أميركا تُفضل الرئيس التوافقي

حسين عبد الحسين
الثلاثاء   2014/04/01
المرشحون الرئاسيون في لبنان كُثر، وللولايات المتحدة الاميركية علاقة مع معظمهم منذ فترة طويلة، على الرغم من ان اثنين منهم فقط نشطا في السنتين الاخيرتين لحشد التأييد الاميركي.  
 
النائب ميشال عون ارسل صهره وزير المالية، النفط سابقا، جبران باسيل، الى واشنطن. كذلك زار العاصمة الاميركية، من التيار العوني، الصحافي جان عزيز. الرجلان عملا على اقناع الاميركيين بأن مصلحة واشنطن تكمن في انحيازها للعونيين وفي تأييدها انتخاب زعيمهم رئيساً.
 
لعون قنوات اخرى مع الاميركيين داخل لبنان، مباشرة او عن طريق سياسيين مسيحيين من صفوف تحالف ٨ آذار يتمتعون بعلاقات وطيدة وقديمة مع السفارة الاميركية في بيروت وكبار ديبلوماسييها. هذه العلاقات العونية مع السفارة ادت الى ما يشبه انحيازاً ديبلوماسيا أميركياً لقائد الجيش السابق، على الرغم ان الكلمة الفصل ليست في السفارة، وإن كانت واشنطن تكرر انها لن تتبنى ابداً أي من المرشحين دون الآخر. 
 
المرشح الرئاسي الثاني هو الرئيس السابق أمين الجميل، الذي زار واشنطن مرتين على الاقل في السنة الاخيرة، وارسل موفدين من قبله، وطلب من مؤيديه، في بيروت وفي واشنطن، الحفاظ على تواصلهم مع الاميركيين من اجل اقناعهم بتبني ترشيحه، وربما تعميمه على حلفاء اميركا الاقليميين في المنطقة.
 
وبين باقي المرشحين الرئاسيين في لبنان من يتمتع بقنوات مع الاميركيين عن طريق ديبلوماسيين لبنانيين يعملون او سبق ان عملوا في العاصمة الاميركية. على ان هؤلاء لم يشنوا حملة للحصول على التأييد الاميركي كالتي قام بها كل من عون والجميل.
 
ما هو الموقف الاميركي من انتخابات الرئاسة في لبنان؟ 
الاعتبار الاميركي الأول هو اجراء الانتخابات في موعدها، أو حدها الاقصى المقرر في ٢٥ ايار المقبل، اذ ان واشنطن تعتقد ان اي فراغ في لبنان، إن كان في موقع الرئاسة او الحكومة او مجلس النواب، هو أمر سيء، ومن شأنه ان يسمح بحدوث فوضى أو أن يؤدي الى المزيد من التعقيدات السياسية التي تنعكس بدورها سلبا على الاوضاع الامنية في لبنان.
 
اما الاعتبار الاميركي الثاني فيقضي بضرورة احترام الدستور، وعدم الموافقة على اي تمديد او تجديد للرئيس ميشال سليمان، لا لأن واشنطن ترى مشكلة في سليمان نفسه، اذ على العكس، يعتقد غالبية المسؤولين الاميركيين ان سليمان قدم افضل اداء رئاسي بالنسبة للامكانات المتوفرة لديه والظروف التي رافقت ولايته، لكن اميركا تعتقد ان احترام الاعراف الدستورية ومواعيدها يقع في صلب انتظام عمل الديموقراطية اللبنانية.
 
الاعتبار الأميركي الثالث هو ضرورة وصول رئيس يتمتع بموافقة غالبية الاطراف اللبنانية الفاعلة، ولا يؤدي انتخابه الى اثارة جدل او مقاطعة او توترات امنية، ما يعني على سبيل المثال في حالة عون، سيجد الجنرال اللبناني نفسه مضطراً للحصول على موافقة وتأييد أخصامه السياسيين من السنة والدروز.
 
اما الاعتبار الاميركي الاخير، فهو وصول رئيس لبناني يتوافق مع السياسة الاميركية في لبنان، وهي التي اصبحت مقتصرة على دعم مؤسسات الدولة اللبنانية، وفي مقدمتها الامنية كالجيش اللبناني وقوات الامن العام والداخلي، والعمل على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، بما فيها الصراع السوري.
 
الاعتبارات الاميركية لا تشي بأن واشنطن تبحث عن مرشح معارض لحزب الله او مطالب بنزع سلاحه تطبيقا للقرارين الدوليين ١٥٥٩ و١٧٠١، على غرار ما درجت عليه السياسة الاميركية في الماضي. جل ما ترجوه الولايات المتحدة هو خروج حزب الله من النزاع السوري بهدف تحييد لبنان، ومن ثم مساعدة اللبنانيين في التعامل مع ازمة اللاجئين والازمات الاخرى الناتجة عن الصراع السوري والسابقة لاندلاعه.
 
هذا يعني ان واشنطن لا تعارض المرشحين، حتى اقرب المقربين من "حزب الله" او الرئيس السوري بشار الاسد، مع انها تفضل رئيسا يؤيد تحييد لبنان وحياده، في سوريا وفي المنطقة عموما.
 
وهذا يعني ايضا ان الولايات المتحدة مستعدة للتعامل مع غالبية المرشحين في حال انتخابهم، من سمير جعجع وميشال عون وامين الجميل الى سليمان فرنجية وبطرس حرب وجان عبيد وروبير غانم وسائر المرشحين الرئاسيين اللبنانيين الدائمين.