القلمون تستعد لحرب "حزب الله" – "جيش الفتح"

ربيع حداد
الأحد   2015/05/03
من جرود بريتال سينطلق "حزب الله"

تتأهب كل الأطراف لخوض معركة القلمون. حاول "حزب الله" تأجيل الحرب، ليس لأنه لا يريدها، بل لأن الظروف الحالية، لا تبدو مؤاتية له، لكن على الرغم من ذلك ثمة ثلاثة أهداف مرتبطة ببعضها البعض تدفع الحزب إلى دخول المعركة، وإن كان الدخول حذراَ ومكلفاً. الهدف الأول استعادة زمام المبادرة ورفع المعنويات بحثاً عن نصر بعد هزائم، والثاني تشتيت قوى الفصائل المعارضة في جرود القلمون لمنعها من التقدم بإتجاه القرى القلمونية التي سيطر عليها الحزب والجيش السوري قبل أكثر من سنة، أما الهدف الثالث والأهمّ هو حماية الطريق الدولي الذي يربط دمشق بحمص وصولاً إلى الساحل السوري، وهي الطريق التي دفع "حزب الله" والنظام مئات القتلى والجرحى من أجل تأمينها.

 

يبدو المشهد وكأن الحزب يستدرج استدراجاً إلى المعركة، الظروف ضغطت عليه، وهو لم يكن يريد الدخول في حرب يدفع فيها تكاليف كبيرة، فيما نتائجها غير محسومة لصالحه، لكن وفق معلومات "المدن" فإن خطوة الفصائل المعارضة في القلمون وتوحيد قواها وإنشاء غرف عمليات مشتركة لإطلاق عملية تحرير قرى القلمون، حتّم تدخّل الحزب لإعاقة ذلك، وتشتيت قوى المعارضة وإلهائهم، لمنع وصولهم إلى القرى، على الرغم من أنه، حاول مراراً، وفق ما تشير مصادر مقرّبة لـ"المدن"، تجنّب تلك المعركة عبر مفاوضات لخروج المقاتلين من المنطقة، إلّا أنهم رفضوا ذلك، وأكدوا أنهم يريدون القتال حتى تحرير المناطق التي سيطر الحزب عليها.

 

كل الأجواء تشير إلى أن المعركة تقترب. حشد "حزب الله" آلاف الشباب للمشاركة، وسينطلق من جرود بريتال، ونحلة، لتأمين، وفق مصادر "المدن"، خطّ حماية لإمداده التسلّحي من سوريا إلى لبنان، ومن أجل نقل سلاحه النوعي وهو عبارة عن صواريخ متطورة وبعيدة المدى، الأمر الذي يعزز أن الإنطلاقة ستكون من جرود بريتال ونحلة.

 

في الجانب السوري تتحضّر فصائل المعارضة، وفيما كان من المفترض أن تعلن معركة تحرير القرى القلمونية سابقاً، أجّلت هذه الخطوة حتى تبلور مآلات الأمور، بالتزامن كانت تعلن تشكيل مجالس عسكرية موحّدة، سعياً وراء تشكيل جيش الفتح في القلمون، الذي سيعلن عن تشكيله قريباً، وفق ما يشير أحد قيادات الفصائل المنضوية في جيش الفتح لـ"المدن".

 

 ويقول "أبو قتادة"، أحد قيادات المجلس العسكري لـ"جيش الفتح" في القلمون، لـ"المدن" أن الإئتلاف الجديد "سيضم جبهة النصرة، أحرار الشام، لواء نسور دمشق، لواء الغرباء، ورجال القلمون وتجمّع "فتح القلمون" الذي يحوي كل مجموعات الجيش الحر"، مضيفاً أن ذلك سيكون بقيادة واحدة.

 

وبالنسبة لمقاتلي "جيش الفتح" فإن هدف المعركة، وفق مصادر "المدن"، هو إعادة اللاجئين إلى المنطقة، مؤكدين أن هدفهم الوحيد هو القلمون وليس المناطق اللبنانية، بل يريدون العودة إلى مناطقهم وبيوتهم.

 

في المقابل يستمرّ "حزب الله" بحملته التعبوية في صفوف مناصريه، والأكيد بحسب مصادر قريبة منه، انه لن يدخل إلى عمق الجرود لأن المعركة ستكون إستنزافية وطويلة وحسمها غير مؤكد، لذا فسيكون الإنتشار مركزاً في الجرود اللبنانية مع إمكانية الدخول أكثر في أماكن معينة ولكن بحدود، فالمهم في تلك المنطقة بالنسبة للحزب هو الربط بين جرود بريتال ونحلة وتلّة موسى في جرود رأس المعرّة مع تلّة الثلاجة في جرود فليطا، إذ يكون بذلك قطع أوصال الجرود على المعارضين ومنعهم من الدخول إلى القرى القلمونية، هاتان التلّتان كانت جبهة النصرة قد سيطرت عليهما في السابق، إذ يؤكد أبو قتادة أن تلك النقطتين كانتا في السابق خطّ التماس، أما اليوم  فقد أصبح خط التماس بعيداً عنهما حوالى الخمسة كليومترات، معتبراً أن الحزب والنظام في حالة دفاع وليس في حالة هجوم.

 

مع دخول "جيش الفتح" تغيّرت الأمور كثيراً في الجرود القلمونية، يشير أبو قتادة إلى أن أمورهم تحسّنت عدّة وعديداً، إذ أنشئت معسكرات مشتركة بين جميع الفصائل، كذلك النصرة طوّرت نفسها، وأصبح لديها أربعة معسكرات يتسع كل واحد منها ل250 مقاتلاً بالإضافة إلى خمسة معسكرات لتنظيمات أخرى، ويقدّر الأعداد بخمسة أو ستة أضعاف عن السابق، فيما يعتبر أن الحزب أصبح في حالة من الضعف على عكس حاله أو دخوله إلى سوريا.

 

المعركة تقترب، لا أحد يريدها وفق ما ستجري عليه، المقاتلون المعارضون لا يريدون الإتجاه صوب الأراضي اللبنانية، و"حزب الله" لا يريد أن يغرق أكثر، لكن سيطرة المعارضين على القلمون تدفن كلّ ما بذله منذ ثلاث سنوات، هذا ما يضطره لدخول المعركة، لكن وفق التقديرات فهو لن يدخل إلى العمق بل يريد تشتيت قوى المعارضة من الشريط اللبناني المحاذي لمنع دخولهم والسيطرة على الطريق الدولي الذي يربط بين دمشق وحمص والساحل.