06/05
بري - الحريري - جنبلاط سحبوا من يد عون القدرة على شلّ الحكومة (المدن)

وضع النائب ميشال عون في الزاوية. ما كان يخشاه حصل، وما شحذ همم مناصريه لمواجهته، ومحاولة تفاديه تم، فيما هو يقف عاجزاً عن القيام بأي خطوة كردة فعل أو تعيد اليه تحسين شروطه، وتحقق له ما يتمناه.

أصيب عون بخسارة كبرى في السياسة. كل التصعيد السابق والحالي لم ينفع. وإصراره على تعيين قادة أمنيين وعسكريين جوبه بحلف ثلاثي أفقده أي قدرة على التعطيل وإن كان مدعوماً بحلفائه.


بسلاسة، ومن دون فتح اشتباك مباشر، كان الثلاثي الرئيس سعد الحريري، والنائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري يهندسون كيفية اخراج التمديد من دون استدراج مشكلة مع عون.


لم يتلق عون الصفعة بصمت، جميع نوابه ووزرائه والمحيطين به أطلقوا سهامهم على الحكومة والأفرقاء، وعلى الأرجح فإن خياره اللجوء الى الجمهور قائم ويكاد يكون الوحيد من أجل التعبير عن رفض ما جرى، ويكون بمثابة محاولة لتجنّب الأسوأ عند استحقاق انتهاء ولاية قائد الجيش، لكن التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي يعني تلقائياً التمديد لقائد الجيش وهنا مربط الفرس بالنسبة لرئيس "التيار الوطني الحر".


سهام العونيين لم تصب الحكومة سوى في الإطار الكلامي، ذلك ان مفاعيل تفجير الوضع الحكومي سحبت من يدي عون سياسياً، فلم يعد قادراً على الإستقالة ولا على الاعتكاف، وبالتالي فإن الجلسات ستبقى قائمة، بفعل تشكل هذا الحلف الثلاثي الذي بدأ بتنسيق خطواته باكراً وفق ما تشير مصادر "المدن"، والأفرقاء الثلاثة أي تيار "المستقبل" وحركة "أمل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" بالتعاون والتنسيق مع رئيس الحكومة تمام سلام كان همهم الأساس حماية الحكومة من أي خطوات أو تداعيات قد تؤدي الى الاطاحة بها أو تعطيلها.


وتشير مصادر "المدن" إلى بداية الاتصالات التي افتتحها عون بجولة على مختلف القيادات قبل حوالى الشهرين للمطالبة بتعيين قائد جيش جديد عند انتهاء ولاية القائد الحالي وضرورة تفادي التمديد، في حينها طرح عون فكرته، فلم يعارضه أحد عليها، لأنها سليمة ومنطقية، في مرحلة ثانية حاول عون طرح اسم قائد فوج المغاوير شامل روكز لتولي القيادة فكان جواب الحريري أولاً أنه لا مانع من ذلك، لكن على عون استمزاج رأي جنبلاط الذي أيضاً لم يعارض وأبدى موافقته مع النصيحة بالوقوف عند رأي الرئيس برّي وهو بدوره أبدى ترحيباً مرفقاً بضرورة حصول الإجماع على ذلك.


تغيّر مسار الأحداث في ما بعد، أصبح الوقت داهماً، ولم يوقف عون اتصالاته التي أرفقت بتهديدات عديدة حول الحكومة واستمراريتها، فكانت تصله الردود بأن التعيين أساس أما في حال عدم القدرة على إنجازه فلا بد من التمديد لتجنب الفراغ. هنا بدأ عون استشراف المكيدة، فرفع سقفه التصعيدي.


لم تتوقف محاولات احتواء عون ، بل زاره وزير الداخلية نهاد المشنوق في الرابية حاملاً معه سلة حلّ لمسألة التعيينات، وهذا ما تعتبره المصادر الفخ الأكبر، اذ اقترح المشنوق بعد اشادته بمواقف عون الوطنية وحرصه على البلاد، مبدأ التجزئة، اي التعيين في كل موقع في موعده المحدد ما رفضه عون من دون فقدان الأمل. أكثر من ذلك طرح جنبلاط مبادرة شاملة للخروج من الأزمة على رأسها تعيين روكز قائد للجيش وتسهيل انتخاب رئيس توافقي لكنها رفضت.


وبالقرار الذي اتخذه المشنوق بالتمديد سنتين للواء إبراهيم بصبوص وتعيين قادة وحدات، يكون بذلك قد أجهض حلم عون كلياً بتعيين روكز قائداً للجيش، اذ تشير المصادر أن التمديد يحصل فقط لرأس هرم المؤسسة أو المسؤولين بالمراكز الحساسة، كمدير المخابرات ورئيس الأركان، وهذه الاستثناءات لا يخضع لها وضع روكز، اذ أنه بانتهاء ولايته من المفترض أن يعين قائد الجيش مكانه كقائد لفوج المغاوير وهذا لا يحتاج لا لرئيس ولا لمجلس وزراء ولا حتى لقرار وزير لأنه قرار اداري عادي. وتقول المصادر إنه طالما عين وزير الداخلية قادة وحدات فهذا يقطع الطريق أمام محاولة التمديد لروكز في موقعه.


هكذا يكون الحلف الثلاثي أجهض حلم عون، بسلاسة وسحب من يده شلّ الحكومة، إذ أنه في حال استقال وزراؤه، ووزراء "حزب الله" و"الطاشناق" فإن الحكومة لا تفقد الثلثين ولا تفقد الميثاقية وبالتالي تبقى قائمة، وكذلك فإنه لن يستطيع الاعتكاف لأن الحكومة تبقى متمتعة بكامل صلاحياتها لاتخاذ القرارات، ما يستطيع فعله فقط وفق ما تشير مصادر "المدن" هو عرقلة لبعض الوقت بسبب طرح موضوع التعيينات، أما في النهاية فلن يستطيع التعطيل أبداً لأن هناك قرارات ومراسيم سيكون وزراؤه أول من هم في حاجة الى إقرارها.