موارنة 14 آذار

أيمن شروف
الجمعة   2014/04/18
من مناسبة "جامعة" (علي علوش)
اقترب موعد الإستحقاق الرئاسي. الأربعاء، 23 نيسان، يبدأ الجد. 
حلم الوصول إلى الموقع الماروني الأوّل، قد يُبدد أحلام "الدولة" وينهي شعارات كبيرة، خطها البعض على أساس أنها كُل ما يرجو في رحلة عبوره إلى لبنان الوطن. إشارات كثيرة، كبيرة، تجعل من المسيحيين، وتحديداً من هم تحت سقف 14 آذار، وقوداً لإعلان نهاية مرحلة مواجهة ما سمّوه "هيمنة" حزب الله. 
 
عندما قرّر سمير جعجع إعلان ترشّحه إلى انتخابات رئاسة الجمهورية، لم يستشر أحداً. اعتبر أنه الأقوى، وأنه من موقعه المسيحي، يستطيع أن يُقرّر عن المسيحيين. منطقياً، هو الأقوى في الشارع المسيحي من ناحية 14 آذار. لكنه، تفرّد في اتخاذ قرار يعني كل هذه القوى. هنا، لا يُمكن الحديث عن ديموقراطية، طالما أن المعركة مع الخصم لم تنته. يحق لجعجع الترشّح وفق المصلحة العامة لفريق بأكمله، لكن سياسة الفرض في ظرف دقيق، قد لا تكون الخيار الأنسب. 
 
المعزوفة المكررة دائماً: نحن قوى قد تختلف وتتفق وهذا غنى لنا، يُبعدنا عن الأحادية. هذا الكلام، يأتي من باب تبرير عدم الإتفاق، وفي حالة الترشح إلى الرئاسة، يأتي في سياق طمس حقيقة عدم قدرة الإتحاد لمصلحة الجماعة على حساب مصلحة الأفراد. بغض النظر عن الموقف من الترشح، كان يُمكن لجعجع أن يكون مرشّح إستعادة وحدة الصف، لا مرشّح إعلان نهاية "قوى الإستقلال". 
 
الأدهى في مشهد معركة الرئاسة، ما يفعله حزب الكتائب. ساعات على إعلان جعجع برنامج الرئاسي، يخرج وزير كتائبي ليرد: أمين الجميل هو المرشح الدائم. هنا، لم يعد للديموقراطية مكان. هذا خبث سياسي. عاد المورانة في 14 آذار إلى مرحلة الإلغاء. حرب تحت الطاولة وفوقها، ولها تُسخّر كل أدوات الإنتصار. لكن، في الواقع لا انتصار قد يكون للجميل. إذاً، هي معركة ضد الماروني الآخر، أكثر مما هي للوصول إلى سدة الرئاسة. كل ترطيب الأجواء المُعلن، لا يُخفي نوايا الإقصاء وحرب "الإلغاء". 
 
المُسلمون في 14 آذار، يرمون كرة النار في ملعب المسيحيين. هم، الأكثر حرجاً ورمادية، يجدون طريقهم للتملّص من الموقف، بما يفعله الموارنة أنفسهم، ببعضهم البعض. يجد المسلمون في واقع الإحتراب الماروني سبيلاً من أجل الهروب إلى الأمام وتفادي حائط "المرشح القوي"، المرفوض دولياً وعربياً. المرفوض من مواقع القرار "الإسلامي"، في زمن التوافق الأكبر، لاسيما على تحييد لبنان. 
 
وعليه، يُمكن وضع النائب روبير غانم في خانة المنتظرين. في الاستحقاقات النيابية يرفع لواء 14 آذار عالياً. بعدها، يُصبح ملك التوافق وصانعه. هو المحب لجميع اللبنانيين، والقادر على التواصل مع الخصوم أكثر من قُدرته على دعم الحلفاء. هكذا، وعلى مبدأ الديموقراطية، يستمهل غانم ساعة الإنقضاض على الحلم، في ليلة تسووية بامتياز. إلى ذلك الوقت، للرمادية أن تستمرّ. نموذج عن مدى اختلاف قوى 14 آذار. اختلاف لا علاقة له بوجهة نظر، بقدر ما هو مبنيّ على انتهاز الفرص. 
 
كذلك، يأتي بطرس حرب، المرشح الدائم أيضاً. يرمي جعجع بسهامه من بعيد، قبل أن يعود ويدعمه في الدورة الأولى، وللدورات اللاحقة أن تعود إليه برد جميل. على هذا الأساس، تفقد التعددية في البيت الماروني داخل 14 آذار قيمتها. تضيع الدولة والأحلام والجمهورية على أعتاب رئاسة الجمهورية. هذا مشهد، يسمح لإميل رحمة مثلاً أن يكون منافساً، وفي الحد الأدنى مُحجّماً لمن يقول إنه يُمثل طموح بناء دولة، يستحقها اللبنانيون. يا لسعادة حزب الله.