عرسال - يبرود: موعد جديد مع المأساة

جوني طانيوس
الثلاثاء   2014/02/18
15 آلف نازح جديد (أحمد شلحة)
اعتاد أهالي بلدة عرسال الأصوات الناجمة عن المعارك في الداخل السوري. في الأيام الأخيرة إرتفعت حدة هذه الأصوات، على وقع  موجة نزوح سوري كثيف، من المتوقع أن تشتد وتيرتها في الأيام المقبلة. الأهالي يدقون ناقوس الخطر بعدما فاق عدد السوريين أضعاف أعدادهم، في ظل تمسكهم برفع لواء حسن الضيافة حيال جيرانهم الهاربين من بطش المجرمين، كما يقولون. 
 
أعلن النظام السوري ومعه حزب الله اللبناني معركة تحرير آخر معاقل الثوّار في القلمون وتحديداً في يبرود كي يبسطا سيطرتهما على الحدود مع لبنان، بعد ان كانت عرسال معبراً للسوريين الهاربين من الموت، كما معبراً لإمداد الثوّار بالعتاد.. ولا شكّ أن المعارك التي بدأت في المدينة وما حولها، ستؤثر على عرسال، وهذا ما بدأ يحصل بفعل موجة النزوح الجديدة هرباً من المعركة. 
 
منذ التاسع من شباط الحالي، نزح إلى عرسال نحو 10 آلاف سوري مُسجلين رسمياً أو ينتظرون تسجيلهم لدى الجهات المعنية، أيْ ما يعادل الألفيْ عائلة، وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. هؤلاء أتوا من بلدات يبرود وفليطة والجراجير والسحل في ريف دمشق. هذه الموجة من النزوح لم يستغربها العرساليون بعد الانباء عن العمليات العسكرية الشرسة على هذه المناطق، وتحديداً يبرود. وكانت البلدة البقاعية شهدت لهذا النزوح مثيلاً، عندَ دخول الجيش السوري إلى قارة والنبك ودير عطية وغيرها. 
 
وعلى مشاهد النازحين وهم يفترشون جوانب الطرق ـ مع حاجياتهم ـ بانتظار تأمين سقف يحميهم، تدور الأحاديث بين أهالي عرسال عن معركة يبرود وتداعياتها. يرى كثرٌ أن البلدة لم تعد تحتمل، خصوصاً وأن عدد السوريين فاق 70 ألفاً فيما الأهالي عددُهم 40 ألفاً فحسب. يتحدث أبناء البلدة عن قلة فرص العمل والأوضاع الحياتية الصعبة في عرسال، وبالتالي عدم قدرتهم على إيواء سوريين في منازلهم. أما الصالات والمساجد فامتلأت، وربما يكون الحل بمزيد من الخيم، بحسب الأهالي. 
 
ورغم هذه الأجواء، ما زالت المنظمات العاملة على الأرض في عرسال، كالهيئة الدنماركية لإغاثة اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمية، تقدم المواد الأساسية للسوريين عند تسجيلهم وهي الفرش والطعام وأدوات التنظيف. وإذا كان كل هذا مدروسًا ومنظماً ويتم بالتعاون مع البلدية وبإشراف من مفوضية اللاجئين، التي تعمل بدورها تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن الجميع متفق على أن مسألة المأوى هي الهم الأكبر والنقطة الأصعب.
 
وفي السياق، يؤكد نائب رئيس البلدية أحمد الفليطي أن البلدة تعاني لأنها محاصرة بحجة تمرير إرهابيين ومتفجرات من سوريا عبر أراضيها، ويتم التضييق على أبنائها من الجيش وحزب الله. "هذا الأمر يزيد من حرمان وعوز أهلنا وشعورهم بالتمييز، والمطلوب ضبط الجيش للحدود كي لا يتم إلباس البلدة ثوب الإرهاب". 
 
من جانب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تبدو الصورة أفضل نوعاً ما. ترى المفوضية أن وضع عرسال جيد وإيجابي نسبياً، والبلدية فيها متعاونة وكذلك الأهالي، مع اعترافها بأن مسألة المأوى ما زالت شائكة. وتشرح عضو الفريق الإعلامي في المفوضية جويل عيد أن المنظمة جهّزت مخزوناً من الطعام والمواد الأساسية، تحسباً لأي موجة نزوح لعرسال.  
 
"نعلم أن السوريين يفضلون البقاء في عرسال لأنها الأقرب في حال أرادوا العودة، ونعلم أن هذه المناطق تعاني الفقر وتختنق بمن فيها"، تضيف عيد، "ولذلك أحد أهم أهدافنا مساعدة المجتمعات المضيفة عبرَ إعادة تأهيل بعض المنازل أو دفع إيجارات، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية". 
 
عرسال إذاً ضربت موعداً مع أعداد إضافية من اللاجئين السوريين الجدد، ومعركة يبرود السبب. صحيح أن الجهات المعنية متأهبة للتعاطي مع الوضع، لكن عوامل كثيرة تفرض نفسها وتُؤزم المشهد، وفي طليعتها الملف الأمني. ويختصر أحد المواطنين الصورة قائلاً: "عرسال في الأساس تغلي، والله يستر".