انتخابات الرئاسة تُنجزها "الحرب على الإرهاب"

منير الربيع
الإثنين   2014/09/15
ينتظر لبنان لعبة عض الأصابع الدولية (تصوير: علي علوش)

ينتظر لبنان على ناصية التحولات الدولية والإقليمية، ضربات جوية للدولة الإسلامية وتحجيم لدور الجمهورية الإسلامية، وبين الخطيّن المتلازمين يدفع لبنان ثمن إستسلام اللبنانيين للوضع القائم، بموازاة ربط إيران حلحلة الأزمات اللبنانية بفتح التواصل المباشر مع الولايات المتحدة لإنجاز التسوية، وعدم الإستعداد الإيراني للعمل على إنجاز هذه التسوية مع المملكة العربية السعودية تزامناً مع ما يرافقه من موقف سعودي متمهل في لبنان مع الحفاظ على الإستقرار، إنطلاقاً من التفكير السعودي بأن إيران تضعف مع مرور الزمن، فالإنتظار سيكون في صالح السعودية لبنانياً.

تشير مصادر ديبلوماسية أوروبية لـ"المدن" إلى أن هناك مبادرة دولية من أجل حلحلة العقد في لبنان، بدأت من واشنطن وفرنسا، وأرفقت بجولة جديدة لكل من السفيرين الأميركي والفرنسي في لبنان على عدد من الشخصيات السياسية من أجل إبقاء الموضوع الرئاسي موضع تداول لتحيّن الفرصة المناسبة وإنتخاب الرئيس المناسب لهذه المرحلة.

على هامش قرع طبول الحرب في المنطقة والتي يترقّبها كثيرون ويقرأون بأنها ستغيّر ملامح المنطقة، فإن الوضع في لبنان مرتبط بها بشكل أو بآخر، ولذا فإن هذه المبادرة تسير يوماً بيوم، لكن لا شيء جديداً حتى الساعة بإنتظار ما سيحصل عملياً على الأرض، أي يجب فرض نتائج على الأرض بين داعش والنظام السوري، والتغيير يبدأ من تغيير المعادلة العسكرية على الأرض في سوريا والعراق، وقد بدأ هذا المنحى في العراق وهو الخط القريب من ولاية الفقيه التي لم تستطع حماية مناطقها.

يقول الديبلوماسي: ربطاً بما سيجري في العراق، فمن المنتظر الإنتقال إلى سوريا والتي بطبيعة الحال ستؤثر مجريات الأمور فيها على لبنان. حالياً لا أحد يستطيع تحديد أفق هذه المبادرة قبل البدء بعمل عسكري في مناطق وجود داعش لمعرفة ما هو منحى الأمور، وكيفية إتجاهاتها التي بالتأكيد ستبدأ بالظهور بعد أيام على إنطلاق الأعمال العسكرية وحينها سيترافق السعي الحثيث في لبنان للإتجاه إلى تسوية رئاسية نيابية على قاعدة التوافق.

لكن لا شيء محسوماً حتى الساعة، تؤكّد المصادر الديبلوماسية، وتضيف: قد ينجح هذا التوجه والحراك على خطّ التوصّل إلى توافق رئاسي وقد لا ينجح. هناك حراك يجري وهناك جدران يجب أن تهدم كي تعبّد طريق الرئيس العتيد إلى بعبدا، والهم الأساسي بالنسبة للمجتمع الدولي هو التوافق على رئيس للحفاظ على الإستقرار وإستمرار عمل المؤسسات، لذلك فإن الدول الغربية لا تؤيّد أحداً ولا تضع فيتو على أحد، وهذا ما يتجلّى في الحراك الثلاثي الذي يقوم به كلّ من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي الذي زار إيران وبحث موضوع تسهيل إنجاز الإستحقاق الرئاسي على قاعدة توافقية، والسفير الأميركي ديفيد هايل الذي يستكمل جولته على القيادات وقد التقى النائب وليد جنبلاط الأسبوع الماضي بعيداً من الإعلام حيث جرى التداول في صيغة للخروج من الأزمة وبالتأكيد كان الإتفاق على مرشّح توافقي، إضافة إلى حراك السفير الفرنسي. وهنا تقول مصادر مطّلعة على مجريات المفاوضات لـ"المدن" إن البحث يتناول بعض الأسماء التوافقية، ومنها غير المتداولة، لكن الأمور تحتاج إنتظار نضوج الطبخة.

حتى الساعة لا شيء واضحاً، في ارتسام المشهد الإقليمي القوتان البارزتان أي السعودية وإيران ما زالتا على مواقفهما، تتواجهان وتتقابلان ولذلك لا جديد بعد على الصعيد اللبناني وقبله السوري، من هنا يأتي التعويل على إنتظار الإطار الذي ترسمه الولايات المتحدة وما سينتج عنه، خصوصاً أن الجميع سيلعب تحت سقف هذا الإطار، وبحال إسقاط هذه المعادلة على الداخل اللبناني فلا يخفي سفير دولة أوروبية لـ"المدن" أن إيران هي التي تعرقل هذا الإستحقاق لأنها تريد من واشنطن الحديث معها حول الإستحقاق الرئاسي كي تلعب بتميز ضمن هذا الإطار، لكن الأميركي غير مهتم بالموضوع إلى هذه الدرجة، لذلك يصرّ على الدعوات إلى إنتخاب رئيس مدعومة بتحرّك السفير ديفيد هيل.

لعبة عضّ الأصابع مستمرة، يتلخّص الإهتمام في الحفاظ على الإستقرار، وفي ظل خسارة الإيراني لقبضته المطلقة على العراق، وغموض الصورة في سوريا إلى الآن، لذلك فهو غير مستعدّ للتنازل عن الورقة اللبنانية القوية في يده إلّا في مقابل المقايضة على أمور أخرى كبيرة ومهمة في المنطقة.