موسكو ترصد الإهتمام الأميركي بسوريا

بسام مقداد
الثلاثاء   2023/03/28

أنباء الصدامات الأميركية الإيرانية الأخيرة في شرق سوريا، وكما العادة، بدت سوريا غائبة فيها، وحضرت أرضاً للنزاع ليس عليها، بقدر ما هو على النفوذ في المنطقة. وكان لافتاً حرص الأميركيين والإيرانيين على الظهور المباشر في الصورة، دون التمويه خلف وسائط كل منهما على تعددها. كل من الطرفين تسلح بمفهومه للإرهاب ليعلن عزمه على مواصلة الإشتباك  دون أن يبلغ الحرب الشاملة بينهما.

لم يكن من الصعب معرفة موقع روسيا إلى جانب إيران في هذا الإشتباك. فعلى الرغم من محاولة  الحيادية في نقل أنباء الحدث، إلا أن صورة إيران برزت في الإعلام الروسي الموالي الطرف المنتصر المدافع عن إستقلال سوريا بوجه "الإحتلال لأميركي". واعتمد البعض من هذا الإعلام صيغة النقل عن مواقع إعلامية أجنبية، حيث تتطابق سردية بعضها مع سرديته. فقد نقل موقع topwar.ru الدائر في فلك وزارة الدفاع الروسية عن قناة تلفزة لبنانية قولها "مجهولون يوجهون ضربة صاروخية لقاعدتين عسكريتين أميركيتين في شرق سوريا". تقول القناة أن مجهولين وجهوا حوالي 20 صاروخاً للقاعدتين الأميركيتين عند حقلي النفط "عمر" و "كونيكو"، و "أفادت أنباء عن إصابات جزئية للذخيرة في موقع القاعدتين". وتضيف أن الأميركيين لم يعلقوا "حتى الآن" على ما جرى، ولذا ليس من إمكانية للحديث عن دمار وضحايا بشرية. كما ليس من معلومات عمن وجه الضربات للأميركيين، وإن كان لا معنى للتخمين، حيث تتواصل المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران. ومنذ فترة قريبة وجه العسكريون الأميركيون في سوريا سلسلة ضربات للتشكيلات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وأعلن البنتاغون أن الضربات هي رد على هجوم مسيّرة إيرانية على القاعدة العسكرية. 

لاينسى الموقع أن يشير في ذيل النص إلى لا شرعية وجود قوات "التحالف الأميركي" على الأرض السورية، حيث تسيطر على حقول النفط الكبيرة في دير الزور والحسكة والرقة. ولا تنوي الولايات المتحدة الخروج من هناك، حيث السيطرة على النفط يمنحها إمكانية إستخراجه "غير الشرعية" وبيعه. وسبق أن أعلنت واشنطن أن للولايات المتحدة "منطقة مصالحها" في سوريا.  

موقع mriya.news الناطق بإسم منظمة لمساعدة اللاجئين الأوكران في براغ، نقل في 25 الجاري سردية مطبوعة لبنانية عن الحدث في شرق سوريا. يقول الموقع بأن صحافيي المطبوعة لا يساورهم الشك بأن الضربات للقواعد الأميركية قد تمت بالتنسيق بين إيران وروسيا. ورأت المطبوعة أن الضربات قد تم توجيهها بعد أن إخترقت الطائرات العسكرية الروسية أكثر من 20 مرة المجال الجوي فوق قاعدة التنف الأميركية في سوريا. أما الضربات على القاعدة الأميركية الأخرى والمطار بالصواريخ والمسيرة الإنتحارية، فقد تمت خلال الطلعات الإستكشافية للطائرات الروسية. 

يعلق الموقع على سردية المطبوعة اللبنانية بالقول بأنها إذا كانت صحيحة، فهذا يعني أن نشاط المخابرات الروسية في سوريا لصالح القوات الموالية لإيران، هو رد على نشاط المخابرات الأميركية لصالح القوات الأوكرانية. ويرى أن الضربات الأخيرة للقواعد الأميركية في سوريا تبدو تتمة لقصة تدمير المسيرة الأميركية الإستطلاعية فوق البحر الأسود. ويستنتج الموقع بأن حجم نشاط المخابرات الأميركية في أوكرانيا والروسية في سوريا غير قابل للمقارنة، كما حجم الأضرار من جانب الجيش الأوكراني والميليشيات الموالية لإيران. ويعتبر أن "المسألة السورية" تغدو شديدة الحساسية بالنسبة لواشنطن. 

ويقول الموقع بان الكونغرس الأميركي صوّت على قرار بسحب القوات الأميركية من سوريا. وينقل عن الجمهوري اليميني المتطرف مات غايتس ان الكونغرس لم يصوت يوماً على إرسال قوات إلى سوريا، مما يعني أن هذه الحرب تخالف القوانين الأميركية. ومع أن التصويت على القرار سقط بأغلبية كبيرة جداً، إلا أن تصويت ديمواقراطيين لصالح القرار يعني أنه، ومع إقتراب الإنتخابات الرئاسية، يصبح إقراره أكيداً، خاصة إذا تزايد عدد القتلى الأميركيين في سوريا.

في سياق الحديث عن تنامي حساسية الولايات المتحدة حيال "المسألة السورية"، نقلت صحيفة الكرملين vz عن الناطق بإسم البنتاغون باتريك رايدر سرديته المفصلة للحدث في شرق سوريا. وعن التصعيد المحتمل للصراع الأميركي الإيراني في سوريا، وما إن كانت الولايات المتحدة عازمة عى الرد على الضربة الثانية، قال رايدر بأنه لا يستطيع التحدث عن العمليات القادمة، وأضاف بأن الولايات المتحدة تحتفظ لنفسها بحق الرد. وبعد كلام رايدر أشارت الصحيفة إلى تصريح البنتاغون بأن الولايات المتحدة لا تسعى لتوسيع رقعة الصراع أو الحرب مع إيران بعد الضربة لقاعدة التحالف الدولي في شمال شرق سوريا. 

الموقع الأذري Media.az نشر في 27 الجاري نصاً بعنوان "جو بايدن يحتفظ بالوجود العسكري الأميركي في سوريا". وينقل عن الناطق بإسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قوله بأن مهمة الولايات المتحدة في سوريا ضد الدولة الإسلامية لم تتغير. ويضيف بأن لدى الولايات المتحدة ألف عسكري في سوريا يحاربون الدولة الإسلامية التي ضعفت، لكنها لا تزال قابلة للحياة. والرئيس الأميركي جو بايدن مقتنع كلياً بالمحافظة على هذه المهمة. ويؤكد كيربي أن الادارة الاميركية ستحمي دائماً "جنودنا ومنشآتنا".

موقع الخدمة الروسية في إذاعة "صوت أميركا" نشر في 5 الجاري نصاً بعنوان "العسكريون الأميركيون يعتبرون أن المهمة العسكرية في سوريا ضرورية كما في السابق". يشير الموقع إلى زيارة رئيس الأركان الموحدة للجيوش الأميركية مارك ميللي إلى سوريا "لتقييم الجهود المبذولة لمنع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد ووضع مجموعة من الإجراءات الاحترازية للوحدات الأمريكية، وكذلك في حالة هجمات المسيرات الإيرانية".

يشير الموقع إلى أنه في عام 2018، أوشك الرئيس السابق دونالد ترامب على إنهاء الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، لكنه تم بعد ذلك تعديل خطط إنسحاب هذه القوات.

وفي رده على أسئلة الصحافيين المرافقين له في زياته إلى سوريا، قال الجنرال ميللي إن نشر حوالي 900 عسكري اميركي في سوريا "يستحق المخاطرة". ويقول الموقع بأن الجنرال ميللي يربط مباشرة مهمة هؤلاء العسكريين في سوريا بأمن الولايات المتحدة وحلفائها. وتوجه الجنرل إلى الصحافيين بالقول "إذا كنتم تعتبرون أن أمننا مهم فإن المهمة في سوريا مهمة، أجل". وأضاف بأنه يعتقد بأن هزيمة الدولة الإسلامية النهائي ومساندة "أصدقائنا وحلفائنا" في المنطقة، هي مهمات هامة "يمكن تحقيقها". 

وبعد أن يتوقف الموقع عند الهجمات السابقة للمسيرات على القواعد الأميركية في سوريا، يقول بأن المسؤولين الأميركيين يعتبرون بأن هجمات المسيرات تنظمها الفصائل الموالية لإيران. ويرى الموقع أن ذلك يشير إلى الوضع الجيوسياسي المعقد في سوريا، حيث يعتبر رئيسها المدعوم من إيران وروسيا أن القوات الأميركية محتلة. 

كما ينقل الموقع عن قائد قوات التحالف في سوريا والعراق لمحاربة الدولة الإسلامية ماثيو ماكفرلاين قوله بأن الهجمات على القوات الأميركية هي "محاولة لحرفنا عن مهمتنا الرئيسية". ومع ذلك، أشار الجنرال إلى التقدم في محاربة الدولة الإسلامية، وخاصة في تخفيض عدد النازحين في مخيمات اللاجئين، حيث تبرز مخاطر تجنيد مقاتلين جدد في الدولة الإسلامية. والجنرال موقن بأنه سيحل وقت يتمكن فيه شركاء الولايات المتحدة في سوريا بمفردهم من التغلب على التهديدات المتبقية في سوريا.